الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مرضي النفسي جعلني حبيسا له، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أبلغ من العمر 31 سنة, متزوج, أعاني من مرض نفسي أعاق حياتي فصرت حبيسا له, فمنذ ما يزيد عن 10 سنين وأنا أشعر بعدم الارتياح والضيق, لكن رغم هذا كنت محبا للصلاة, مؤديا للفرائض, ولدي بصيص من الأمل في الله أن يعافيني مما أنا فيه.

تغير حالي منذ سنتين أو يزيد, فأصبحت حياتي جحيما, تركت الصلاة, ولم يعد هناك ما يسعدني, ولا يفرحني, أو حتى ما يبكيني؛ لأني لا أجيد البكاء, ولا أشعر بالراحة, ولا أدري ما الذي حصل لي.

استشرت الطبيب فوصف لي علاجا مكونا من پروكسيتين وزيپام, ولم يجد نفعا, ثم أعطاني پروزاك أو فليوكستين مع نرداز, ولم يغير شيئا, فأحببت أن أعرض حالتي عليكم, راجيا من الله أن أجد الحل عندكم.

أحيطكم علما أنه قد ضاقت بي السبل, فأنا مكتئب سائر اليوم, ولا أستطيع أن أفيد نفسي بشيء, وكل همي أني أريد أن أعود كما كنت, مؤديا للصلاة, محافظا عليها, وأشعر بلذة التذلل بين يدي الرحمن, وأكون سعيدا, فقد ماتت في جميع الأحاسيس, لا أحب الشر لأحد, لكن لا أستطيع أن أتذوق طعم السعادة والسرور.

عندما أنام لا أحب أن أستيقظ, لم أفكر أبدا في الانتحار, أشعر برغبة في الصراخ, أريد أن أتباكى فلا أستطيع.

سامحوني على الإطالة, فلدي الكثير لأقوله لكن أفكاري مشتتة, أرجو أن أكون قد كتبت ما يكفي لمساعدتي وإرشادي لحل مرض, وجزاكم الله خير الجزاء, وحياكم وبياكم, وجعل الجنة مثواكم, والسلام عليكم.

راجيا من الله أن تقفوا إلى جانبي في أسرع وقت، حفظكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ fouad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على السؤال.

يبدو أنك مررت بظروف صعبة في حياتك وخاصة في السنوات العشر الماضية من حياتك، ولا أدري إن كان تشخيص المرض الذي تعرضت له هو الاكتئاب أو غير ذلك، وهذا أمر هام ليتك ذكرته لنا، فتشخيص المرض يحدد طبيعة تكوره وتأثيره على حياة المصاب، ولكن يبدو من الأدوية التي ذكرتها وكأن التشخيص هو حالة من الاكتئاب.

إن الكثير مما ذكرت من الصعوبات هي من مضاعفات الإصابة ببعض الأمراض النفسية كالاكتئاب وغيرها، ولكن كثير منها ليست ضربا لازما من التعرض لها، فلا بد أولا من تأكيد التشخيص، ومن ثم توفير العلاج المناسب والدقيق وفق التشخيص، وإذا لم ينجح دواء فلا بد من استبداله بغيره، أو إضافة دواء آخر، بل إن هناك معالجات أخرى بالإضافة للأدوية النفسية كالعلاجات النفسية المختلفة، والتي يفيد أن يقدمها معالج متخصص.

واطمئن لموضوع الصلاة والعبادات، فطالما أنت حريص عليها فستتمكن من القيام بها، وكما قال لنا الرسول الكريم "إنما الأعمال بالنيات" فالنية والقصد من الأمور الهامة، والله تعالى أدرى بها, وما عليك إلا محاولة الاستمرار بإقامة صلاة الفرض، وانتظر حتى تجد من نفسك الهمة والنشاط المناسبين لتقوم بالصلوات الأخرى التي تتقرب بها إلى الله تعالى.

واضح من سؤالك أن لديك الكثير من الصفات الجميلة التي تليق بالمؤمن التقي، لأنك تحب القرب من الله تعالى وتتمنى الخير للناس، ولكت يبدو بسبب المرض النفسي والمعاناة من المضاعفات أن ثقتك بنفسك ليست على المستوى الذي يتمنى الإنسان، وربما هذا ينعكس من خلال نظرتك السلبية للأمور المختلفة في حياتك.

ربما يفيد أن تتابع مع طبيب نفسي واحد، وبحيث يشرف على العلاج، وتتابع معه بشكل مستمر، فأحيانا مضاعفات المرض أكثر ضررا من طبيعة المرض ذاته, وهذه المضاعفات تحتاج للمتابعة والرعاية والعناية، ومن هنا تأتي أهمية المتابعة مع الطبيب من خلال العيادة الخارجية.

وها هو الآن شهر رمضان، فليكن مناسبة لترتيب الأمور، والتقرب من الله تعالى، ولكن ليس من دون متابعة العلاج مع الطبيب المتخصص، فنحن مأمورون مع العبادة باتخاذ الأسباب وطلب العلاج.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً