الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتهرب من المناسبات والحفلات بسبب الخجل الشديد.. فما الحل؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا طالبه أبلغ من العمر 20 سنة، أعاني من مشكلة الخجل الشديد من الناس حيث أصبحت قليلة الكلام أكره الاجتماع بالناس، أحاول التهرب من المناسبات والحفلات لا أعرف سببا لذلك أصبحت انطوائية جدا لا أستطيع التحدث مع الناس؛ لأني أجد صعوبة في ذلك بعكس إخوتي الأكبر مني حتى عند قدوم أقاربي أكون متضايقة ومتوترة جدا، وأرتاح كثيرا فور رحيلهم.

فقد يمر الوقت دون أن أنطق بكلمة إلا إذا سألني أحد أجيب فقط، لذلك أنا أفضل الجلوس وحدي، فأنا أخجل كثيرا حتى من أقرب الناس إلي.

هذه مشكلتي باختصار وأرجو إفادتي لأتخلص من المشكلة، وأواجه الناس دون توتر أو قلق.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد يكون الخجل وعدم القدرة على مواجهة الناس والانطوائية سمة من سمات الشخصية، وفي بعض الناس تكون هذه المشكلة ملازمة لهم دائمًا، وفي بعضهم تنقص وتزداد حسب الوضع الظرفي الذي يمر به الإنسان، وفي حالات أخرى يكون - الخجل أو الخوف – من المواجهة مكتسبًا، بمعنى أن الإنسان لم تكن طبيعته على هذا النسق وبعد فترة بدأ يحس بعدم الارتياح في وجود الآخرين، ويلجأ إلى التجنب، في هذه الحالة نسمي العلة قلق الرهاب الاجتماعي، والبعض يسميه بالخوف الاجتماعي، وهذا ربما يكون ناتجًا من خبرة سلبية مكتسبة، بمعنى أن الإنسان قد يكون مر بموقف خاف فيه أمام الآخرين، ومن ثم ظلت هذه الخبرة موجودة على مستوى العقل الباطني لتظهر في وقت لاحق.

الذي استطعت أن أستشفه من رسالتك أن حالتك الحمد لله بسيطة، وغالبًا هي نوعا من الخجل والرهبة المكتسبة، وهذه ربما تكون ناتجة من خبرة سابقة كما ذكرت لك.

العلاج يتمثل في: أن تبحثي إن كان هناك أسباب وتزيلي هذه الأسباب.

ثانيًا: من المهم جدًّا أن تحقري فكرة الخوف الاجتماعي والخجل الشديد، وتوازني ما بين الانطوائية والتواضع والحياء والغرور.

يجب أن تكون هنالك نوع من الموازنة، لا شك أن الغرور مرفوض، الحياء مطلوب، وكذلك التواصل الاجتماعي، انطلقي من هذا النوع من الفكر، وهذا سوف يساعدك كثيرًا.

ثالثًا: عليك بالتطبيقات العملية، هذه التطبيقات تتمثل في: أن تصري إصرارًا قاطعًا على أن تقابلي يوميًا – وعلى فترات مختلفة – بعض صديقاتك، أو أرحامك، يجب أن يكون هنالك إصرار تام على ذلك، وتكون هنالك مواضيع مجهزة سلفًا سوف تتحدثين فيها مع من تقابليهم، المواضيع قد تكون مواضيع عامة، وقد تكون مواضيع خاصة، وهكذا.

ودائمًا ابدئي أنت بالسلام بالتحية، وبعد ذلك اندمجي في الحوار الذي سوف يدور بينك وبين الشخص الآخر، وأصري إصرارًا قاطعًا ألا تكون هذه المقابلات أقل من رُبع ساعة على الأقل، تحديد الزمن مهم جدًّا، لأن الهروب من المواجهة هو من أكبر الإشكاليات التي تزيد من الرهبة الاجتماعية.

رابعًا: حاولي بعد ذلك أن توسّعي درجة تفاعلك الاجتماعي، مثلاً: انضمي إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن الكريم، ونحن الآن مقبلون على شهر رمضان العظيم، هنا يحصل نوع من التجاذب الاجتماعي الإيجابي جدًّا والتفاعل، وهذا يقلل الرهبة، وهذا مجرب ومعروف. احضري الدروس والمحاضرات، هذا أيضًا فيه شيء خير كثير لك.

خامسًا: هنالك تطبيق نسميه بـ (التعريض في الخيال) هذا مهم وجميل جدًّا، ومن خلال هذا النوع من التمارين تخيلي نفسك أنك أمام جمع كبير من النساء – مثلاً – طُلب منك أن تقدمي لهنَّ حديث أو محاضرة في موضوع معين، وقمتِ بترتيب نفسك وتحضير الموضوع ومن ثم إلقائه، أو طُلب منك في المدرسة أو الجامعة أن تقدمي عرضًا خاصًا أمام الأساتذة والطالبات – وهكذا – بمعنى أن تعرضي نفسك فكريًا وتعرضي نفسك عمليًا، وتقنعي نفسك أن التجنب والهروب من المواقف والمواقع هو أكبر مشكلة، وحتى تعالجي حالتك لابد أن تنتهجي المنهج الذي نصحتك به.

هنالك أيضًا نقطة مهمة: تطبيق تمارين الاسترخاء فيها فائدة عظيمة جدًّا للإنسان، والاستشارات النفسية في إسلام ويب أعدت نقاط بسيطة لتوجيه الناس حول كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، ورقم الاستشارة هي (2136015) أرجو أن تتصفحيها وتطبقي ما ورد فيها، وسوف تجدي فيها فائدة كبيرة جدًّا.

الاندماج مع الأسرة في داخل البيت والمشاركة في الأعمال المنزلية، وأن تكون لك مبادرات، وأفكار تساهمي في تسيير شؤون الأسرة وتطويرها، هذا أيضًا يعطيك - إن شاء الله تعالى – الدافعية الإيجابية، ويقلل من هذا الخجل الاجتماعي الذي تعانين منه.

لا أعتقد أنك في حاجة إلى علاج دوائي، اجتهدي أيضًا في دراستك، وأديري وقتك بصورة جيدة، فهذه كلها - إن شاء الله تعالى – محفزات جيدة من أجل النجاح والتأهيل.

جزاك الله خيرًا، وبارك الله فيك، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً