الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي تغير كثيرا بعد زواجه.. فكيف نتعامل معه؟

السؤال

سلام عليكم

سأتكلم عن أبي كلاما كبيرا، فقد تغير عنا بعد أن تزوج فصار لا يعدل، ويأتينا مغضبا لدرجة أنه يسبنا ويسب أمي، ونحن صابرون لدرجة أننا نتمنى أن لا يأتي، وعندنا خادمة لها عشر سنوات عندنا، تعودنا عليها أصبح يأخذها منا، ويعطيها لزوجته الجديدة حيث أن عندها أولادا صغارا، علما أن عندها خادمة، وتريد خادمتين لها من أجل أن يقولوا لنا أنتم لستم بحاجة لها، ونحن بالعكس تعودنا عليها ولا نستطيع أن نستغني عنها.

دعواتكم بالهداية لأبي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تناهيد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نسأل الله أن يعينكم على بر الوالد، وأن يعينكم على الإحسان إلى الوالدة، ونرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ويؤسفنا دائمًا أن يكون الأبناء هم ضحية المشاكل بين الآباء والأمهات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يعينكم على الصبر على هذا الوضع، وأن يعين الوالدة أيضًا على الصبر على هذا الوالد، ونحذره من الظلم، ونخاف عليه أن يظلم الوالدة أو يظلم حتى زوجته الثانية، لأن الإنسان عليه أن يعدل في هذه المسائل، والله تبارك وتعالى يعاقب كل ظالم، وأسوأ الظلم ما يوقعه الإنسان على أهله بكل أسف.

نحن ندعوكم دائمًا أن تحاولوا احتمال الوالد، أنا أتكلم عنكم كأبناء وبنات من ضرورة أن تحترموا الوالد وتُشعروه بأهميته وقيمته، حتى لا يشعر أنكم في صف الوالدة، وعليكم أن تبالغوا أيضًا في إكرام الوالدة، فإن الشريعة تأمركم أن تطيعوا الأم، ولا تسيئوا إلى الأب، وهذه معادلة مهمة جدًّا لابد أن نهتم بها ونحرص عليها، لأن الأب يأتي متوترًا ويتكلم لأنه يشعر أن الجميع – أفراد الأسرة – ضده، وأن الأمور ما عادت في يده، وأنكم أصبحتم كبارًا تخالفون أمره، فلا تشعروه بمثل هذه المسائل، وشجعوا الوالدة على الإحسان للأب والصبر عليه، والمحافظة على أسرتها وعلى بيتها، وعدم المقارنة مع الزوجة الثانية، وطلب الذي لها دون منع الوالد من إعطاء الثانية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعين الجميع على طاعته ورضاه، لأن هذه العلاقات من الشريعة، وهي محكومة بآداب هذا الشرع العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، فلا نجاة لظالم ولا ظالمة بين يدي الله تبارك وتعالى.

كما أرجو أيضًا أن تحرصوا دائمًا على التعامل مع الوالد بمنتهى الهدوء، وليس بمنتهى الرفض، بل ينبغي ألا تُعطوا الزوجة الثانية الفرصة كاملة، فاقتربوا من الأب وأحسنوا إليه، وخففوا عنه إذا غضب، واسكتوا عنه إذا شعرتم أنه لا يرضى الكلام، لأن الإنسان إذا كان ينصح الوالد وغضب ينبغي أن يسكت حينها ويجتهد في البر، وبعد يوم أو يومين يمكن أن يناقش الوالد مرة ثانية، وكذلك الأمر مع الوالدة، لأن الإنسان لما يتعامل مع الوالد ينبغي أن يُدرك أن النظرة الحادة عقوق، وأن رفع الصوت عليه عقوق، وأن كلمة أف تضجر وتعتبر من العقوق.

إذن المسألة حساسة جدًّا عندما يكون التعامل مع الوالد أو مع الوالدة، فانتبهوا لهذا الجانب، واحرصوا دائمًا على المحافظة على قيمة الوالد ومكانته ومنزلته عندكم في الأسرة، وكذلك أيضًا الاهتمام بالوالدة وصحتها، وتشجيعها على الصبر على هذا الوضع، وسيأتي اليوم الذي يعرف فيه الوالد قيمة الوالدة إذا هي تعاملت معه بهذه الطريقة، لأن الزوجة الجديدة وما بينهما من بهجة وسرور هذا أيضًا لا يدوم، ولكن عندما يجد عندكم قسوة فلا يملك إلا أن يكون عند الزوجة الثانية، فعلى الوالدة أن تتذكر أن الرجل إذا كان له أكثر من زوجة ينبغي للزوجة أيضًا أن تحافظ على زوجها وبيتها، وتجتهد في أن تجعل بيتها مكانًا جاذبًا ليس مكانًا منفرًا، ليس مكانًا للنقاش، ليس مكانًا للجدال وسين سؤال، ليس مكانًا للخصام، وإنما عليها أن تطالب بحقها دون أن تتعرض للأخرى، دون أن تذكر الأخرى، فإذا دخل عليها من الباب ينبغي أن تتذكر وتعامله على أنها الزوجة الوحيدة، وتنسى أن له زوجة ثانية، فلا تذكرها أبدًا، وإن ذكرتها فليكن بخير، إذا لم تستطع ولا تريد أن تذكرها بالخير فعليها أن تكفّ عنها، ولا تأتي بسيرتها ولا تتكلم عنها.

ولذلك كان السلف إذا غضبوا من إنسان لا يتكلموا عنه لا بالخير ولا بالشر، فكانوا بذلك يسلمون في دينهم ويسلمون في دنياهم، ونسأل الله أن يعين الوالدة ويعينكم على الصبر على هذا الوالد.

ونحن نقول بالإحسان إليه والصبر عليه ستتغير الأمور، ونسأل الله أن يرزقكم بر الوالد، وأن يعينكم على الإحسان للوالدة، وإكرامها، وتوقيرها، ورعايتها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح الأحوال، وأن يفقهنا في الدين، وأن يجعلنا ممن يؤدي الحقوق التي فرضها الله عليه.

وصيتنا لكم بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم بالدعاء واللجوء إلى الله، فإن قلب الوالد وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها، ونوصيكم كذلك بإصلاح ما بينكم وبين الله ليصلح الله ما بينكم وبين الأب.

نوصيكم كذلك بالمواظبة على الصلاة والذكر والدعاء والصلاة والسلام على رسولنا المختار، عليه صلوات الله وسلامه.

وأرجو من الإخوان والأهل أن يعينوا الوالدة ويعوضوها عن الأشياء التي فقدتها في هذا الجو الذي لا يخلو من التوتر، ونسأل الله أن يبارك لكم في عمر الوالدة ويرزقكم برها، وأن يعينكم على الصبر على الوالد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً