الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يمكن للمعلم أن يكون قدوة حسنة لطلابه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالب تخرجت هذه السنة في مركز تكوين المعلمين, وأريد أن أسألكم عن عناوين بعض الكتب التي يمكن أن تفيدني في هذا المجال, وتساعدني على تحقيق الجودة في التعليم، وجزاكم الله خيرا.

أيضا أنا هذه السنة سأقوم بتدريس تلاميذ التعليم الابتدائي إن شاء الله، وقد لاحظت في بعض المدارس التي زرتها أنها لا تتوفر فيها أماكن للصلاة بالنسبة للتلاميذ، وإنما الأساتذة يصلون لوحدهم، فهل يجب علي أن آمر التلاميذ بالصلاة في الوقت؟ وهل أخصص مكانا للصلاة في قسمي وأقوم بالصلاة مع التلاميذ؟ وإذا كان الجواب بنعم فكيف ستتم الصلاة إذا كان التلاميذ ذكورا وإناثا؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

نرحب بك أستاذنا الكريم في موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام، ونسأل الله أن ينفع بك العباد والبلاد، وأن يصلح على يديك أبناء وبنات المسلمين، هو ولي ذلك والقادر عليه.

نحن سعداء جدًّا بهذه الاستشارة، ومثلك يصلح -إن شاء الله– لهذه المهمة، لأنك تحمل هذا الهم الجميل وتفكر في الخير والصلاح، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بك، وبُشرى لك، فالمعلم يعمل في مهنة الأنبياء، وهل بُعث رسولنا إلا معلمًا -عليه صلاة الله وسلامه– فنسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك جهودك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وأعجبنا وأسعدنا أيضًا السؤال عن هذه الأمور الهامة جدًّا، فإن المعلم ينبغي أن يطور نفسه، ولن يستطيع أن يفعل ذلك إلا إذا تأسى بالمعلم الأعظم -عليه صلوات الله وسلامه– وهناك كتاب مؤلف بعنوان (المعلم الأول) للشيخ شلتوت، وهناك أيضًا كتاب (المعلمين صناع الأجيال) وهناك أيضًا كتاب (مع المعلمين) للشيخ محمد إبراهيم الحمد، والكتب التي ألفها العلماء في مسألة التعليم، بالإضافة إلى كتابات ابن عبد البر في هذا المجال، بالإضافة لكتابات ابن جماعة، وغيرهم من علماء السلف الذين كتبوا عن أدب التتلمذ وكذلك الغزالي -رحمة الله تعالى عليه – وصُولا إلى (حلية العلم) للشيخ بكر أبو زيد -رحمة الله تعالى عليه– وشروحها للشيخ ابن عثيمين وغيرهم.

هذه الكتب من الأهمية بمكان، لأننا نريد أن يُدرك المعلم – حتى مدرس الرياضيات،ومدرس كل المواد– أنه يؤدي رسالة، وأن أبناء المسلمين والبنات أمانة بين يديه، وسيجد هناك أساليب وآدابا هامة تكلم عنها هؤلاء الفضلاء وغيرهم عن الآداب التي ينبغي أن يراعيها المعلم في تعليمه، من العدل بين الطلاب، من رعاية ظروف الطلاب، من تشجيع الطلاب على الدرس، من رعاية أخلاقهم، من الاهتمام بصلاتهم وعباداتهم وطاعتهم لله تبارك وتعالى، وهذا ما يُدخلنا أيضًا إلى الجزء الثاني من سؤالك وهو مسألة الصلاة.

فإنا نتمنى من كل معلم أن يحث طلابه على الصلاة، وأن يسألهم عن الصلاة، وأن يسألهم عن دينهم وعن طاعتهم لله، وعن برهم لآبائهم وأمهاتهم، وهذا في الحقيقة لا يأخذ من المعلم الماهر إلا ثواني معدودة، ونحن نريد النصائح القصيرة المركزة الموجهة.

وعليك لكي تنجح في هذا المجال أيضًا أن تُحسن التعامل مع الأساتذة، أن تشكر مجهوداتهم، أن تقترح عليهم أن يرتبوا أمر الصلاة بحيث يصلي الطلاب، ولا مانع من أن يصلي الطلاب في مكان والطالبات في مكان، مع أننا نتمنى لو أن القائمين على أمر هذه الأمة باعدوا بين أنفاس البنات وأنفاس الأولاد، مهما كان السن فإنه ليس هناك مصلحة في وجود البنات مع الأولاد، أمَا وقد وُجدوا فلا مانع من أن يكون هناك مكان لصلاة الأولاد ومكان لصلاة البنات، وإن تيسر أن تكون البنات في الصفوف الخلفية هذا سهل، لكن قد يصعب وجود هذا المكان وعندها سيكون الحل المناسب إذا كانت هناك معلمات تصلي معلمة ببناتها ومع بناتها، وتصلون أنتم أيضًا في أماكن المعلمين مع الأولاد الذكور.

وعمومًا في كيفية الاهتمام بالصلاة، حض الطلاب على الصلاة، وتعليمهم الصلاة، والإشراف على صلاتهم، هذه من الأمور المهمة جدًّا التي لا بد أن يهتم بها من يقوم على أمر التعليم، فإن أبناء الناس أمانة، والنصح لهم مطلوب، والاجتهاد في توجيههم التوجيه الصحيح هذا واجب شرعي، والمعلم إذا كان يأمر فيُطاع فإن النصح في حقه واجب.

ونحن نستغرب كيف ننصح الطلاب بأن ينظموا دفاترهم وأن يحسنوا هيئآتهم وأن يسرحوا شعورهم ولا نأمرهم بالصلاة، ولا نذكرهم بطاعة الله تبارك وتعالى!! هذا مفهوم ينبغي أن يتغير، ولنستمع لعمر الذي كان يتولى أمر الأمة، ماذا كان يكتب لِوُلاته؟ ما كان يقول (أخبار الفلوس، أخبار الخراج، أخبار الزكوات، أخبار الأموال) إنما كان يقول: (إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع).

ونوصيك في كل ذلك أن تتحرى الحكمة واللطف واللين، فقد تواجهك بعض الصعوبات، بعض الآباء الغافلين، أو بعض المعلمين الذين قد لا يُعجبهم هذا العمل، ولكن عليك أن تُخلص، عليك أن تكون حكيمًا، عليك أن تجتهد في هذا الأمر، وعليك وأنت ترتب هذا الأمر أن تراعي أيضًا اللوائح المدرسية، ونظم المدرسة، فتتواصل مع الإدارة، وتجتهد في أن يكون الطالب الذي يصلي قد هيأناه بأن ينتظم بالحضور، يحافظ على نظافة المدرسة، لا يجعل الصلاة سببا في التغيب واللعب والتهاون، فنهيئ أبناءنا أيضًا لأن يعكسوا صورة المسلم المنظم المرتب الحريص على تلقي العلم, والحريص على أداء الصلاة في وقتها بطريقة مرتبة، لأن هذا أيضًا جزء هام جدًّا من التعليم، وهو الجانب العملي، أن نرتب هؤلاء الطلاب تعظيم هذه الشعيرة، المحافظة على المرفق العام الذي هم فيه، المحافظة على نظافة المكان، رعاية الآداب الشرعية التي ينبغي أن يراعيها، نقول لأبنائنا الطلاب: لا بد أن يكون المصلي نموذجًا.

وفي كل ذلك عليك أن تقصد بهذا العمل وجه الله تبارك وتعالى، ونحن نكرر سعداتنا وابتهاجنا بهذا السؤال، ونتمنى أن يكون هناك تواصل، لأن الأمر يحتاج إلى كثير من التفصيلات، وسنتكلم معك أيضًا إلى ضرورة أن يطور الإنسان من مهاراته، ويعرف نفسيات الطلاب، ويتوصل مع أسرهم، ويراعي البعد الإنساني في تعليمهم، الكلام في هذا يطول، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بك، لكن الذي يريد الخير ويُخلص يوفقه الله، والذي يجاهد من أجل نشر الخير يوفقه الله، القائل: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا وإن الله لمع المحسنين}.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً