الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع والد زوجتي المتسلط؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا وزوجتي -ولله الحمد- في راحة، خمس سنوات من بداية زواجنا ولا يكدر عيشنا غير والدها المتسلط! يطلب مني الزيارة بكل وقت بسبب أو بدون سبب، مثلاً يقول لابنته بنت خالتك أنجبت تعالي، وفلانة تزوجت، ولد عمك تزوج تعالوا!

قبل أن يرزقني الله بابني كنت أختار المناسبة المهمة، مثل زواج أخيها وأذهب، وبعضها أرفضها، وكان يعاتبنا والدها عتباً شديداً.

لكنه في حينها لم يبين لي شيئاً، وبعد أن رزقني الله بابني أصبح يضغط علي به، وباحتجاز زوجتي بحجة أنها ستجلس معنا، ويقول تعال بكرة أو بعده، ولا تخرج إلا بعد أسبوع، وطلب وإلحاح من الأقارب، وصار كابوساً يراودني عندما تزور أهلها، فهي ستحتجز، علماً أنه في منطقة وأنا في منطقة.

انصحوني، ما هو الحل؟ قلت أشتكيه وأخاف زوجتي تقف مع والدها وأحرم من ابني! فهل تستطيع زوجتي التنازل لي عن ابني وعن حضانته، ونحن مع بعض؟ مثلاً إذا قام باحتجازها أقوم بطلب ابني، لأنها تنازلت بحضانتها لي، وإذا لم يرسل زوجتي سأقوم بطلبها عن طريق المحكمة.

والله جربت معه كل طريقة، ولكنه عنيد، وإخوته يحرضونه، الرجاء توجيهي شرعاً، فالمحاولة معه لم تعد تنفع، حاولت حتى بطريقة الهدايا، ولم أترك طريقة!

ساعدوني يرحمكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو نادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك في الموقع ونشكر لك التواصل وهذه الثقة، ونسأل الله أن يسهل أمرك، ونريد أن نقول: إذا كانت العلاقة بينك وبين زوجتك طيبة وجيدة -ولله الحمد- فإن هذا هو المهم، فلا تعاقب هذه الزوجة بجهالة والدها أو بعناده، أو بطريقة معاملته السيئة، ولكن عليك أن تصبر وعليك أن تكسب الزوجة، كما أنت الآن -ولله الحمد- على وفاق معها.

حاول أن تداري هذا الرجل، وتتعامل معه بمنتهى الهدوء، ولا أظن أن المشكلة سوف تطول، والأعمار بيد الله تعالى، ولكن نحن نرفض التصعيد ونرفض محاولة الذهاب إلى المحاكم، لأن هذا سوف يعقد المسألة أكثر وأكثر، فاصبر على ما أنت فيه، وحاول دائماً أن تقلل الذهاب إليهم.

أرجو أن تكون زوجتك هي التي تتكلم، بأن تعتذر بأنك وأنك... وكذا المهم تبحث عن أعذار، والمهم هي التي تتكلم، وهي التي تريد أن تأتي إلى زوجها، وأرجو أن تقرأ معك هذه الاستشارة.

نحن نريد أن نقول لك -يا ابنتي الفاضلة- الدور الكبير عليك، ينبغي أن تقنعي والدك، وينبغي أن تقفي مع الصواب، وينبغي أن تحاولي أن تعتذري لزوجك، وأن تلطفي الجو بينه وبين أهلك، والمشاعر النبيلة منه تجاه أهلك، وكذلك العكس فأنت المفتاح في هذه المسألة، ولا يخفى عليك ابنتي أن الزوج يريد زوجته، وحاجة الرجل إلى الزوجة مقدمة، بل حقه مقدم حتى على حق الأب وأولى الناس بالمرأة زوجها، وليس هناك مصلحة لأي امرأة أن تجامل أهلها على حساب زوجها، خاصة وهو أب لعيالها وأب لطفلها، فانتبهي لنفسك وكوني مطيعة لهذا الزوج.

أما أنت فنكرر لك الوصية بالصبر والاحتمال، فقد صبرت وأحسن في صبرك وسوف يعطيك الله خيراً على صبرك، وحاول دائماً أن تبحث عن أهل الوساطات من العقلاء والفضلاء، ويا حبذا لو تكلموا من تلقاء أنفسهم حتى لا يشعروا أنك دفعتهم، وأنك تطلب منهم أن يتدخلوا وأن يتكلموا، لأن العاقل يستطيع أن يدخل في المسألة هذه الأمور، مثلاً: لماذا فلانة لم تذهب إلى بيت زوجها؟ وربما يقول أحدهم أيضاً إذا لم تتركها تذهب فأنا أخشى أن يتزوج عليها أو نحو ذلك، وهذا يقال من طرف خارجي لكن منك لا نرضى أن تقول مثل هذا الكلام، لأنه سوف يعقد المسألة.

المهم أنا أقول: العقلاء الحكماء لهم أساليبهم، ولهم الطرائق التي يستطيعون بها أن يحركوا الماء الراكد، ويشجعوا والد الزوجة على تشجيع ابنته للذهاب إلى زوجها، والمكوث عند الزوج، ولا يخفى عليك أن الشرع معك وأنك إذا رفعت أي قضية سوف تكسب الجولة، ولكن لا نريد هذا السبيل، ولا نريد أن يكون الخصام هو سيد الموقف، بل إننا نخشى مثل هؤلاء الآباء؛ فقد يجبر الزوجة ويحجزها ويمنعها منك، ويسجنها ويحول بينك وبينها جهالة وعناداً وغفلة عن الله تعالى.

لذلك أرجو أن تواصل ما أنت فيه من الحكمة، فنتمنى أن تغير طريقتك، لتكون أكثر لطفاً وأكثر اهتماماً به، وحاول دائماً أن تجعل الزوجة هي التي تتكلم هي التي تريد أن تقول أريد أن أذهب إلى زوجي وعيالي، وموضوع بيتي، وكذا دعها وشجعها أن تبادر هي وتتكلم بهذه الطريقة.

نسأل الله تعالى أن يلهمكم السداد والرشاد وأن يديم بينكم الآلفة، ونكرر لا تؤاخذ هذه الفتاة على إساءة والدها طالما كانت العلاقة بينكم في منتهى الروعة والجمال.

ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات