الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحسنت حالتي بعد تناولي للبروزاك.. فمتى أتوقف عنه؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
بعد التحية:

أولا: وقبل كل شيء لكم كل الشكر والامتنان والتقدير على هذا الموقع الرائع المفيد والثري جدا بالمعلومات القيمة.

ثانيا: وهو الأهم أرجو أن يتسع صدركم الطيب لقراءة كلماتي، ولكم جزيل الشكر والعرفان.

أنا سيدة متزوجة، وأبلغ من العمر 33عاما، ولي من الأطفال ولدين، منذ حوالي 6 أشهر تقريبا، ظهرت لدي بعض الأعراض الغريبة، والتي لم يسبق أن شعرت بها من قبل، والغريب أن تلك الأعراض كانت تبدأ منذ ساعات الصباح الأولى، وتتلاشى في وسط النهار، (بعد العصر)!

ولقد كانت قبل موعد الدورة الشهرية بأيام وزالت بعد نهاية الدورة الشهرية، وعادت بنفس الموعد في الشهر التالي، ولم تزل حتى بعد نهاية الدورة الشهرية واستمرت 3 أشهر متتالية، ( علما بأني في ذلك الشهر التالي كنت أعاني من مشاكل شديدة مع زوجي وعائلته ).

أما عن الأعراض فهي كالآتي:

1- خوف شديد يلازمني من شيء مجهول لا أعرف ما هو؟

2-توتر وقلق شديد، ورجفة في ركبتي لم أكن أعرف سببها.

3- رفة بالقلب، أو وسط الصدر لا أدري تحديدا ما هي؟

4-شعور بالاختناق، وعدم القدرة على التنفس.

5- أرق وفقدان شديد للشهية (انخفض وزني خلال شهرين 10كيلو )، وفقدان الرغبة الجنسية.

6- أفكار غريبة تنتابني، ولا أستطيع إيقافها أهمها أنني قد أصاب بالسرطان، أو أنني مصابة حقا بالسرطان مع أنني أجريت بعض التحاليل البسيطة، وكانت ممتازة جدا.

7- شعور بالملل وعدم الإقبال على الحياة, ( لم أفكر بتاتا بالانتحار، ولست مقتنعة به أبدا ) ربما، لأن أولادي هم بالنسبة لي الأمل، وكل الحياة (علي 6 سنوات, أحمد 4 سنوات ).

في البداية لم أكن أعرف في أي اتجاه أذهب, ذهبت أولا للمشايخ، ولكن لم أكن معتقدة جدا بهذا الأمر؛ لأنني مؤمنة بأن الإنسان العاقل يمكنه رقية نفسه، وأن الدين أصبح عند البعض تجارة.

زادت معاناتي وتبدلت حياتي، وكان لابد من حل, نصحني أحد الأطباء (صديق العائلة) بزيارة طبيب نفساني، قال لي: ما تعانين منه هو بداية اكتئاب.

ذهبت للطبيب النفساني وأخبرني أنني أعاني من توعك في الصحة النفسية (بداية اكتئاب )، وكنت رافضة تماما للعلاج الدوائي، وكنت أرغب فقط بالعلاج السلوكي, وبقيت شهرا كاملا أحاول وأحاول بدون أدوية، لكنني لم أستطع بسبب مشاكلي مع زوجي وعائلته, وخارت قواي، وساءت حالتي، وأصبح طعم الحياة الحلوة علقما.

ذهبت للطبيب وقبلت العلاج الدوائي, وشددت أن يصف لي دواءً خفيفا إن أمكن، وليس له آثار انسحابية، وبالفعل وصف لي( بروزاك 40) حبة واحدة يوميا كل صباح، وبعد 3 أيام رفع الجرعة إلى حبتين ( حبة صباحا وحبة مساء ) لمدة أسبوعين.

تناولت الدواء وزادت حالتي سوءً في الأيام العشرة الأولى من تناول الدواء، وأصبح الاكتئاب والقلق ملازمان لي صباحا ومساء، كانت حالتي سيئة جدا في الأيام الـ 10 الأولى.

وفجأة وبعد مرور 12 يوما تقريبا بدأت أشعر بالتحسن وكان رائعا جدا، وبدأت أشعر أنني عدت لنفسي، وكنت سعيدة جدا بذلك التحسن, واستمر التحسن الملحوظ أسبوعا كاملا، ثم انتكست ثانية، واتصلت بالطبيب المعالج, قال لي: لا تقلقي هذا الانتكاس طبيعي ومتوقع؛ لأن نوبات الاكتئاب تزول تدريجيا.

استمر الانتكاس 3 أيام، ثم زال ( علما بأني إلى جانب العلاج الدوائي ) كنت ملتزمة جدا بالعلاج السلوكي مثل: الرياضة كل صباح، والمشي مساء، والكتابة وطرد الأفكار السلبية أولا بـ أول بعد 3 أشهر من العلاج قمت بتخفيض الجرعة إلى حبة واحدة يوميا.

والآن أنا أتناول البروزاك منذ 5 أشهر تقريبا، وحياتي تغيرت كليا، وأصبحت جدا رائعة، أشعر وكأنني ولدت من جديد.

سؤالي: متى يتوجب التوقف عن الدواء؟ وما هي نصائحكم بخصوص الجرعات الوقائية، وما إلى ذلك؟

علما بأني توقفت عن البروزاك شهرا كاملا، ولم تسؤ حالتي أبداً، ولم أشعر بحاجة للدواء، ولكن الآن الطبيب المعالج طلب مني أن أتناوله 6 أشهر على الأقل، وقد عدت لتناوله.

شكرا, وفقكم الله وسدد خطاكم لما فيه الخير والصلاح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم علي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الأعراض التي أُصبت بها - والتي سردتها بصورة واضحة جدًّا - توضح من وجهة نظري المتواضعة أنك تعانين من القلق الاكتئابي، ومكونات القلق لديك تظهر في شكل مخاوف وتوترات، وهذا بالطبع نتج عنه عسر المزاج، والذي يمكن أن نعتبره درجة بسيطة من الاكتئاب.

استجابتك للبروزاك كانت رائعة، والبروزاك دواء رائع، وهو سليم جدًّا، فترة العشرة أيام الأولى لتناول الدواء اتسمت بزيادة القلق والتوتر، وهذا نشاهده تقريبًا في حوالي أربعين بالمائة من الذين يتناولون البروزاك، وقد فُسر هذا علميًا أن التغير الكيميائي يكون شديدًا وحادًا ومندفعًا، خاصة فيما يتعلق بالموصل العصبي الذي يسمى (سيروتونين)، وهذه الطفرة الكيميائية السريعة هي التي تؤدي إلى القلق، بعد ذلك تبدأ الأمور في الاستواء والاعتدال، وتأخذ المسارات الكيميائية بالنسبة للمسارات العصبية وضعها الطبيعي، ومن ثم يبدأ التحسن.

أعتقد أن هذا هو الذي حدث في حالتك، وأنا أطمئنك مرة أخرى أن البروزاك دواء رائع، دواء ممتاز، دواء سليم، وجرعة كبسولة في اليوم لا تعتبر جرعة كبيرة أبدًا.

المبدأ العام فيما يخص تحديد مدة العلاج: هنالك اختلافات حوله، لكن نستطيع أن نقول أن الأرجح علميًا هو أن يستعمل الإنسان الدواء في مثل حالتك لمدة ستة أشهر بعد التحسن، يعني لتثبيت هذا التحسن وتعضيده واستقراره أكثر يفضل أن تستمري على الدواء لمدة ستة أشهر أخرى بمعدل كبسولة واحدة في اليوم، ثم اجعلي الجرعة كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

ولا شك أن الدعائم السلوكية والاجتماعية والتفكير الإيجابي - خاصة أن لديك أمور طيبة في حياتك - هذه كلها يجب أن تُشكل دافعا نفسيا مفيدا بالنسبة لك، ولا شك أن طريقة نمط الحياة بهذه الصورة الإيجابية جزء أساسي وجوهري في الرزمة العلاجية النفسية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً