الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تطلقت من زوجي كونه مريضا بالفصام ولم يخبرني، فهل أنا مخطئة؟

السؤال

السلام عليكم.

أشكرك يا دكتور على إتاحة وقتك، وسعة صدرك، فأنا محتارة جداً، وآسفة جداً على تطفلي.

أنا دكتورة أسنان، من عائلة مرموقة، تقدم لي شاب مهندس اتصالات, وكنت ألاحظ بأنه قليل الكلام، ومنطوٍ، فكنت أعتبر ذلك أدبا وتدينا، ثم تم الزواج بعد سنة من الخطوبة، ولاحظت بأنه كئيب، وعنده اضطراب في النوم، ثم ترك العمل، وكان يظن بأن الناس تكرهه و تراقبه، وأنه لا يستطيع أن يركز في عمله، أو في أي شيء رغم محاولاته، ومن ثم أصبح عنيفا معي، وتصرفاته غريبة، وكلامه غريب، ويبكي، ويتذكر ذكرياته المؤلمة، ثم تدهورت حالته أكثر، وأصبح يخاف من كل شيء، وتائه في عالمه، ويسمع أصواتا، ويرى شخصا آخر في المرآة، وأصبح مرتبكا جدا.

وعندما ذهبت إلى الطبيب، قال لي: بأن عنده فصاما، وأحسست من كلام الطبيب أن تركه أفضل لي، وبعد إصرار من أهلي تم الطلاق بعد شهرين من زواجي.

أنا لا أدري هل ما فعلته كان صحيحا أم لا؟ وهل يعتبر طلاقي منه ردا صحيحا لكرامتي لأنه كذب علي هو وأهله؟ أم أنني تخليت عنه وكان من الممكن أن أعيش معه لو تفهمت طبيعة المرض؟ وهل الفصامي يعالج ويستطيع أن يكون أبا وزوجا؟ وهل بالإمكان أن يرجع إلى عمله ويزاوله بكفاءة؟ وهل يمكن أن تحدث انتكاسات عنيفة أثناء فترة العلاج؟

ولك مني فائق الاحترام والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Radwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، وعلى التواصل معنا، أيها الزميلة الفاضلة.

معظم الأعراض التي ذكرت في رسالتك عن زوجك السابق أعراض معروفة، وهي من أعراض الفصام (schizophrenia)، بالإضافة لأعراض أخرى كثيرة: كقلة الكلام، والانطواء، والانعزال عن الناس، وإهمال النفس، وربما عدم القدرة على متابعة العمل أو الدراسة السابقة لحصول المرض، وبسبب طبيعة هذه الأعراض، فإننا نسميها أحيانا بالأعراض السلبية للفصام.

ومن لا يعرف عن مرض الفصام فقد لا يفهم طبيعة هذه الأعراض، فيعتقد بأن المريض يتصنع هذه الأعراض أو بعضها.

وعلينا كأقرباء للمريض أن نتفهم طبيعة المرض، وربما يفيد كتاب عن الأمراض النفسية سواء للمريض أو أسرته، ولي شخصيا كتاب ألفته بعنوان "المرشد في الأمراض النفسية واضطرابات السلوك"، وهو متوفر عن طريق النت.

لا أعتقد أن ما قمت به من الطلاق خطأ، وقد تمّ الأمر على كل الأحوال، وخاصة بسبب عدم مصارحته ومصارحة أهله لكم، وثانيا مع ظهور الأعراض الشديدة للحالة الذهانية من الإهلاسات السمعية والبصرية، وما ترافق معها بالعنف والضرب.

وأصعب شيء في موضوع علاج الفصام: أن المريض قد يفقد ما نسميه "البصيرة"، أي أنه لا يدرك أنه مريض، أو أنه يحتاج للعلاج، فقد يرفض كل علاج وكل مساعدة.

طبعا من حق المريض النفسي سواء كان مرضه الفصام أو غيره، من حقه أن يتزوج وينجب، ولكن أيضا من حق الطرف الآخر أن يقبل أو لا يقبل بهذا الزواج، وخاصة أن مرض الفصام يمكن أن يعالج، ولكن الشفاء الحاصل ليس شفاء تاما، إلا في القليل من الحالات، والغالبية يوفر العلاج هجوع الأعراض، ولكن لا بد من استمرار العلاج لمدة طويلة جدا، وقد تكون مدى الحياة، وليس كل الأزواج أو الزوجات مستعدات لهذا النوع من الحياة، وخاصة ربما بالنسبة لك كونك طبيبة أسنان، والغالب أنك تريدين ممارسة مهنتك هذه.

فما حصل قد حصل، فانظري إلى المستقبل، وأدعوه تعالى أن يسعدك ويوفقك، وكذلك أن يسعد ويوفق الزوج السابق.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً