الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يمكنني زرع رغبة القراءة في نفسي؟

السؤال

جزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه وتبذلونه من مجهود في سبيل مساعدة الآخرين.

مشكلتي هي أني أهملت القراءة والاطلاع في صغري، فصارت قدراتي المعرفية ضعيفة جدًّا، فكيف يمكنني زرع رغبة القراءة في نفسي؟ في بعض الأوقات كنت أتحمس للقراءة والاطلاع على أمل تغيير الواقع الذي أعيشه, ولكني كنت أجد صعوبة في التذكر, فعندما أبدأ بقراءة كتاب ما أشعر أنني لا أستوعب جيدًا, وغالبًا أنسى ما ذكر في الصفحات السابقة، فأعود أكثر من مرة للوراء, رغم أنني أقرأ ببطء, فكيف يمكنني تقسيم الوقت في ظل ضغوط الحياة ومشاكلها - حيث يسمح بالاطلاع -؟ وما السبيل الأمثل للاستفادة القصوى من القراءة؟ فقد سبق أن حاولت تطبيق ما ذكر في كتاب عن تطوير الذات، ولكني لم أستمر أكثر من يوم واحد، فتركت كل شيء.

جزاكم الله ألف خير، وشكرًا من القلب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك – ابننا الكريم – ونعبر لك عن سعادتنا بالتواصل مع الموقع، ونشكر لك الثناء على مجهودات الموقع، وشرف لنا أن نكون في خدمة شبابنا من أمثالك، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يُحبه ويرضاه.

وقد سعدنا أيضًا بسؤالك عن القراءة، فإن القراءة تُضيف للإنسان أعمارًا إلى عمره، وتُكسبه خبرات - وإن كان صغير السن - لأن ما كتبه الباحث هو خُلاصة عقله, وخُلاصة تجاربه؛ ولذلك نحن نشجع على الاستمرار في مسألة القراءة، غير أننا ندعوك دائمًا إلى الرجوع إلى أهل الاختصاص؛ حتى تعرف ماذا تقرأ وكيف تقرأ، فإن المختص يختصر عليك الطريق, ومن حقك أن تقرأ في المجال الذي تحبه، لكن المختص يستطيع أن يُخبرك عن كتاب يُغنيك عن بقية الكتب؛ لما فيه من معلومات وافرة، ولما فيه من فوائد جمّة.

ولا تهتم بمسألة نسيانك لما قرأت، وننصحك أن تتخذ ورقة - أو نوتة صغيرة - تُلخص عليها، وتكتب عليها النقاط الهامة في قراءتك، وينبغي أن تكون لك أنواع من القراءات: قراءة سريعة للتصفح، وقراءة للتركيز على النقاط الهامة، وأرجو ألا تنزعج من غياب بعض المعلومات، فإنها موجودة في اللاوعي – كما يقول بعضهم – ولا تخرج المعلومات إلا عند الاستفزاز أو السؤال، ولكن الإنسان ينتفع من قراءته في كل الأحوال، وينتفع جدًّا من استمراره في القراءة.

وأنت - ولله الحمد – لا زلت في العمر المناسب - وإن كانت القراءة ليس لها عمر مُحدد - فقد وُجد من المبدعين والفضلاء من بدأ متأخرًا، فالعز بن عبد السلام هذا الإمام العظيم، بدأ في طلب العلم بعد عمرك هذا، وكان أكبر من عمرك هذا عندما بدأ يطلب العلم، وكان يُراجع كل ليلة ما درسه، فلم تمضِ سنوات حتى أصبح سُلطان العلماء وإمامًا للناس في زمانه، وضرب أروع الأمثلة في الشجاعة, وفي قيادة الأمة نحو النصر والخير.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يستخدمك في طاعته، وأن يرزقنا وإياك الإخلاص في أقوالنا وأفعالنا وأحوالنا، ونذكرك بأننا فعلاً أمة اقرأ, لكننا أقل الأمم قراءة، وهذا حقيقة نقص وخلل فينبغي أن نُدرك فيه أنفسنا، ونتمنى أن تكون البركة فيك وفي أمثالك من الشباب الذين عندهم رغبة في الدراسة ومواصلة القراءة والاطلاع، حتى يكون للواحد منهم أفق واسع.

وندعوك إلى تقسيم الوقت، ودائمًا ينبغي أن تجعل الكتاب صديقًا لك، - وإن كان كُتيبًا صغيرًا في جيبك - فتستفيد من اللحظات المتاحة للإنسان، فإننا نقضي كثيرًا من الأوقات في الانتظار، ونقضي كثيرًا من الأوقات بين يدي الطعام والشراب، ونقضي كثيرًا من الأوقات دون ما فائدة أو تثقيف، فالإنسان إذا عوّد نفسه الاستفادة حتى في اللحظات الضائعة أو الأوقات الميتة – كما يسميها بعضهم – فإنه سيخرج بالشيء الكثير.

نكرر دعوتنا لك إلى أن تكون القراءة قراءة مرشدة ومرتبة، وحاول أن تجمع النقاط الهامة في (نوتة) صغيرة تسجل فيها أهم النقاط التي توصلت إليها, والفوائد التي استفدتها من خلال قراءتك؛ لأن هذه الأشياء تستطيع أن تبني عليها، وبعد فترة ستجد نفسك اكتسبت خبرات كبيرة جدًّا من خلال هذا التلخيص المفيد, والنقاط الرئيسة في الكتب التي قرأتها.

وأرجو أن تستفيد أيضًا من هذه الفرصة، فأنت الآن في ريعان الشباب، ومثلك يستطيع أن يصبر طويلاً على القراءة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعك, وأن ينفع بك، وندعوك إلى مواصلة القراءة، والاجتهاد في أن تكون هذه القراءة مُرشّدة، والاجتهاد في أن تكون القراءة أيضًا في أوقاتها المناسبة، فأعطِ نفسك حقها من الراحة, وحقها من الطعام، ثم بعد ذلك اختر الأوقات المناسبة للقراءة، واشغل نفسك دائمًا بالمفيد، واعلم أن هذه النفس إذا لم نشغلها بالخير والمفيد شغلتنا بالباطل وباللهو وبالأمور التي لا تعود علينا بالنفع لا في الدنيا ولا في الآخرة.

نكرر شكرنا لك على التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يأخذ بيدك، وأن يُهيِّئ لك العمل الذي تسعد فيه، ويهيِّئ لك من المعلومات ما يعينك على تطوير نفسك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر فاتن

    كلام مفيد جدا شكراء لكم

  • السعودية ابو خلاد

    لم استطيع ان اكون قادراً على أن أتكلم أمام الناس أو اكون واعضا الا عن طريق القرآه المستمره

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً