الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأعراض التي تظهر على ابني دليل على إصابته بالتوحد؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيراً أساتذتنا الفضلاء في موقع إسلام ويب، وبارك في جهودكم الطيبة، ونوّد استشارتكم بهذه الحالة المرضية، لأختي طفل عمره 5 سنوات, كانت ولادته طبيعية، وتصرفاته ونموه كان طبيعياً، في عمر سنة ونصف تعرّض لحرارة عالية، وأصابه مرض القلاع, وبقي مريضاً حوالي ثلاثة أسابيع, وعلى إثر ذلك توقف عن النطق بشكل نهائي، عدا بعض الكلمات البسيطة جداً، وبشكل غير متكرر مثل: بابا - ماما.

يخشى كثيراً من الخروج من البيت, لا يستوعب الأوامر, لا يعي نفسه عند التبول، والخروج إلى الخلاء، دائم التأمل والنظر إلى أصابع يديه، لا يتقبل اللعب مع الأطفال, ويميل إلى الإناث أكثر من ميله للذكور، يحب كثيراً الأشكال المستديرة والكروية, ويصعب تخليصه من هذه الأشياء، يتمسك بالشيء المستدير بشكل غريب جداً ) بالمقابل نشعر بوجود مؤشرات الذكاء عنده، فهو يستطيع فتح الجوال، وتصفح الصور والموسيقى، يحفظ طريق البيت، وبعض الطرق.

تمّ عرضه على أخصائي نفسي في عمر سنتين، فأفادنا بأنه ما زال صغيراً، وطلب منا التريث لسنة أخرى حتى نعيد عرضه عليه، بعدها لم نعاود عرضه على أخصائي نفسي، عرضناه على طبيب أعصاب، وأفاد من خلال الأعراض التي ذكرناها, بأنه مرض التوحّد ولا علاج له.

طبيب آخر أجرى له تخطيط دماغ, وأفاد بأنّ لديه نقصا في الدماغ، وتوقع بأنّ والدته أثناء الحمل في الشهر التاسع قد أصابها تكلس في المشيمة.

احترنا ما هو تشخيص هذا المرض؟ وهل له علاج؟ وما هو الأخصائي المناسب لمثل هذا المرض؟ ولكم جزيل الشكر، حفظكم الله وبارك في علمكم وزادكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Sami حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأنا أقدر درجة حيرتك حول تشخيص هذا الطفل، وأتعاطف معك -أخي الفاضل الكريم– وكنت أتمنى أن أساهم بما يكون أمرًا يقينيًا قاطعًا وحازمًا فيما يخص التشخيص، لكن قطعًا هذا ليس متاحًا أبدًا؛ لأن هذه الحالات إذا لم يتم فحصها بتأنٍ وإجراء الفحوصات الكاملة، فلن يتم التشخيص الصحيح.

أيها الفاضل الكريم: أفضل طبيب تتعامل معه هو طبيب الأطفال المختص في أمراض الأعصاب، هذه بداية يجب أن نتفق عليها، لا تذهب إلى طبيب آخر، دعه يكون تحت إشراف الطبيب المختص –أي طبيب الأطفال المختص في أمراض الأعصاب-.

الأمر الثاني: علة التوحد أو ما يسمى بـ (الذواتية) لا نفضل أبدًا أن نشخصها دون أن نفحص الطفل، ودائمًا التشخيص يجب أن يتم من خلال مجموعة من المختصين، وليس مختصًا واحدًا، التوحد يجب أن يتم بالفعل تشخيصه بواسطة الفريق التشخيصي العلاجي، هذا الفريق الطبي يتكون من أخصائي نفسي، وأخصائي تربوي، وأخصائي الوظائف، وأخصائي الذكاء... (وهكذا) فإذن الأمر يتطلب بعض الجهد الحقيقي لكي نصل إلى الحقيقة، هذا لا يعني أن الأطباء لا يستطيعون أن يشخصوا التوحد، بل يستطيعون، لكن بقية التخصصات الأخرى تلعب دورًا أساسيًا في التشخيص.

هذا الطفل –حفظه الله– حين أُصيب بارتفاع الحرارة، هذا حدث حياتي مهم جدًّا بالنسبة لدماغه الغض والصغير، خاصة إذا كانت الالتهابات فيروسية، في مثل هذه الحالة قد تحدث تغيرات عضوية في الدماغ، وهذه قد ينتج عنها نفس الأعراض التي ذكرتها، وليس من الضروري أبدًا أن تكون هذه الأعراض مؤشرا لوجود علة التوحد، أو الذواتية.

الطفل لديه تفاعلات وجدانية إيجابية، وهذا في حد ذاته قد يكون ضد علة التوحد، والأمر الآخر: أن نقول أنه لا يوجد علاج حتى للتوحد، هذا الكلام ليس صحيحًا، هذا الكلام خطأ تمامًا -مع احترامي الشديد للأخ الطبيب الذي قال لك هذا– مرضى التوحد الآن يمكن تأهيلهم، ونسبة نجاح العلاج تصل إلى سبعين بالمائة، وهذه نسبة كبيرة جدًّا، وأعتقد أن هذا الطفل يمكن أن تطور لغته، يمكن أن تطور مقدراته، أنا لا أقول أنه مصاب بعلة التوحد، لكن حتى وإن وُجد منها شيء أو أنه أُصيب إصابة دماغية أدى إلى توقفه التطوري، يمكن التدريب، يمكن التأهيل، وهذا هو الأمر الضروري الذي أقوله لك -أخي الفاضل الكريم-.

موضوع الأسباب: كما ذكرت لك العلل الفيروسية قد تكون سببًا، موضوع تكلس المشيمة عند الولادة ربما يكون أيضًا عاملاً، (وهكذا) لكن حالة هذا الطفل أعتقد أن فيها بُشريات، فيها بُشريات بالنسبة لي، لا أريد أن أطمئنك، أعرفُ أن لديه علة، لكن أعتقد أنه يمكن أن يُؤَهَّل، ويمكن أن يُدرب، -وإن شاء الله تعالى- تتحسن أحواله، وكونوا من الصابرين على هذا الابتلاء، الذي نسأل الله تعالى أن يكون بسيطًا جدًّا، وأن يعافيه من ذلك أبدًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله له الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً