الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أشعر بقيمة نفسي ولا أحد يقدرها، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هل شعرت يوما ما أنك بلا قيمة؟ أو بمعنى آخر لا أحد يقدر قيمتك، هل شعرت يوما ما أنك خاسر؟ لا تعرف كيف تعيش ولا كيف تتدبر أمورك، هل شعرت يوما ما أنك كلما أعطيت الآخرين أهانوك؟ هل شعرت يوما بالذل والهوان والضعف؟ هل شعرت يوما أنك تريد الموت ورأيت في الموت نجاة من الألم؛ رغم كل صعوبته ووصف المولى له بالمصيبة؟!

أنا أشعر بكل هذه المشاعر معا في آن واحد، أصبحت أخاف من المستقبل ومن الحاضر، أصبحت أخاف الخروج من الغرفة، حتى أصبحت أخاف أن أعيش أكثر، حتى الآن تألمت بما فيه الكفاية، وكل يوم أواسي نفسي بالغد الذي أتصوره جميلا، حيث ستزول الآلام وسأصبح قادرة على تدبر أموري، وسأصبح سعيدة، ولكن لا ينتهي هذا الألم، بل يزداد باضطراد، أصبحت أخاف أن أفقد عقلي وأنتحر يوما ما وفي لحظة مشؤومة، كما أخاف أن أموت هكذا وقد استسلمت، أخاف أن أموت فاشلة، ولكن لربما الموت أرحم، لربما أكذب على نفسي، لربما أحلامي لن تتحقق، لربما سيحققها أحد غيري، لكن ليس أنا، لا تتخيل كم أتألم، -ولا أظنك تستطيع- أكتب إليكم عسى أن ترشدوني لحل أو طريق، هل تنصحوني بالذهاب إلى طبيب أو ماذا؟

أنا عندي مشكلة، وهي أحيانا أقوم بعمل أشياء دون أن أكون واعية للنتائج، مما سبب لي خوفا من فعل أي شيء، وأصبحت أسكت عن كل شيء، حتى إذا أحد ضايقني لا أرد، وبسبب الضعف وعدم الجرأة على الإقدام خسرت عملي، أصبح الناس يتمادون ويقللون من شأني، أخاف أن أقترف الحماقات فأصمت ولا أفعل شيئا أبدا، لكنني لم أعد أتحمل، أصبحت لا أريد الخروج من المنزل، ولا التواجد في أي وسط اجتماعي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ورود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا، بهذا الأسلوب الأدبي بالرغم من المعاناة.

إننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا، بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة، أو أننا ضعاف الثقة في أنفسنا، أو أننا شديدو الحساسية، أو أننا فاشلين أو أنه لا مستقبل لنا، وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلا أن عندنا خجلا أو ترددا أو حساسية، أو ضعف الثقة في النفس، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل، وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار! وأحيانا تأتي كثير من هذه الأفكار نتيجة بعض الأمراض أو الصعوبات النفسية، كالاكتئاب أو القلق أو غيرهما.

لابد لك ابنتي الكريمة، وقبل أي شيء آخر أن تبدئي "بحب" هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبليها كما هي، فإذا لم تتقبليها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟! مارسي عملك أو دراستك بهمة ونشاط، وارعي نفسك بكل جوانبها، وخاصة نمط الحياة، من التغذية والنوم والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، وأعطي نفسك بعض الوقت لتبدئي بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعرين بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك.

والله تعالى يقول لنا: {ولقد كرمنا بني آدم} فنحن مكرّمون عند الله، وقد قال الله تعالى لنا هذا ليشعرنا بقيمتنا الذاتية، والتي هي رأس مال أي إنسان للتعامل الإيجابي مع هذه الحياة بكل ما فيها من تحديات ومواقف، وكما يقال "فاقد الشيء لا يعطيه" فكيف أعطي الآخرين ضرورة احترام نفسي وتقديرها إذا كنت أنا لا أقدرها حق قدرها.

ومن الطبيعي أن يشكك الإنسان أحيانا في قدراته، وخاصة عندما يكون على وشك القيام بعمل هام يتطلع إليه، فيبدأ يشك في إمكاناته، وتراوده فكرة عدم قدرته على اجتياز الاختبار، ويأتيه شعور وكأنه لا يعرف شيئا أو أنه فاشل، وكما هو الحال معك، فمثل هذه الشكوك طبيعية، وهي ستختفي تلقائيا مع الوقت، وخاصة إذا كنتِ لا تعاندين مثل هذه الأفكار، هل تعرضت في طفولتك لحدث أو بعض الأحداث الصادمة، مما يجعلك تشعرين بالحساسية بعض الشيء؟

من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الحساسية من تلقاء نفسها، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبكين فيها كالخروج من المنزل، وإذا طال الحال أو اشتدت هذه الأعراض والمشاعر فلا شك أنه يفيد مراجعة أخصائي أو طبيب نفسي، ممن يمكن أن يقدم لك الإرشاد النفسي المطلوب، بعد التعرف على طبيعة الحالة، وما هو التشخيص المناسب، وأرجو أن لا تتأخري في هذه المراجعة.

وفقك الله وفتح لك باب أمله وسعته، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية عبدالله

    هل شعرت يوما ما أنك بلا قيمة؟ أو بمعنى آخر لا أحد يقدر قيمتك، هل شعرت يوما ما أنك خاسر؟ لا تعرف كيف تعيش ولا كيف تتدبر أمورك، هل شعرت يوما ما أنك كلما أعطيت الآخرين أهانوك؟ هل شعرت يوما بالذل والهوان والضعف؟ هل شعرت يوما أنك تريد الموت ورأيت في الموت نجاة من الألم؛ رغم كل صعوبته ووصف المولى له بالمصيبة؟!

    أنا أشعر بكل هذه المشاعر

  • الجزائر امينة

    شكرررررراااااااااااا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً