الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبت لأحدهم مع علمه بمرضي لكنه رفضني بسبب دراستي وأنا أفكر فيه.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا فتاة أبلغ من العمر 29 عاما، جامعية، بقيت لي سنة بسبب التحاقي بالجامعة متأخرا.

أُخطب كثيرا -ولله الحمد- ولكن لا يتم الموضوع، كنت أخطب وينتهي الموضوع إما لا أعجب الأهل أو بسبب عدم خروجي للنظرة الشرعية، أنا كنت أرفض موضوع النظرة نهائيا بسبب تساهل بعض الشباب، وفي الشهرين السابقين خطبت لشخص لكنه لم تعجبني مواصفاته نهائيا ووافقت خوفا من العمر، وانتهى الموضوع بسبب سمعة الشاب.

تقدم الآخر ووافقت ودخلت للنظرة الشرعية بعد رفضي الشديد لها لكن قدر الله وما شاء فعل، وتمت الموافقة، وبدأنا التحاليل؛ وصدمت بوجود الأنيميا المنجلية لدي، ولكن الشاب كان متفهما وقال: إنه متوكل على الله وسيكمل، وأكملنا وبدأ تحديد الملكة والشبكة؛ ولكن ظهرت المشكلة عندما علم الشاب أني أدرس تعليما مطورا ولست منتظمة، وأرسل من أهله للجامعة ليسأل هل سيكون لدي وظيفة مستقبلا أم لا؟

وقالوا: ليس لها مستقبل، وحصلت مشادات بين أختي وأخته وانتهى الموضوع، أنا إلى الآن غير قادرة على نسيان الرجل؛ الذي وافق على التحاليل يأتي على موضوع تافه ليس له علاقه فيه شهادتي ومستقبلي، وليس له أي دخل فيه؛ يرفض لسبب غير مقنع.

علما أن الشاب مقتدر ووظيفته محترمة وتعليمه ثانوي فقط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ T T T حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونؤكد لك أن هذا الكون ملك لله ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، ومن هنا فنحن ندعوك إلى عدم الرجوع إلى الوراء، وعدم الحزن على ما حصل؛ فإن الأمر لله من قبل ومن بعد، ولعل الخير في هذا الذي حصل، فإن الإنسان لا يدري من أين يأتيه الخير، واختيار الله تبارك وتعالى للإنسان خير من اختيار الإنسان لنفسه، قال تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

فتوكلي على الله تعالى، وأكملي دراستك، واعلمي أن ذهاب الشاب لا يعني نهاية المطاف، وسيأتي آخر، وآخر، واجتهدي في إكمال دراستك، واجتهدي في التمسك بآداب هذا الدين، واعلمي أن النظرة الشرعية حق للفتى وللفتاة، فليس لك أن تمتنعي عن هذا الأمر، ونعتقد أنك أخطأت بامتناعك في مرات، لكن كل شيء يسير في هذه الحياة بقضاء وقدر، فاحرصي على أن تُعطي كل من يطرق الباب ويثبت جديته وصدقه الفرصة في أن ينظر إليك، وفي أن تنظري إليه، والإسلام اهتم بهذه المسألة، هذه الشريعة التي تأمر الرجال والنساء بغض البصر عندما يعزم الشاب على الزواج الشريعة هي التي تدعوه إلى أن ينظر (انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئًا)، (انظر إليها فإنه أحرى أن يُؤدم بينكما) هذه توجيهات من النبي -عليه الصلاة والسلام-.

ولأن النظرة الشرعية أيضًا –وهذا من الإعجاز في هذا الدين– يُبنى عليها ما بعدها، فبعد النظرة الشرعية إما أن يحصل ارتياح وانشراح –وهذه مقدمة وأمر في غاية الأهمية وعلامة كبيرة من علامات النجاح– وإذا حصل الانشراح والارتياح فإن كل طرف يمكن أن يضحي ويتنازل ويتجاوز الصعاب، كما حصل من هذا الشاب الذي نظر إليك نظرة شرعية.

والشريعة تهتم بهذه المسألة؛ لأن التوافق يبدأ بالنظرة الشرعية، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

وأرجو كذلك ألا تتأثري بالمشكلات التي تحصل من أطراف، وكم تمنينا لو أن أختك لم تُصَعّد معها وتشتد معها في الجدال والنقاش، ولكن كما قلنا: (قَدَرُ / قَدَّر الله وما شاء فعل)، وهدفنا من هذا ألا تقفي أمام هذا الموقف طويلاً، ولكن المؤمنة والمؤمن يتعظ من المواقف، فالمؤمنة لا تُلدغ من الجحر الواحد مرتين.

نسأل الله أن يديم عليك الفضل، وأن يقدر لك الخير، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، وندعوك أيضًا إلى إبراز ما وهبك الله من مفاتن ومحاسن بين الأخوات الفاضلات، واحشري نفسك في مجتمع الصالحات، واعلمي أن لكل صالحة منهنَّ أخٌ أو ابنٌ أو محرمٌ يبحث عن الفاضلات من أمثالك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً