الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد أن تناولت مادة المعجون سيطرت عليّ المخاوف وفقدت لياقتي، فساعدوني

السؤال

أريد أن أجد حلًا لحالتي, أو أن أجد آذانًا تسمعني وتفهم حالتي.

أنا رياضي محترف في ألعاب القوى من المغرب, بدأت حالتي بعد تناولي لكمية كبيرة من منتج محلي يصنع بالمغرب اسمه المعجون, وهي مادة تدخل في دائرة المخدرات التي لم أستعملها بتاتًا في حياتي, وقد كانت المرة الأولى, وقد كنت أبحث عن الإحساس الذي يحسونه عند تناوله, وبعد مرور ساعة إلى ساعة ونصف أحسست بشعور غريب, وصعوبة في التنفس, وخفقان في القلب شديد- كأنه سيخرج من صدري - وجفاف كبير في الحلق - كأنني أحتضر - وبعد ربع ساعة - ولله الحمد - رجعت لحالتي الطبيعية, وخفت كثيرًا, وعاهدت نفسي ألا أعاود الكرة, ومارست رياضتي وحياتي كالمعتاد, وغرقت في المعاصي والآثام, وابتعدت عن طريق الله.

بعد انتهائي من تمارين شاقة وسفر طويل وعدم أخذ راحة - ﻻ نوم, وﻻ أكل - لمدة ثلاثة أيام, مع العلم أن جسمي يفقد الكثير من الماء أثناء التمارين, وفي هذه المدة لم أشرب الماء كالمعتاد, وفي اليوم الرابع لم أنم, ولم أتناول شيئًا طيلة الصباح, وفجأة أحسست بدوار ودوخة وخفقان في القلب, فخفت كثيرًا, وأيقنت أنني مريض بالقلب, وأني إن مارست رياضة ألعاب القوى التي تتطلب مجهودًا كبيرًا فسوف يغمى عليّ, أو أصاب بنوبة قلبية, وتركت الرياضة التي هي مصدر رزقي, واتجهت إلى الفحوصات والتحاليل والأشعة وجميعها كانت سليمة, لكني أقول: إنها خطأ, وأكررها وأكررها وتكون سليمة, والقلب سليم - والحمد لله - لكن الخوف والوساوس لم تتركني, فأصبحت منعزلًا, وأخاف من الأكل, ولا أضحك, وخسرت الكثير من الوزن؛ لأنني لا آكل شيئًا سوى الماء, فأصبحت أنتظر الحالة كل دقيقة, وأراقب نبض القلب, وانتابني وسواس الموت, ووسواس المرض, وبدأت تأتيني حالات من الخوف, وأرتعش من الخوف دون سبب, مع خفقان في القلب, وقلق دائم, وأفكار سلبية, وبرودة في الأطراف, ولا واقعية, ولا أجد راحتي في أي مكان, وبدأ نبض قلبي يضطرب, وأحس به يقف لثوان ثم يرجع للخفقان, وأخاف كثيرًا, وبعض المرات أريد التمرن قليلًا فيجتاحني الخوف وأني سوف أسقط, وأتمرن وأنا خائف جدًّا إلى أن أحس بالاضطرابات في النبض - لا أعرف كيف أصفها, لكنها مخيفة - فأتوقف عن التمرين, وأنا حزين, فأنا أريد العمل والجد والوصول إلى أحلامي, لكن هيهات وتلك النبضات الغريبة موجودة, مع العلم أنني كنت متميزًا باللياقة البدنية.

أرجو منكم – إخواني – أن تبينوا لي هل هي حالة نفسية أم عضوية؟ وهل هناك حل لحالتي؟ ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ anas حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

حالتك واضحة جدًّا، فأنت رجل - والحمد لله تعالى – أعطاك الله بسطة في الجسم وقوة، وتمارس الرياضة بصورة منتظمة، ووصلت لمرحلة الاحترافية، لكن لسوء الحظ تصرفت تصرفًا يجب أن لا يتصرفه أي رياضي، وهو تناولك لمادة المعجون، وهذه المادة مركب من المركبات ذات التأثير العقلي المعروف، وهي تحتوي على مركزات عالية لمادة تعرف (HHC) وهي من فصيلة الحشيش، ولا شك أن هذه المواد تؤدي إلى تغيرات فسيولوجية ونفسية كبيرة جدًّا، والذي حدث لك هو أنك بعد تناولك لهذا المخدر حدثت لك إفرازات كيميائية كثيرة، وهنالك مواد تعرف بالموصلات العصبية - منها مادة الأدرينالين, ومادة الدوبامين – تفرز دائمًا بكميات كبيرة كاستجابة لتعاطي هذه المؤثرات العقلية، والناس تختلف في درجة استجابتها لهذه المواد المخدرة.

الذي حدث لك أن التأثير كان تأثيرًا بليغًا وسيئًا؛ مما أدخلك في حالة الخوف والخفقان الشديد، والتي هي نوبة من نوبات الهرع، وهذه النوبات يعرف عنها أنها تتطور لما نسميه بقلق المخاوف، والمخاوف تؤدي إلى الوساوس، فالذي حدث لك نسميه بـ (قلق المخاوف الوساوسي) وهي حالة نفسية مائة بالمائة، ولا علاقة لها بأي مرض عضوي، قلبك - إن شاء الله - سليم، وجسدك كله سليم، والمطلوب منك – أيها الفاضل الكريم – هو الابتعاد التام عن تناول المعجون أو المخدرات ذات الصلة.

ثانيًا: أن تجعل حياتك حياة صحية، وأنت رجل رياضي محترف، وتعرف أن الرياضة تتطلب التزام ساعات نوم محددة، وطريقة أكل معروفة، وحياة منظمة مرتبة، وأنت تدري بهذا جيدًا، فيجب أن تكون على هذا النسق.

ثالثًا: أنصحك بأن تتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف، وهنالك عقار ممتاز يعرف باسم (سبرالكس), ويسمى علميًا باسم (استالوبرام), وهذا الدواء سوف يساعدك كثيرًا، فابدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرامات – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ويكون تناولها يوميًا، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها خمسة مليجرامات يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هنالك دواء آخر يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل), واسمه العلمي (سلبرايد), وأريدك أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة في الصباح لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.

هذه أدوية مفيدة، ممتازة، فاعلة جدًّا لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، والذي أنت تعاني منه قطعًا.

أسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب Ghizlane

    حتى أنا عندي نفس المشكيل والله العضيم شفت الموت بعيني الوسواس دمرى حياتي سبب هوى صديقتي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً