الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غضبي عنيف لدرجة ضرب أهلي ونفسي بشدة وتكسير الأشياء

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا أعاني من أمر لم أعلم ما هو حقاً، فأنا أغضب بشدة وغضبي لا يعتبره أهلي طبيعياً، فعندما أغضب كنت دائماً أكسر الأشياء التي حولي، أو أقوم بضرب إخوتي الأكبر مني ضرباً مبرحاً إلى درجة كسور في أجسادهم، لا أشعر بالذنب بل على العكس أشعر باللذة أو النشوة كأنني أنجزت أمراً عندما أقوم بضرب أو كسر شيء ما، لكنني بعد مدة حاولت أن لا أضرب إخوتي أو أكسر شيئاً، وحاولت أن لا أغضب بسرعة، لكن الآن عندما أغضب أغلق الباب على نفسي في غرفتي، وأبدأ بضرب نفسي ضرباً مبرحاً، وأحياناً أقوم بضرب رأسي بقوة على الحائط، فما يحدث معي شيء غريب، فأردت السؤال: هل أؤثم على هذا الأمر؟ مع العلم أني أعاني من الاكتئاب، وكنت أتناول أدوية معينة لهذا الأمر، ولكن تركتها فساءت حالتي وأصبحت أضرب نفسي، لكن ضرب عائلتي أو كسر الأشياء حولي كان منذ زمن معي، قبل أكثر من 7 سنوات، وضرب نفسي قبل سنتين فقط.

جزاكم الله خيراً ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ دانة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذا السلوك هو تعبير عن انفعالات سلبية محتقنة وحبيسة النفس، ويُعرف أن الإنسان من طبعه لديه جزء نفسي سلوكي يتميز بوجود نوع من العنف، لكن -الحمد لله تعالى– الناس تختلف في درجة هذا الاحتقان الداخلي الذي يؤدي إلى العنف، والذي كثيرًا ما يكون جزءً من البناء النفسي لشخصية الإنسان، أي أنه جزء من التكوين النفسي والبناء النفسي للشخصية، وهذه التباينات والفروق بين الناس ربما تلعب الوراثة، ومعها الظروف الحياتية والتنشئة دورًا فيها.

العنف النفسي والسلوكي يمكن أن يكون ضد الذات أو ضد الآخرين، وأنت في المقام الأول كان معظم عنفك موجهًا نحو ذاتك، لكن في الآونة الأخيرة بدأ يتوجه نحو الآخرين، وحين تقومين بنوبات وفورات العنف هذه يأتيك شعورًا بالانشراح واللذة كما ذكرتِ، وهنا قد يكون الاكتئاب النفسي قد لعب دورًا في ذلك، مع ما ذكرته حول علة الشخصية والميول لما يُسمى بـ (السادية) موجود، وليس من الضروري أن تكون هذه (السادية) في الأمور الجنسية فقط.

الذي أراه هو أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي، هذا ضروري جدًّا، وأنت تحتاجين لبعض الفحوصات أهمها إجراء تخطيط للدماغ، في بعض الأحيان مثل هذا السلوك الذي يحدث لك يكون مرتبطًا باضطراب في مناطق معينة من الدماغ، وهذا يمكن تحديده من خلال إجراء التخطيط الكهربائي للدماغ، وهو فحص سهل جدًّا، وقطعًا متوفر في الأردن.

أنت في حاجة أيضًا لمقابلة الطبيب؛ لأنك محتاجة لما نسميه بـ (التحليل النفسي) وكذلك (التفريغ النفسي)، يعني أن تعبري عن ذاتك، وأن لا تحتقني، والمعالِج قطعًا له القدرة لأن يدخل إلى دواخل نفسك، ويعرف الدِّينميات المتعلقة بهذا السلوك.

ومن جانبي أقول لك: تجنبي الكتمان والاحتقانات النفسية، كوني معبرة عن ذاتك، اعرفي أن ما لا تقبليه لنفسك لا يقبله من حولك لأنفسهم، وأن الله لا يحب المعتدين، واعرفي أن هذا الفعل ليس كله غير إرادي، هذا الفعل فيه جزء كبير جدًّا إرادي، وأنت إذا وضعته في مقامه الصحيح، بمعنى أنه فعل غير مقبول وخطير وتبعاته سيئة، هذا يعطيك قدرة على التحكم والابتعاد عن هذا الفعل.

أنت محتاجة أيضًا لممارسة تمارين الاسترخاء، محتاجة كثيرًا لأن تمارسي أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، محتاجة لأن تتدربي وتطبقي ما ورد في السنة المطهرة حول كيفية التعامل وإدارة الغضب، أنت محتاجة لأن تصرفي انتباهك للأعمال الخيرية الطيبة، الاهتمام بالأيتام، هذا يولِّد لديك نوع من الألفة الداخلية التي تبعدك من هذه الأفعال.

أنت في حاجة ماسة جدًّا لأن تبحثي وتركزي وتجتهدي فيما يتعلق ببر والديك، لأن هذا فيه منفعة كبيرة لك، منفعة سلوكية، ومنفعة تقلل من هذا السلوك الانفعالي -إن شاء الله تعالى– بل تزيله، ومنافع أخرى كثيرة في الدنيا وكذلك في الآخرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • هولندا محمد زيدان

    نفس مشكلتي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً