الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أذنبت ذنبا ولا أستطيع نسيانه، فكيف أتخلص من ذكراه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رغم صغر سني إلا أني أشعر بأن لدي ذنوبا كثيرة، والحقيقة هو أنه ذنب واحد فقط هو الذي يؤرقني، قد يراه البعض بسيطا، ولكني لا أره كذلك، فأنا أتذكر آخر مرة قمت بهذا الذنب، وأتذكر كيف ارتجفت، وكيف شعرت بالبرد الشديد رغم أنه كان في فصل الصيف.

مشكلتي هي أنني لا أستطيع نسيان هذا الذنب، ولا أستطيع أن أكف عن استحقار نفسي، وأرى بأني لا أستحق أن أعيش بين إخوتي وأمي وأبي، ففي كل لحظة أرى ذنبي محفور في ذاكرتي، وكأنه تعهد لي بأن يعذبني طوال العمر، فهذه الذكرى لا تتركني أبدا.

أتمنى أن تساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نونة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يغفر لك ذنوبك.

ونحن أولاً نُشيد بهذا الإحساس الذي تشعرين به بعد الذنب، ونرجو أن يكون ذلك علامة -إن شاء الله- على إيمانك وخوفك من الله تعالى، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث الصحيح: (من سرَّته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن)، فوجود الحزن والقلق بعد صدور الذنب علامة على وجود الإيمان في القلب، فالقلب عندما ينزعج للخوف الموجود فيه من الله تعالى ومن لقائه، فهذا ناشئ عن الإيمان.

أما المنافق الذي لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، فتستوي عنده السيئة والحسنة، ولذلك فنحن نستبشر خيرًا -أيتها البنت العزيزة- بهذا الخوف الذي تشعرين به بعد الذنب، ولكن هذا الخوف إنما يكون محمودًا مطلوبًا ما دام يبعث على العمل الصالح من التوبة والإكثار من العمل الصالح، أما أن يكون سببًا لإيقاعك في الحزن وتثبيطك عن العمل النافع أو تأييسك من رحمة الله تعالى فإنه حينئذ يكون خوفًا مذمومًا، وهو من حيل الشيطان وألاعيبه التي يحاول أن يصدك بها عمّا ينفعك، فإن الله تعالى قال: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا}.

ولذا فنحن نذكرك -أيتها البنت العزيزة- بسعة رحمة الله تعالى وعظيم جوده وفضله، ومن رحمته تعالى وكريم جُوده أنه فتح باب التوبة للمسيء والمذنب، ووعده بأن يغفر له إذا هو تاب مهما بلغ ذلك الذنب، فقد قال سبحانه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، وقال سبحانه: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}، بل وعد سبحانه وتعالى التائب بأنه سيبدِّل سيئاته حسنات، كما في سورة الفرقان، وأخبر سبحانه أنه يحب التوابين، وأخبرنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- بأن الله عز وجل يفرح بعبده المؤمن حين يتوب من ذنبه، وهذا كله من كريم جُوده ومن عظيم كرمه سبحانه وتعالى.

فأحسني ظنك بالله، وبادري بالتوبة النصوح، بالندم على ما فات، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع تركه في الحال، وظُنِّي بالله تعالى خيرًا، فإنه لن يردك خائبة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وقال: (من تاب تاب الله عليه)، وما من أحد من بني آدم إلا ويُخطئ، ولكنهم يتفاوتون في ذلك الخطأ، والموفق من يُسارع بالتوبة ويُصلح من عمله.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب صادقة

    اللهم إني أذنبت ذنبا كبيرا فارزقنا الإخلاص في توبتي و إجعلها توبة نصوح، ذنبي يرهقني كثيرا، اللهم ساعدني على نسيانه يااااا رب

  • محمد

    اللهم اغفر له فانك يارب غفور رحيم اللهم اجعل توبته دائمة امين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً