الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بالاكتئاب والهموم بسبب انسحاب الخُطاب عني.. ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلما جاء خاطب ينسحب، ثم لا يأتي بشكل رسمي، وأنا متعلقة بآخر واحد، وأخاف ألا يأتي؛ لأنهم سكتوا عندما أبلغناهم موافقتنا؟ أنا مكتئبة ورغم أني استخرت ودعوت ربي، لكني متعلقة فيه، دائمًا مهمومة حتى أني فقدت شهيتي، الأحرف محسوبة؛ ولذلك لا أستطيع شرح الحالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسيب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

أختنا الفاضلة: حديثك عن الهم والقلق لا ينبغي أن يكون له مكان في قلبك، وأنت المرأة المتدينة التي تعلم وتؤمن بأن ما قدر الله كائن، وما لم يقدر لم يكن، وأن الله قدر المقادير من قبل أن يخلق السموات والأرض، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: ( قَدَّرَ اللَّهُ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ )، قال أَبُو حاتم -رَضِيَ اللَّه عنه-: الواجب على العاقل لزوم التوكل على من تكفل بالأرزاق، إذ التوكل هو نظام الإيمان، وقرين التوحيد، وهو السبب المؤدي إلى نفي الفقر، ووجود الراحة، وما توكل أحد على اللَّه جل وعلا من قلبه، حتى كان اللَّه جل وعلا بما تضمن من الكفالة أوثق عنده بما حوته يده، إلا لم يكله اللَّه إلى عباده، وآتاه رزقه من حيث لم يحتسب، وأنشدني منصور بْن مُحَمَّد الكريزي:

توكل على الرحمن في كل حاجة أردت فإن اللَّه يقضي ويقدر
متى مَا يرد ذو العرش أمرا بعبده يصبه وما للعبد مَا يتخير،
وقد يهلك الإنسان من وجه أمنه وينجو بإذن اللَّه من حيث يحذر.

ولله در من قال:
أحسن الظَّنَّ بمن قد عوَّدك ... حسناً أمس وسوَّى أودك
إنَّ ربَّا كان يكفيك الذي ... كان بالأمس سيكفيك غدك

فالأمر مفروغ منه -أختنا الفاضلة- فثقي في الله أختنا وفوضي أمرك له.

ثانيًا: قد يتمنى الإنسان الشر، وهو لا يدري، وقد يرفض الخير ويكرهه دون أن يشعر وقد قال الله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون}، وهذا يعني: أن الإنسان قد يقع له شيء من الأقدار المؤلمة، والمصائب الموجعة، التي تكرهها نفسه، فربما جزع، أو أصابه الحزن، وظن أن ذلك المقدور هو الضربة القاضية، والفاجعة المهلكة، لآماله وحياته، فإذا بذلك المقدور منحة في ثوب محنة، وعطية في رداء بلية، وفوائد لأقوام ظنوها مصائب، وكم أتى نفع الإنسان من حيث لا يحتسب، والعكس صحيح: فكم من إنسان سعى في شيءٍ ظاهره خيرٌ، وهرع إليه، واستمات في سبيل الحصول عليه، وبذل الغالي والنفيس من أجل الوصول إليه، فإذا بالأمر يأتي على خلاف ما يريد.

ثالثًا: قد ذكرت -أختنا الفاضلة- أنك صليت الاستخارة وعليك ساعتها أن تتأكدي أن قدر الله القادم هو الخير لك.

رابعًا: حديثك عن أنه كلما تقدم خاطب مضى إلى غير رجعة، هذا أمر طبيعي ونسمعه كثيرًا، وليس له أي دلالة أخرى، ولكن من باب الاطمئنان عليك بالرقية الشرعية والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، ولن يضرك إن شاء الله أذى.

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر amaa

    الحمد لله رب العلمين على السراء وعلى الضراء أثلج الله صدرك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً