الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبح ابني عنيفا بسبب صراخي عليه ورمي الأشياء عليه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشعر بأني عصبية لدرجة كبيرة، وأغضب لأسباب بسيطة، والمشكلة أني أفرغ عصبيتي على ابني الأكبر-سيتم أربع سنوات في شهر يونيو-، شاهدت بالأمس فيديو (ومحياي مع د. وليد فتيحي، العنف ومستقبل الأطفال) لقد صدمت بعد سماعه، وأخاف أن أكون قد دمرت حياة ابني، لأنني أفعل كل ما ذكر في الفيديو، فهل خربت حياة ابني فعلا؟ وما هو الحل؟

هو بطبعه حنون علي وعلى والده وعلى أخيه -عمره سبعة أسابيع- وأخاف أن يتغير بسبب تصرفاتي، كنت أتمنى أن يكون مثل أبيه صبورا ويتحمل، لكن مع الأسف أصبح صورة طبق الأصل عني، يغضب ولا يسمع الكلام حتى أصرخ في وجهه وحتى يبح حلقي، وكل ما أفعله من صراخ ورمي الأشياء يقوم به، فهل فات الأوان على التغيير؟ وهل سيذكرني فقط بالصراخ والضرب؟ وهل أنا مريضة؟ إن كنت كذلك، فكيف أتغير؟ وما هو الحل؟ لأنني أخاف أن يكون ابني الثاني صورة عني هو الآخر، فأنا أمقت نفسي وما أقوم به، وأؤنب نفسي كل ليلة، ولأن زوجي حاليا يرفض أن أعرض نفسي على طبيب، لأنه يقول بأنني فقط أتوهم، لكنه لا يكون معي ليرى ماذا أفعل بابننا إن غضبت، لذا أرجو التواصل معي حتى أعرف إن كنت مريضة حقا أو لا؟ وبالتالي أقنع زوجي انطلاقا من استشاراتكم.

أرجو منكم أن تساعدوني، وإن كانت لديكم أية استفسارات فأنا في الخدمة.

وجزاكم الله كل خير، وأثابكم على جهودكم بجنة الفردوس، وفرج عن كل مكروب أو مهموم كربته وهمه، كما تفرجونها عن الناس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mariem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال.

العصبية والغضب أحيانا إنما هي عرض وليس المرض، فقد تكون عرضا لشيء ما يزعجك، وخاصة الأشياء التي لا تستطيعين التكيّف معها أو تغييرها، ولذلك فردة فعلك على هذا الوضع غير المريح هي بهذه العصبية، وكثيرا ما تأتيني بعض الأمهات يشتكين من عصبيتهن وغضبهن على أولادهن، وأسأل هذه الأم سؤالا واحدا: ما هي هواياتك؟ فتقول: أنا ليس عندي هوايات، فأنا متفانية في رعاية أولادي، أسخّر كل حياتي لرعاية أطفالي! فأقول لها: يعني تشعرين أنك كالشمعة تحترقين لكي تنيري الدرب لأطفالك وللآخرين؟ فتقول: نعم.

إن هذه الفلسفة في الحياة لا تفيد كثيرا، فهذه الأم ستحترق قريبا، ولن تستطيع أن تنير الدرب، لا لأطفالها ولا للآخرين، الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن لنفسك عليك حقا"، فالأولى بهذه الأم، وربما أنت أيضا أن تكون لك بعض الهوايات التي تمارسينها، وبحيث تخففي عن نفسك من عناء الحياة وصعوباتها، وخاصة صعوبات تربية الأطفال، فهذه ليست بالأمر السهل، كما تعلمين.

أيهما أفضل أن تخرجي من البيت عدة مرات في الأسبوع لممارسة هواية أو رياضة ومن ثم تعودي للأسرة وأنت أكثر راحة وهدوء، فتحسنين التفاعل مع أطفالك بهدوء وبالطريقة الرائعة التي تحبين؟ أم أن تكوني في البيت، 24 ساعة، 7 أيام، فتشعرين بالعصبية على أولادك، وربما تصرخين فيهم أو تلقين بالأشياء وكما ورد في سؤالك؟ أيهما أفضل؟ لا شك أنه الاحتمال الأول.

لا أنت لست مريضة، وإنما ما لديك هو صعوبة التكيف مع تحديات الحياة وصعوباتها، فحاولي أن تريحي نفسك، وتخففي عن نفسك من ضغط الحياة بالطرق الصحية، حيث هناك بشكل عام طريقتان، غير الصحية كالتدخين والغضب والصراخ وربما الضرب، وهناك الطرق الصحية كالاسترخاء والرياضة وتلاوة القرآن والصلاة، والمشي على البحر، أو بعض الهوايات كالرسم وغيرها، فاختاري الطرق الصحية، لتستمتعي أولا بحياتك ومن ثم تستمتعي بحياة أطفالك وأسرتك، ولا بد أن يكون للزوج دور في مساعدك على تحقيق هذا الأمر.

وفقك الله، وساعدك على الهدوء والاستقرار.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر mey mouna

    جزاكم الله خير الجزاء و بارك فيكم و في مجهوداتكم النيرة.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً