الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والداي يجهلان الكثير من الأمور الشرعية، فكيف أقوم بتعليمهم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي مشكلة: وهي أن الوالدين أمِّيَّان (بمعنى لا يعرفون القراءة والكتابة)، ويجهلون أشياء كثيرة، وأشياء دينية...، ما نصيحتكم في هذا الشأن؛ فهم يرتكبون أشياء مثل سماع الأغاني ومشاهدة المسلسلات؟ فقط يعرفون الصلاة والصوم... إلخ، من أركان الإسلام.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لابننا الفاضل هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالدين، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على كل أمر يرضيه، وأرجو أن تشكر للوالدين المحافظة على الصلاة والصيام، وتجتهد في أن تكون في جوارهم، وتقدم لهم النصائح، وتعلمهم أذكار المساء وأذكار الصباح، وتتأكد أن عقيدتهم صحيحة، وتعلمهم كثرة اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وحاول أن تبسط المعلومات الشرعية لهم، حاول أن تشغلهم بالخير قبل أن يشتغلوا بغيره، وحاول أيضاً إزاحة مثل هذه المنكرات التي هي بين أيديهم رويداً رويداً، ودون أن تغضبهم.

معلوم أن الإنسان ينبغي أن يحسن لوالديه -مهما كانت الأوضاع-، حتى لو كانوا على غير دين الإسلام، فكيف إذا كانوا مسلمين وعندهم بعض نوع من التقصير؛ فإن الإنسان ينبغي أن يسعى في النصح لهم.

والنصح للوالدين دائماً ينبغي أن يكون بمنتهى اللطف ومنتهى الشفقة، وقدوة الناس في هذا هو خليل الرحمن، الذي كان يدعو والده فيقول: (يا أبتِ، يا أبتِ إني أخاف، يا أبتِ لا تعبد) في منتهى اللطف يقدم لهم النصائح، يقدم لهم الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، فإن قبل الوالد أو قبلت الوالدة بالنصيحة؛ فهذا هو المطلوب، وإن لم يقبلوا وتضايقوا؛ فعليه أن ينسحب ثم يطرح النصيحة بأسلوب آخر، المهم أن يجتهد في إرضائهم.

وحذارِ أن تظهر لهم أنهم على جهل، وأنهم غير متعلمين، وأنهم لا يفهمون، وغيرها من هذه الكلمات التي يمكن أن تحزن الوالد أو الوالدة، ولا يجوز إطلاقها عليهم من الناحية الشرعية، وإنما ينبغي أن تتواضع لهم غاية التواضع، كما قال العظيم: (واخفض لهم جناح الذل من الرحمة)، هذا تعبير هو نهاية الشفقة، ولعلك رأيت ماذا يفعل الطائر بصغاره في شدة البرد، أو عند نزول المطر أو نحو ذلك، هذه هي الصورة التي يريد منا الإسلام أن نكونها مع الوالدين (في منتهى الشفقة والعطف والرفق بهم). ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك برهم، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا وإياك على برهم في حياتهم وبعد الممات، فإن من سعادة الإنسان أن يكون باراً بوالديه لينال الخيرات عند الله تبارك وتعالى.

وينبغي ألا تحتقر هؤلاء الكبار في السن؛ فأحياناً عندهم من صفاء النفوس ومن صفاء العقيدة ما لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، فالمهم: عليك أن تجتهد في النصح لهم، ودائماً كن باراً بهم، وقدم بين يدي نصيحتك صنوفاً من البر؛ فإنهم إن أحبوك أطاعوك واستمعوا لكلامك وافتخروا بك، وحق لهم أن يفتخروا بابن يريد لهم الخير.

ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك ولوالدينا التوفيق والسداد والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً