الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من تقلب المزاج واضطرابات بالشخصية يلاحظها من حولي، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي أنني أعاني من تقلب بمزاجي وتغير بشخصيتي باستمرار، فأحيانا اكون هادئاً وذو طباع هادئة، وأحياناً العكس! وتأتيني بعض الأيام أنتقد جميع ما أرى وكأني أحاول أن أسد فراغاً ونقصاً بشخصيتي، وأحياناً أكون طليق اللسان أستطيع أن أعبر عن ما يجول بخاطري بطريقة سلسة، وأحياناً يصعب علي أن أرتب كلمتين. وتختلف الحالات؛ ففي أوقات أكون قوي الشخصية، مضحكاً، سديد الرأي، وردودي تكون مسكتة، ومحبوباً بين الناس، وفي بعض الأحيان لا أطيق نفسي؛ فأكون غير واثق من نفسي (وكلمة عابرة تؤثر علي بشدة)، فما الحل؟!

هل هذا طبيعي؟ أشعر أنه يؤثر على ذكائي وانتباهي وتركيزي أيضاً، وحتى وإن كان هذا طبيعياً؛ أهناك أي حل؟ فهذا الأمر مؤثر على حياتي من جميع النواحي، وهذا الأمر ملاحظ عليّ من قبل أصدقائي، فهناك من صارحني قبل عدة أيام بخصوص هذا الأمر، وقال أن هناك من ينفر منك بسبب تغير آرائك وأسلوبك باستمرار، وهذا ماقطع الشك باليقين بالنسبة لي، فكنت بالبداية أقول أنها وساوس وليس لها أساس من الصحة، وهذه أمور نفسية وضعف بشخصيتي، وما إلى ذلك.

اختلفت علي أصدقائي وأهلي وعلى نفسي؛ فلم أعد أعرف كيف ستكون نفسيتي غداً، وإن كنت سعيداً أفكر بما سأكون عليه بالغد. لم أرتح نفسياً منذ بدأت التقلبات هذه تحصل معي.

أجيبوني وأريحوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ضاري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

عمرك هو عمر التقلبات المزاجية، لكن تقلبات الشخصية لا نراه كثيرًا في مثل عمرك، والتقلبات المزاجية تكون عابرة وقصيرة الأمد.

أنا أرى أنك شديد الرقابة على تصرفاتك وعلى مشاعرك وأفكارك، وهذا يجعلك تدقق في كل صغيرة وكبيرة فيما يخص مسارك الوجداني وتفاعلك الاجتماعي وتواصلك مع من حولك.

قطعًا هذا ليس بمرض، لكنها ظاهرة تستحق التوقف عندها، وابذل جهدًا كبيرًا بأن تتخلص من هذه الرقابة الذاتية الشديدة، ويكون ذلك من خلال المزيد من الاجتهاد في دراستك وصرف طاقاتك بصورة إيجابية من خلال حسن إدارة الوقت.

وأعتقد أنه سيكون من الجيد لك أيضًا إذا اطلعت على ما يُسمى بالذكاء الوجداني أو العاطفي، هنالك كتب جيدة كُتبتْ حوله، وهو أحد العلوم الجديدة والمستحدثة نسبيًا. كلنا نعرف عن الذكاء المعرفي أو الذكاء الأكاديمي الذي يتفاوت ويتباين بين الناس، لكن الذكاء الوجداني أو العاطفي لا يُدركه إلا قلة قليلة من الناس، وهو مهم جدًّا، لأنه هو الذي يحكم علاقاتنا مع أنفسنا، وكذلك يحكم علاقاتنا مع الآخرين، والشيء الإيجابي أن الذكاء العاطفي أو الوجداني يمكن أن يطوِّره الإنسان أكثر مما يطوِّر ذكائه الأكاديمي أو المعرفي.

من خلال الذكاء العاطفي وتطويره يمكنك أن تقبل نفسك أكثر، وتفهم نفسك أكثر، وتتعامل مع نفسك بإيجابية، وتسعى لتطويرها. وفي ذات الوقت سوف تفهم الآخرين بصورة أفضل، وتتعامل معهم بصورة إيجابية.

فأرجو أن تتحصل على بعض الكتب أو الكتيبات الخاصة بالذكاء العاطفي، وهي كثيرة جدًّا ومتواجدة في مكتبة جرير، وأفضلها كتاب الذكاء العاطفي للدكتور دانييل جُولمان – مؤسس هذا العلم، وكتب هذا الكتاب عام 1995م –.

أرجو أن تخفف من رقابتك البسيطة على تصرفاتك، خذ الأمور بصورة عادية جدًّا، اجعل مشاركاتك في المنزل نشطة، اسع دائمًا لبر والديك، تواصل اجتماعيًا. هذا يصرف انتباهك تمامًا عن رقابتك الذاتية اللصيقة على أفكارك ومشاعرك وتصرفاتك وعلاقاتك الاجتماعية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر mey mouna

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته,,
    جزاكم الله كل خير و وفقكم لخدمة أمتنا العظيمة,أمة الإسلام,خير أمة أخرجت للناس.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً