الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي الوسيلة الصحيحة للاقتداء بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحب سماع قصص النساء الصالحات في السابق كخديجة -رضي الله عنها-، ومريم ابنة عمران -عليها السلام-، وغيرهن ممن أُعجبت بمواقفهن، وأكثر امرأة صالحة أحببتها هي أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، فأنا أحبها كثيراً، وأريد الاقتداء بها، ومعرفة المزيد عنها، وسؤالي هو: كيف أقتدي بها؟

أرجو أن تخبروني وتساعدوني في كيفية الاقتداء بها، فأنا متشوقة للاقتداء بها من حبي لها، ولكن قرأت في الحديث أن السيدة عائشة كانت فقيهة في علم الطب والشعر، وأنا لست فقيهة لا في هذا ولا ذاك، وعلم الطب والشعر ليسا من اهتماماتي، خصوصاً الطب، فهل يجب أن أكون فقيهة في هذا لكي أقتدي بها؟

ختاماً: أنا أشعر أنني أصبحت كثيرة السؤال في هذا الموقع، فأرجو أن لا يكون هذا إزعاج لكم، لأنني أعلم أن لديكم الكثير من السائلين هنا، وشكرًا جزيلاً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب ، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، فهذا موقعك وموقع كل سائل، نسأل الله أن يبارك فيكم جميعا.

وبخصوص ما سألت عنه -أختنا الفاضلة- فإننا نحب أن نجيبك من خلال النقاط التالية :

أولا: احمدي الله -أختنا الفاضلة- أنه حبب إليك أمهات المؤمنين، وأن جعل الاقتداء بهن رغبة عندك، وأبشري فمن أحب قوماً حشر معهم -إن شاء الله-، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: متى الساعة، قال: "وماذا أعددت لها"، قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة ولكنني أحب الله ورسوله، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أنت مع من أحببت"، قال أنس: فوالله ما فرحنا بشيء فرحنا بقوله -صلى الله عليه وسلم- "أنت مع من أحببت". وهذه بشارة لك -أختنا الكريمة- على الطريق، ونسأل الله أن يبارك في عمرك وأن يحشرك مع من أحببتهن في الله.

ثانياً: ليس من شروط المحبة العمل بكل شيء، بل العمل ببذل الجهد، ولا يحاسب الله أحداً بلغ جهده على ما لم يقدر عليه، فعن زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي أسأله عن المسح على الخفين، فقال: ما جاء بك يا زر؟ فقلت: ابتغاء العلم، فقال: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يطلب، فقلت: هل سمعته يذكر في الهوى شيئاً؟ قال: نعم، كنا مع رسول اللّه -صلى اللّه عليه وسلم-، في بعض أسفاره، فناداه رجل: يا محمد يا محمد، فقلنا له: ويحك اغضض من صوتك، فإنك عند النبي -صلى اللّه عليه وآله وسلم-، فأجابه النبي -صلى اللّه عليه وآله وسلم-، على نحو من صوته: "هاؤم"، فقال: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم، فقال رسول اللّه -صلى اللّه عليه وسلم-:" المرء مع من أحب "، وهذا دليل واضح على أن الاتباع فوق الجهد ليس مطلوبا، ولا شرطا، كما يدل كذلك حديث أنس وفيه "فأنا أحبُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحب أبا بكر وعمر وإني لأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل مثل عملهم".

ثالثاً: لزيادة المحبة ينبغي القراءة والمتابعة، وعندك كتب كثيرة متخصصة كالتاريخ الكبير والسير وكتب أفردت في أم المؤمنين، اجتهدي في التعرف على كل حياتهن، ثم اقرني المحبة بالعمل، فإن المحبة بلا عمل هوى، والحب الحقيقي ما أعقبه عمل، وحافظي على النوافل والأذكار واجعلي لك حظا من قيام الليل.

رابعاً: لا يشترط أن تكوني فقيهة أو طبيبة حتى تقتدي بها، إنما واجب عليك تعلم أحكام دينك، وما لا يجوز لك الجهل به.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السودان فائزة

    جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً