الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وضعي غير القانوني سبب في ضياع حقي كزوجة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة من شخص متزوج، وأموري ليست مثبتة في بلده، ولكن زواجي بعقد شرعي عند شيخ، ولي الآن معه 3 سنوات، وسندخل في الرابعة، وكل شهر ينام ليلة في البيت عندي، ولما عرفت زوجته أنه متزوج، غضبت وقاطعته حوالي السنتين، وصار بينهما محاكم، وطلبت الطلاق في آخر جلسة.

كل هذا وكأنني غير موجودة، لأنه يخاف من مسألة وضعي غير المثبت في بلده، ولأنه تزوجني دون الموافقة القانونية، والآن رجعت إليه زوجته الأولى، وكأنني غير موجودة، لا أستطيع أن أكلمه هاتفياً، حتى أنه أخذ كل ثيابه من عندي، انتهى كل شيء بيننا، حتى الأكل معا، وبالذات أننا في رمضان وأفطر وحدي بين جدران أربعة، لا جيران ولا أحد معي.

طلبت منه إعلان الزواج والعدل بيننا، وكان جوابه أن أنتظر شهراً، ومنذ شهر ونصف لم ينم في البيت عندي، وطلبت منه أن يمضي معي ليلة فقط فرفض، وجوابه أن أنتظر شهراً فربما يتثبت وضعي قانونياً.

هذه السنة الرابعة وأنا معه، وليس لدي أطفال؛ لأنني آخذ حبوب منع الحمل، وهو أب لخمسة أطفال من زوجته الأولى، والآن أنا أطلب استشارة صريحة، رجاءً، لا أنام ليلاً من البكاء والتفكير، ولا يوجد انتظام في الأكل، ولا حتى في المشاعر، فإن دموعي تنزل لمجرد رؤيته، وشعوري بالخسارة.

سؤالي: هل الطلاق أفضل؟ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، كل يوم أحس أن روحي تخرج مني ببطء شديد، فربما بعد شهر لا يحدث شيء مما يتوقع من إثبات أنني زوجته، الآن هو يراعي زوجته الأولى مراعاة شديدة من أجل أطفاله، فلو علمت بوجودي ربما تتركه، وهو لا يريد ذلك من أجل أطفاله، (طيب) ومشاعري أنا؟! إنني أختنق وأموت حسرة وقهراً ولا يشعر بما يحصل لي، أغيثوني، فليس لي سوى الله ثم أنتم، فأنا في الغربة، وأهلي بعيدون عني كثيراً، ولا أستطيع أن أخبرهم بهذا الكلام وأنا بعيدة عنهم، أشيروا علي، الله يجازيكم خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الكلمة الطيبة صدقة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونتفهم هذه الصعوبات التي تواجهك، ونؤكد أن من صبرت سنوات تحتاج أن تصبر بعض الوقت، ونتمنى أن يُمطرك هذا الرجل الشجاعة والوضوح، حتى لا يأثم في حقك ويقصِّر في القيام بواجباته، ونسأل الله أن يعينك على كل أمرٍ يُرضيه.

نحب أن نؤكد لك أن البكاء والدموع تُلحق بك الضرر، لكنها لا تفيد، فالجئي إلى الله المجيد، واشتغلي بطاعته، وتوجهي إليه، فإن قلب هذا الرجل وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها كيف يشاء، وقد أحسنت فإن تثبيت الزواج وإعلانه وتسجيله رسميًّا هذه من الأمور الأساسية التي تضمن لك الحقوق، وتضمن لأبنائك كذلك مستقبلاً الحقوق، وتضمن لهم النسبة لأبيهم، إلى غير ذلك من المصالح الشرعية المترتبة على إثبات الزواج في الدوائر الرسمية، وإعلان هذا الزواج والنكاح.

إذا كانت مراسيم الزواج قد تمت بحضور أهلك وبطريقة رسمية، وبحضور أولياء وشهود، فإن الأمر لا إشكال فيه، أما إذا لم يكن هذا قد حصل فنحن بحاجة إلى إشهار هذا الزواج أيضًا، ونسأل الله أن يعين الجميع على الخير، لأن نكاح السر ممنوع، لكن يبدو أن الأمر معروف، إلا أنه خافٍ على زوجته الأولى، وليس ذلك بشرط، ولكن ضروري تسجيل وتثبيت هذا الزواج في الدوائر الرسمية حفظًا للحقوق وصيانة للأنساب ومنعًا للإنكار بعد ذلك، أو الجحود الذي يمكن أن يحصل من أمثال هؤلاء الذين عندهم شيء من الضعف -بكل أسف-.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ونتمنى أن تُكثري من التوجه إلى الله -تبارك وتعالى-، واشغلي نفسك بكل أمرٍ يُرضيه، وحاولي ولو أن يأتي في الليل أو النهار يمر عليك، ويتفقد أحوالك، فإن في ذلك ربما يُسر معه، حتى يجتاز هذه الأزمة التي يمر بها، وينبغي أيضًا أن تعرف زوجته الأولى أن الزوجة الثانية لها حق، وأن هذا الحق شرعه الله -تبارك وتعالى-، وأن عليه أن يعدل بينكما، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً