الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما حكم من بلغت وليس لديها القدرة على الصيام؟ وما علاج غزارة وطول حيضها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خير الجزاء على جهودكم المبذولة في هذا الموقع، وجعله الله في ميزان حسناتكم.

لدي بنت عم عمرها 11 سنة، وقد وصلت سن البلوغ وبدأ عندها الحيض قبل رمضان هذا بأيام قليلة، وحين دخل عليها رمضان صامت أول يوم كاملا، ثم عاودتها الحيضة مرة أخرى، وكانت حيضتها غزيرة لدرجة أنها استمرت معها لمدة 25 يوما، حسابا من أول يوم بدأ معها الحيض قبل رمضان بأيام قليلة، ولم تنقطع عنها سوى أول يوم من رمضان، وتأكدت الأم من الدم وعرفت بأنه دم حيض من ثخانته ورائحته، حينها أخذتها والدتها للطبيب، وأخبرها بأن ما حدث لها بسبب تغيرات هرمونية وليس عليها قلق، لأن الأمر طبيعي وقد يحدث لأي فتاة في بدايات البلوغ، وتختلف مدة أو غزارة الحيض بين فتاة وأخرى.

وقد طهرت من الحيض بعد أيام في رمضان، وكانت تصوم ولكنها كانت لا تكمل الصيام لشعورها بتعب وعدم القدرة على الإكمال، وتشعر بالتعب الشديد كلما صامت لأنها تعاني من فقر الدم والضعف، ولا تأكل جيدا، فطلبت منها والدتها بأن تصوم نصف يوم تخفيفا عليها لخوفها على صحة ابنتها، وأيضا الوقت هنا في لندن طويل، فنحن نصوم 18 ساعة، وليس لهذه الفتاة القدرة الصحية لتصوم كل هذه الساعات، فالأمر صعب عليها ويكلفها صحتها، ويمكن أن تتدهور صحتها إن داومت الصيام وهي بهذه الحالة. أمها الآن تشعر بأنها آثمة لأنها تتعمد تفطير ابنتها خوفا على صحتها، فهي تتمنى أن تصوم ابنتها ولكن خوفها على ابنتها جعلها تفطرها، وهي الآن لا تعرف ماذا تفعل.

فهل على الأم ذنب؟ وهل عليها أن تدفع كفارة عن كل يوم أفطرت فيه ابنتها؟ أم ليس عليها شيء؟ وهل على الابنة قضاء ما أفطرته من رمضان في وقت الشتاء مثلا حين يكون النهار قصيرا؟

أرجو الإفادة وتوضيح الأمر، وأتمنى أن لا تحيلوني على أسئلة سابقة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ S.A حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا العزيزة - في استشارات إسلام ويب.

بالنسبة لهذه الفتاة فإن الحيض علامة على بلوغها كغيرها من الفتيات، وإذا صارت بالغة فإنه يلزمها ما يلزم سائر البالغين من الأعمال، بشرط القدرة على ذلك، وهنا مسائل لا بد من التنبيه لها:

الأولى: أن الحيض لا يزيد عن خمسة عشر يومًا، فإذا كانت مدة الدم تجاوزت خمسةَ عشر يومًا فإن هذه الفتاة مستحاضة، والمستحاضة ترجع إلى عادتها إذا كانت لها عادة قبل الاستحاضة، فإن لم تكن لها عادة واستطاعت أن تميِّز دم الحيض من غيره – بصفات دم الحيض كاللون والرائحة والكثافة – بشرط أن يكون التمييز صالحًا، أي ألا يزيد هذا الدم الذي ميَّزته على خمسة عشر يومًا، ولا ينقص عن يومٍ وليلة، فإذا لم يكن كذلك فإنه لا يصلح أن يكون حيضًا، وفي هذه الحالة – أعني: إذا لم يكن لها تمييزٌ يصلح – فإنها تتحيض ستة أيام أو سبعة أيام كغالب عادات قريباتها. هذا مذهب بعض العلماء، ويجوز لها أن تأخذ بهذا القول.

وإذا علمنا هذا سهل علينا بعد ذلك أن نعرف الأحكام الشرعية، ففي الوقت الذي يُحكم لها بالحيض لا تصوم ولا تصلي، وتقضي الصوم بعد ذلك ولا تقضي الصلاة. وأما الوقت الذي نحكم عليه بأنه استحاضة فإنها كغيرها من الطاهرات تصوم وتصلي، وتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها.

أما إذا عجزت عن الصوم للمرض الذي ذكرتِ وكان يشق عليها مشقة بالغة – كما ذكرتِ – فإنها معذورة، ويُرجع في معرفة هل يُمكن أن تُشفى من هذا المرض أو لا إلى الأطباء، فإن قيل: يُمكن أن تُشفى أو تقدر على القضاء في أيام الشتاء، فالواجب عليها أن تقضي عدد الأيام التي أفطرتها في الوقت الذي تقدر عليه. أما إذا كانت لا تستطيع القضاء ولو في الأيام القصيرة وكان لا يُرجى لها الشفاء من هذا المرض، ففي هذه الحالة لا يجب عليها الصوم، وإنما يجب عليها البدل، وهو إطعام مسكين عن كل يومٍ، مُد من الطعام – أي كيلوا إلا ربع من الرز تقريبًا - .

أما صيام نصف اليوم فإنه غير مُجزئ، فالمريض الذي يُباح له الفطر يجوز له أن يُفطر سائر اليوم.

نسأل الله تعالى أن يفقهنا جميعًا في دينه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الشيخ أحمد الفودعي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة الدكتورة رغدة عكاشة، استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن الدورة الشهرية تظل غير منتظمة بعد البلوغ لمدة قد تصل أحيانا إلى ثلاث سنوات، وعدم الانتظام قد يكون على شكل تقارب أو تباعد في الدورة، أي من الممكن أن تنزل الدورة مرتين في الشهر الواحد، ومن الممكن أن تنزل مرة كل شهرين، وقد تنقطع لأشهر عدة، كما ومن الممكن أن تكون كمية الدم في الحيض غزيرة وطويلة، ومن الممكن أن تكون الكمية قليلة والمدة قصيرة، وكل هذا ناتج عن عدم توازن الهرمونات في جسم الفتاة في هذه الفترة من العمر، بسبب عدم اكتمال نضج المبيض وعدم تفاعله الجيد مع الغدة النخامية، لكن وبالرغم من أننا نقول بأننا نعتبر عدم الانتظام في الدورة بعد البلوغ أمر طبيعيا وفيزيولوجيا، إلا أنه يجب دوما مراقبة الفتاة جيدا حتى لا يحدث عندها فقر في الدم بسبب غزارة وطول مدة الطمث، وحتى يتم اكتشاف أي مرض غير ظاهر –لا قدر الله- قد يكون هو السبب في زيادة كمية النزف، مثل نقص الصفيحات الدموية أو خلل عوامل التخثر –لا قدر الله-، لذلك نصيحتي هي بأن يتم عمل بعض التحاليل الأساسية لهذه الفتاة وهي:

CBC- BLOOD SMEAR- PT -PTT

ويجب عمل تصوير تلفزيوني للرحم والمبيضين كنوع من الاحتياط.

فإن كان كل شيء طبيعي -إن شاء الله- فهنا يمكن الصبر والانتظار لمدة سنة، مع إعطاء مقويات تحتوي على عنصر الحديد، مثل حبوب (سنتروم) حبة واحدة يوميا للوقاية من فقر الدم، مع الاهتمام بالتغذية بشكل جيد، بحيث تكثر الفتاة المتناول من اللحوم الحمراء والكبدة، والخضروات الورقية كالسبانخ والسلق وغيره.

نسأل الله -عز وجل- أن يمن عليكم جميعا بثوب الصحة والعافية دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً