الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يبادر أبدا بالصلح والتفاهم حتى لو أخطأ علي لسبب تافه.. فكيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم

لقد أرسلت لكم استشارة سابقة برقم (2240336)، مشكلتي الآن منذ أن رجعت لزوجي لاحظت أن كلما حصلت مشكلة من المشاكل العادية البسيطة التي تحدث في أي منزل، أن زوجي سواء كان مخطئا أو غير مخطئ لا يبادرني أبدا بالتفاهم، وأنا التي عادة تبدأ بحل الخلاف، جلست معه وأفهمته أن في الحياة الزوجية لا بد من التضحية والتنازلات، وأنه ليس هناك وجود للكرامة أو الكبر بين الزوجين، وكان متفاهما جدا ووعدني بالتغير، ولكن للأسف في كل مرة يحصل سوء فهم بيننا فإنه يستمر في الخصام وعدم الكلام بالأيام والأسابيع، وحتى يمكن أن تصل إلى شهر مالم أبادر أنا بالتفاهم ومناقشته ومحاولة الوصول إلى حل للخلاف، مع العلم أنني بمجرد الحديث معه فإنه يكون متفاهما جدا ويعتذر ويعد بعدم تكرار المشكلة إن كان هو المخطئ.

في آخر خلاف حصل كنت أنا المخطئة، وكان الخلاف تافها جدا، بعد يوم من الخلاف ذهبت إليه واعتذرت، ثم عاتبته بلطف لعدم احتوائه المشكلة ومبادرته بالتفاهم، ولكنه كان غاضبا وقال بأنه غاضب وليس لديه استعداد فتركته بحزن حتى يهدأ، ونويت عدم العودة له حتى يعود هو، وكنت أمارس حياتي الطبيعية جدا، وكنت ألاحظ أنه ثائر طوال الوقت ويختلق الأسباب للخصام ورفع الصوت، مع العلم أن هذه ليست طبيعته، وكنت أحاول تجنبه قدر المستطاع حتى لا أنغص على بناتي تمتعهم بإجازة عيد الحج.

وفي يوم الجمعة طلبت منه إحدى بناته الخروج مع عائلتي في نزهة عائليه فرفض واعتذر بعدم وجود وقت لديه، مع أنه كان جالسا طوال الوقت في المنزل على جهاز الكمبيوتر للتسلية، ثم طلبت منه ابنته الأخرى الذهاب لمنزل عائلتي حيث أنه رفض الخروج بنا للنزهة فرفض كذلك، حينها طفح بي الكيل وعندما طلب مني إعداد القهوة رفضت فانصدم مني، حيث أنه لم يعتد التمرد مني أبدا، فناقشته بأنه (أنت جعلت الخلاف الذي بيننا يمتد ويؤثر على جو الأسرة بعصبيتك طوال الوقت، ومن حقي الرفض من غير سبب مثلما أنت رفضت من غير سبب فقط لمجرد أنك غاضب) فثارت ثائرته وأمرني بجمع ملابسي والذهاب إلى أهلي، وللأسف كنت قد استنفدت صبري طوال الأيام السابقة في تجنب غضبه وتحمل ثورته، فقمت بحزم حقائبي وحينها شعرت بتردده حيث أمرني بترك بناتي أملا منه أن أرفض، حيث يعلم هو أن بناتي هم نقطة ضعفي، ولكني استودعت بناتي عند ربي وذهبت لأهلي.

ماذا علي أن أفعله الآن؟ زوجي ليس بالإنسان السيء أبدا، حيث أنه يسلمني زمام كل أمور المنزل وتدبير جميع الأمور المادية والمعنوية ومشاكل البنات، ويستشيرني في كل شيء، وهو إنسان محافظ ويستجيب للنصح جدا -ولله الحمد-، ومعروف لدى أهلي بالطيب إلى حد السذاجة تقريبا حيث أنني أنا المدبرة والمتحكمة في جميع الأمور تقريبا، إلا أنني لا أحاول أبدا إظهار ذلك له بل على العكس تماما أشعره دائما برجولته وأمتدح صفاته أمام بناته، ودائما إذا أردت عمل شيء فإنني أستأذنه أولا، وأشعره بأنه هو المسؤول مع علمي بأن الأمر في الأخير موكل لي، أنا لا أريد أن يؤول الأمر إلى السوء، ولكن في ذات الوقت أريد لزوجي أن يقدرني وأن لا يكرر ما فعله مرة أخرى، أريده أن يشعر بعاقبة فعلته وأن يتمالك أعصابه مستقبلا، حيث أنه هو الرجل والمفروض أن يكون أحكم وأعقل في مثل هذه المواقف، هل أخبر أهلي وتكبر المشكلة؟ حيث أن أهلي لا يعلمون إلى الآن بالمشكلة، وهو لم يسمح لي بأخذ جميع أغراضي بحجة أنها ثقيلة، وجئت لأهلي بحقيبة صغيرة وأوهمتهم أنني جئت بقصد النقاهة والراحة، أو هل أتركه حتى يأتي هو ويبادر بالتفاهم؟

جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، وننتظر منك حل الإشكال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يبعد عنكم الشيطان، وأن يعيد لبيتكم الطمأنينة والأمان.

لا شك أن الجميع مشارك في تعقيد الوضع، وعناد الرجل لا يقابل بالعناد، وأملنا أن تبادر الفاضلات مثلك بكسر الجمود، فالشريعة تريد للمرأة أن تبادر بالاعتذار بقولها (لا أذوق غمضا حتى ترضى)، وهذا ينبغي أن يحدث سواء أكان الرجل هو المخطئ أم هي، لأن هذا الترتيب يناسب طبيعة ونفسية الرجل، وليس في ذلك تقليلا من شأن المرأة أو إذلالها، وليس معنى ذلك أنها ستسكت عن حقها، ولكنها بعد أن تعود وتكسر الجمود وتقهر الشيطان فإن عليها أن تقول لزوجها في وقت هادئ ومناسب وبكلمات لطيفة (لقد انكسر خاطري في يوم كذا ولم أتوقع من حبيبي) وعندها سيعتذر الرجل ويتأسف ويطلب السماح، ويثني على حكمتها ويعلن فخره بها، ونحن نقول لبناتنا وأخواتنا إذا خاصمت زوجك صباح الجمعة فصالحيه عصر الجمعة حتى لا يشعر الأطفال ولا الضيوف، ثم حاوريه يوم الأحد أو الاثنين حتى لا تترك الملفات مفتوحة.

والآن نتمنى أن تعودي فورا وبمنتهى الهدوء، واحرصي على محو آثار ما حصل من ذاكرة البنيات، ونتمنى أن يشاهدن الوفاق كما شاهدن النفور والخصام، ووضحي لزوجك أنك جئت رعاية للعلاقة والعشرة، وقبل ذلك استجابة لطلب أهل الشرع، واطلبي منه أن يتواصل مع الموقع ليسمع من إخوانه من الرجال، واتفقوا مستقبلا على الاحتكام للشرع.

وأرجو أن لا تدخلوا الأطفال في الخصام ولا تجعلوهم مادة للانتقام، مع ضرورة أن تعوضوهم عن بهجة العيد في نهاية الأسبوع، وأرجو أن يظهر لهن الانسجام والحب والتفاهم حتى لا يفقدن الأمن.

وإذا كانت مقاليد الأمور بيدك فنشكر لك الثناء والإنصاف لزوجك، فإننا ننصحك بمعرفة فضل الزوج، واغتنام الفرص والأمور التي تحت يدك في خدمة الأسرة، وقد أحسنت بعدم إشعاره بالتقصير، وأفرحنا تقديمك له، وقد ظهر لنا من خلال الاستشارة أنك -ولله الحمد- عاقلة؛ ولذلك فنحن نحملك مسؤولية إعادة الأمن إلى المنزل، ورد الأمور إلى نصابها وصوابها، وكلنا أمل في أن تعودي إلى منزلك فورا حتى لا يشعر أي طرف بما حصل، والمشكلات لا تتعقد وتكبر إلا عندما تخرج إلى الأهل هنا أوهناك.

ووصيتنا لكم بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه والصبر، فإن العاقبة للصابرين، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المملكة المتحدة بشرى

    السلام عليكم
    والله كأنك تتكلمي بلساني وعندي نفس المشكلة مع زوجي ولكن زيادة على زوجك فزوجي بخيل و هو المتحكم بكل أمور المنزل كان يضربني إلى أن سافرت عقابا له و بالتالي اختلق أهله مشكلة وكبرت المشكلة واضطررت للتنازل والعودة لوحدي لحفظ ماء الوجه و رأفتا باطفالي اناني نفسه رقم 1 وكلنا بعده وانا في غربة وبعيدة عن أهلي و لا اجد له صفة جيدة تشفع له في قلبي لابدا بالصلح مللت منه ونزل من نظري وأصبحت متوترة وعصبيه دايما وظاهر على وجهي الحزن غير اجتماعية تغيرت للنقيض عما كنت عليه قبل الزواج

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً