الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ضعف التركيز وتشتت الذهن سببه القلق النفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أحب أن أشكر هذا الموقع الرائع والقائمين عليه، خاصة دكاترة الاستشارات؛ لما يبذلونه من جهد ومساعدة من غير مقابل، جزاكم الله عنا كل خير.

منذ الصغر وأنا لا أستطيع التركيز، ولم أكن أستطيع التركيز في المدرسة أو في الدروس، ولا أفهم أي شيء، وإذا سألني الأستاذ شيئا مما شرحه لا أستطيع الإجابة، وكنت أعتمد على نفسي لفهم الدروس في البيت.

أنا الآن انتهيت من المرحلة الجامعية، وما زالت المشكلة مستمرة، ولم أكن أستطيع التركيز في المحاضرات أو (السكاشن) ودائما أنا مشتت التركيز والانتباه، حتى في الصلاة، ولا أستطيع التركيز فيها، ولا أعرف عدد الركعات التي صليتها.

أعاني من نسيان شديد، وضعف في الذاكرة، فعلى سبيل المثال لما دخلت الجامعة وتعرفت على أصدقاء -وطبعا بعد المعاناة- لا أتذكر أسماءهم في البداية، ولكن بعد انتهاء الترم الأول، وعندما عدنا من الإجازة للترم الثاني، لا أتذكر أسماء أصحاب لي كثر كنت أعرف أسماءهم، وأستخدمها كثيرا، وكذلك أنسى المواقف والكلام والمواعيد وغيرها.

شيء آخر أتعبني جدا، وهو عدم القدرة على عمل شيء واحد لفترة طويلة، ولا أستطيع التركيز، وأفقد انتباهي واهتمامي، وأحس بصداع شديد وضيق، مما يجعلني أعمل أشياء كثيرة بدون تركيز، تزيد من تشتتي وعدم قدرتي على إنهاء عمل واحد.

مؤخرا عندي هدف أريد تحقيقه، وقد تركت كل شيء من أجله، ولكن انقضت فترة تزيد عن 6 أشهر وأنا أحاول فيه، لكن النتيجة ضعيفة جدا؛ نتيجة عدم القدرة على التركيز والعمل طويلا، بل تكون فترة العمل والتركيز صغيرة جدا.

بالنسبة للرياضة: أنا موقن بأهمية الرياضة، وأحاول ممارستها بشكل يومي، لكن أياما كثيرة لا أمارسها عندما أشعر بالحزن والضيق، والذي يؤثر على حياتي كلها.

أحس أغلب الوقت أن عندي اكتئابا، وغالبا ما يكون نتيجة إحساسي بعدم قدرتي على فعل أو إنهاء أي شيء، نتيجة عدم الثقة بالنفس، زاده أيضا النسيان، وضعف الذاكرة، والمواقف المحرجة التي تضعف الشخص.

أعاني من اضطرابات النوم، ولا أستطيع أن أنظمه، فأياما أنام ليلا وأصحو نهارا، وأياما أنام نهارا وأصحو ليلا، وأنام بكثرة ولفترات طويلة.

عملت تحاليل (CBC) والغدة الدرقية والكبد، وكان كله جيد، قرأت كثيرا عن الاستشارات، ونصيحة الدكتور لبعض الأشخاص الذين يعانون من نفس حالتي بـ (Faverin) فسألت عنه، لكن للأسف غير متوفر.

أهم شيء بالنسبة لي هو زيادة التركيز، والقدرة على العمل والتركيز لفترات طويلة، وخصوصا في القراءة.

أحس بأهمية ذهابي للطبيب، ولكن ثمة صعوبة في ذلك، وأفضل النصح من أطباء الموقع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن أكبر الأسباب التي تؤدي لضعف التركيز في مثل عمرك ولتشتت الذهن، وجود القلق النفسي، وتداخل الأفكار وتطايرها، وعدم القدرة على أن يصب التركيز على موضوع واحد بحسب أهميته، هذا أيضًا من الصفات والسمات التي نشاهدها عند الناس الذين يكثر عندهم القلق.

هنالك علة أو متلازمة تُسمى بفرط الحركة وضعف التركيز أو يكون هنالك ضعف في التركيز فقط دون فرط في الحركة، هذه الحالة معروفة تُصيب بعض الأطفال، وربما توجد لدى الكبار أيضًا، وفي السنوات الأخيرة تم التركيز عليها من الباحثين والمختصين؛ لأنه اتضح أن كثيرًا من الناس يعانون من هذه الحالة لكن لم يتم تشخيصهم.

بما أن اضطراب التركيز قد بدأ عندك منذ سن صغير فهذه الاحتمالية لا بد أن نضعها في الاعتبار، لكن لا يمكن التأكيد من وجودها أو عدمه إلا من خلال مقابلة الطبيب النفسي، فحاول بقدر المستطاع أن تقابل طبيبًا يقوم بتقييم حالتك: هل أنت تعاني منذ الصغر من ضعف الانتباه واضطراب التركيز، حتى وإن لم يوجد لديك فرط في الحركة في ذات الوقت أم إن هذه الحالة أتتك في الآونة الأخيرة، وهي ناتجة من القلق النفسي؟

الحالة الأولى وهي ضعف التركيز أو تشتته مع وجود أو بدون فرط في الحركة يعالج من خلال أدوية معينة، منها عقار (ريتالين) وكذلك عقار (إندرال) وأيضًا هناك دواء يسمى (اكسريترا)، هذه أدوية تخصصية جدًّا، ولا يمكن تناولها إلا بعد الاستشارة الطبية والتأكد من التشخيص.

في حالة القلق النفسي العادي فيكون العلاج مختلفا بعض الشيء.

أولاً: أهمية تمارين الاسترخاء مثبتة، كذلك ممارسة تمارين الرياضة بانتظام، وأنت تمارس الرياضة لكن بصورة متقطعة، ربما تحتاج أن تنظم هذا الموضوع بصورة أفضل حتى يكون ذا فعالية، والنوم المبكر مهم جدًّا يحسِّن التركيز؛ لأن خلايا الدماغ تكون في حالة استقرار أثناء الليل؛ مما يساعد في تنشيطها وترميمها بصورة إيجابية جدًّا، والتنظيم الغذائي أيضًا مهم لتحسين التركيز، ومن الضروري أيضًا أن يكون الإنسان معبرًا عن آرائه ولا يكتم حتى لا يحتقن، لأن الكتمان أيضًا يضر كثيرًا بالتركيز.

تلاوة القرآن الكريم بتدبر وبتمعن وجد أيضًا يحسِّن التركيز، والقراءة في الصباح أيضًا تحسِّن التركيز كثيرًا.

فإذًا أيها الفاضل الكريم: هذه هي الأسس المهمة في حالة وجود قلق، وأنت ذكرت أيضًا أنك تحسُّ أن لديك شيئا من عسر المزاج، وعدم قدرتك أن تتحرك بدافعية، هذا أيضًا قد يضر بالتركيز، وأحد الأدوية المضادة للقلق والتوتر ومحسن للمزاج عقار (فافرين) أو عقار (مودابكس) والمودابكس موجود في مصر، وجرعته هي حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر، وقوة الحبة خمسون مليجرامًا، بعد ذلك تجعلها حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهر، ثم حبة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

إذًا هذه هي الحلول التي نقدمها لك، ونسأل الله تعالى أن يعافيك، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً