الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوحدة الشديدة دفعتني للإدمان على أفلام الكرتون وأريد الخلاص

السؤال

السلام عليكم

منذ طفولتي وأنا أعاني من الأمراض النفسية بكل جوانبها، في صغري كنت أعاني من السلس البولي، والذي استمر معي فترة طويلة حتى عمر 14 عاما، كما أني أعاني من أحلام اليقظة التي لا تزال مستمرة.

أنا مغتربة، ومن النوع الوحيد في المنزل؛ لهذا أكره الوحدة، ومنذ تغربي بدأت المشاكل معي، كنت منذ فترة وحيدة بشكل كبير، فلم أستطع العيش، فاتجهت للأنمي (أفلام الكرتون) ووجدت فيها ما يسليني ويذهب مللي، واستمررت أشاهدها منذ الـ 14 من عمري حتى الآن، إلا أنها انعكست علي فترة من الزمن، فكانت أحلام اليقظة قد دخلت حياتي مرة أخرى، كنت أتخيل نفسي مع بعض الشخصيات ألعب، لدي أصدقاء وأمور طفولية، أخبرت أمي وأبي وشكوت لهم طالبة الحل، فلم أجد منهما إلا التوبيخ والإهانة.

بعد شهر من الحادثة استطعت أن أتوقف، لكن قرار أبي وأمي بمنعي من الأنمي كان صدمة كبيرة لي، كنت أحاورهما ولا ينصتان، والسبب أنهما يريان الكارتون صغيرا على عقلي، وأنه يجب أن أهتم بأمور أخرى؟

صرخت وبكيت ورفضت الطعام لكن لم يجيبانني، كل مرة أحاول معهما يجيبان علي بطريقة أقسى، وأنا من النوع الحساس سريع التأثر، أصبحت أشاهد على انفراد لأنني لا أريد أن يعود لي حالي من قبل، من وحدة وضياع، سرعان ما تطور الأمر، وأصبت بتشنج القولون لشدة حالتي.

أنا موهوبة بالرسم، وبالتحديد رسم شخصيات الأنمي، إلا أن أبي وأمي منعاني، ماذا بقي؟! أريد الخلاص، وضعي النفسي والجسدي والسلوكي اختلف، أشعر بضياع! أرجوكم أريد حلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

ابنتي الفاضلة، أنت تنظرين إلى مشكلتك على أنها مشكلة كبيرة ومعقدة، لا أعتقد ذلك، نمط حياتك كان يسير على أنك تحسين بوحدة؛ لذا اندمجت كثيرًا مع أفلام الكرتون؛ لدرجة أننا نستطيع أن نقول أنها وصلت لمرحلة الإدمان، وفي هذا السياق أود أن أوضح لك أن إدمان هذا النوع من الأفلام وأفلام الفيديو، وكذلك الإنترنت أصبح أمرًا معروفًا، لكن يمكنك التخلص من هذا الآن، توجيه والديك لك ومنعك من عدم هذه المشاهدات أعتقد أنه كان توجيهًا صحيحًا، ربما يكون أسلوبهما كان فيه شيء من الشدة والقسوة عليك، لكنهما في نهاية الأمر يريدان مصلحتك، لأنك الحمد لله كبرت، وأصبح أمامك مسؤوليات أخرى، فيجب ألا تضيعي وقتك مع هذه الأفلام.

أنت الآن من المفترض أن تكوني عضواً فعالاً ومشاركاً في شؤون الأسرة، تساعدي والدتك في المنزل، تكوني إنسانة فعّالة، تهتمي بكل ما يُسعد الأسرة ويؤدي إلى توافقها، وتجتهدي في دراستك، وفي أمور دينك، وتطوري مهاراتك، أصبح الأمر مختلفا تمامًا، أنت منتقلة لمرحلة حياتية عمرية فيها الكثير من التغيرات النفسية والبيولوجية والسلوكية، ولا بد أن تعدّي نفسك إعدادًا صحيحًا.

يا أيتها الفاضلة الكريمة أنت الآن في وضعٍ نعتبره وضعًا إدراكيًا، بمعنى أنك تحسين بالمشكلة، وتحسين أيضًا بشيء من التذمُّر لتوجيه الوالدين لك، وأنا أقول لك أنه فعلاً من الأفضل أن تقلصي تمامًا مشاهداتك لهذه الأفلام، أو تتوقفين عنها بالكامل؛ لأن الحالة من وجهة نظري تحولت إلى حالة إدمانية، وأنا أعرف ذلك، وشاهدنا الكثير من الحالات.

ابدئي بعد ذلك في تنظيم وقتك وذلك من خلال: النوم مبكرًا، مارسي تمارين رياضية، مارسي تمارين الاسترخاء، هذه مفيدة جدًّا بالنسبة لتشنجات القولون العصبي، وكوني منفتحة على صديقاتك، كما ذكرت لك كوني نشطة وفعّالة في البيت، اسعِ دائمًا للتحاور مع والديكِ بصورة مهذبة وجميلة تدل على برك لهما، وأنا متأكد أن هذا سوف يحسِّن كثيرًا العلاقة بينك وبين والديك.

هذا هو المنهج الذي يجب أن تنتهجيه، انتقلي لهذه المرحلة الجديدة في حياتك، وتحسين استغلالك لوقتك سوف يُقلل رغبتك تمامًا في مشاهدة هذه الأفلام وكذلك أحلام اليقظة سوف تتقلص وتنتهي، وتصبح حياتك حياة مرتبة فيها أنشطة، ولديك مشروع حياتي تسعين من أجل أن تصلي إليه، وهذا هو المطلوب.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأرجو أن تنمّي موهبة الرسم لديك فهي جميلة جدًّا، وسوف تجدي - إن شاء الله تعالى – الكثير من الرضا، بشرط ألا تأخذ حيزًا كبيرًا من وقتك.

أنت لست في حاجة لأي علاج دوائي، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً