الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يكون الإنسان متزناً بانفعلاته لو تعرض للضغوط؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أود أن أستفسر: كيف يكون الإنسان متزناً بانفعالاته خصوصاً لو تعرض للضغوط؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُثبِّتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فإن الاتزان في حالات الانفعال والتعرض للضغوط، أمرٌ سهلٌ ميسورٌ في حالة واحدة، ألا وهي الالتزام بشرع الله -تبارك وتعالى- التزامًا جادًا صادقًا؛ لأن الإنسان -كما لا يخفى عليك- مكوَّن من جسدٍ وروح، والجسد معروف غذائها، فهي تحتاج إلى مجموعة من العناصر المُغذيَّة، وكلنا يحرص على ذلك، ولذلك نجد أن الجسد يؤدي دوره في الحياة بصورة سهلة ومرنة، لأنه قد حصل على مقوّمات حياته ووجوده.

كذلك الروح، لها كذلك مقومات حياةٍ ووجود، الروح من أمر ربي، فالروح من عند الله تعالى، فالروح من الله -جل جلاله-، ولذلك غذاؤها من عند الله -عز وجل-، وأهم عامل من عوامل اتزان الانفعالات -خاصة عند التعرض للضغوط-: المحافظة على الصلوات، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا حزبه أمرٌ -أي أهمَّه أمرٌ- قام إلى الصلاة، إذا أفزعه شيء قام إلى الصلاة، ويقول: (بهذا أمرني ربي -عز وجل-) قال تعالى: {وأْمُرْ أهلك بالصلاة واصطبر عليها}، وكان يقول أيضًا إذا تعرَّض لشيءٍ من الأمور التي تطرأ على حياة الناس، ينادي بلال -رضي الله تعالى عنه- وقال: (أرحنا بها يا بلال) أي بالصلاة، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، ولكن اسمحي لي أن أقول لك: ليست مجرد صلاة صورية أو شكلية، وإنما صلاةٌ ذات خشوع وخضوع، فيها اطمئنان في القراءة، اطمئنان في الأركان، اطمئنان في الركوع والسجود والدعاء، فيها اطمئنان أيضًا في إحياء السُّنَّة، فيها محافظة على شروطها وأركانها وقيامها بالمعنى الصحيح، فيها فترة من الزمن أطول، خاصة في حالة السجود عندما يشكو العبد أموره لربِّه ومولاه ويعلم أنه يستمع إليه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، هذا حقيقة هو أهم عامل من عوامل الاتزان في الانفعالات وأيضًا تخفيف الضغوط، ولذلك -كما ذكرتُ-، كانت هذه وصفة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتلك سُنَّته، والمحافظة على صلاة الفجر في وقتها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن من صلَّى الفجر في جماعة فهو ذمَّة الله، يعني في حفظ الله وعنايته ورعايته، وبالتالي أي ضغوط أو انفعالات لن تكون بالنسبة له شيئًا.

كذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وذكر الله على الدوام من تسبيح وتحميدٍ وتهليلٍ وحوقلةٍ، خاصة الأذكار الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل (سبحان الله وبحمده) مائة مرة، وغير ذلك من التسبيحات، لأن بذكر الله تطمئن القلوب، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وقال تعالى: {واذكروا الله كثيرًا}، ما النتيجة؟ {لعلكم تُفلحون}.

كذلك قراءة آية الكرسي، لو قرأها الإنسان لا يزال عليه من الله حافظ، ولا يقربه الشيطان حتى يُمسي إذا قالها صباحًا، أو حتى يُصبح إذا قالها مساءً، والمحافظة على الطهارة معظم الوقت، والمحافظة على أذكار ما بعد الصلوات، والمحافظة على ورْدٍ من القرآن الكريم يوميًا، لأن هذا القرآن نور، كما قال الله تعالى: {أوَمَن كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارجٍ منها}، فمحافظتك على ورْدٍ من القرآن الكريم مع شيء من التأنِّي والتدبُّر، ليست القراءة السريعة التي لا تُفيد، غالبًا في مثل هذه الأمور التي تحتاجين أنت إليها.

كذلك هناك عامل آخر وهو الدعاء، فإن الله -تبارك وتعالى- أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة، فندعو الله ونُلحَّ عليه بكل ما أوتينا من قوة، وهناك أمر آخر أيضًا، وهو الإكثار من الصلاة على النبي المصطفى محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- كذلك الإكثار من الاستغفار.

هذه الأمور -بإذن الله تعالى- ستؤدي إلى قدر كبير جدًّا من الاتزان، خاصة في حالة التعرُّض لضغوطٍ قد تكون من داخل الإنسان أو من خارجه، فإننا بذلك سنستطيع أن نحافظ على نفسٍ طيبةٍ مُطمئنةٍ معتدلةٍ سعيدةٍ، توزِّع السعادة أيضًا على من حولها، وتُشيع روح المحبة والأخوة في المحيط الذي تعيش فيه.

أسأل الله أن يعينك على ذلك، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

لا يوجد صوتيات مرتبطة

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات