الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذهول عن الصلاة وضعف فهم المقروء وعلاقته بالمعاصي

السؤال

أنا شابٌ أعاني من ثلاث مشاكل:

المشكلة الأولى: أدرس في مدرسة مختلطة، وأقوم بالكلام مع الفتيات، وعندما أعاهد نفسي على عدم الكلام معهن أرجع وأتكلم معهن أو هن يتكلمن معي، وأنا في الصف الحادي عشر، فأرجو نصحي.

مشكلتي الثانية: عندما أذهب للصلاة يصيبني شعور بعدم الذهاب للصلاة في بعض الأوقات، لكن عند فوات موعد الصلاة أشعر بالندم على إهمالي للصلاة، وأعاهد نفسي على أن لا أُهمل صلاةً بعد اليوم، لكن المشكلة تتكرر باستمرار.

المشكلة الأخيرة: أنا طالب في الصف الحادي عشر، في المدرسة الصناعية، واختصاصي تقنيات حاسوب، أشكو من الملل وقلة التركيز في الدراسة، فكلما بدأت في الدراسة يصيبني الشعور بالملل والضجر؛ مما يسبب في ضياع الوقت الكبير مني.

علماً بأنني أحب دراسة هذا الفرع، فأنا أحب قراءة الكتب، لكن عندما أبدأ في القراءة أقرأ القليل فقط، ولا أفهمه، وأضطر لأن أعيد قراءة الجملة مرةً أخرى لكي أفهمها، وعندما أفهمها وأنتقل للجملة التي تليها أنسى ما قرأته في السابق.

أرجو منكم النصيحة، وجزاكم لله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الفاضل - حفظك الله ورعاك - أعلم أن الالتزام بالعفة أدب إسلامي، دعا إليه القرآن الكريم، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، فمن لم يستطع، فعليه بالصيام فإنه له وجاء)، والوجاء هو: الوقاية من الوقوع في الزنى والمحرمات.

والكلام مع الفتيات في غير منفعة، ولا مصلحة، يعتبر ضياعا للوقت، ومفسدة للنفس، والشيطان -أخي- يحاول أن يدخل من مداخله الواسعة، ويزين لك ذلك، ويقول تكلم معها مجرد كلام بسيط، وهكذا مرحلة مرحلة، إلى أن يوقعك في المعصية، ويقسو قلبك، والعياذ بالله!

حاول -أخي- أن توطن نفسك، وتحترس من مداخل الشيطان، وابتعد عن الكلام مع الفتيات، وعليك بالرفقة الصالحة التي تذكرك بالله دائماً، وإن لم تجد فعليك بنفسك، واسأل الله تعالى أن يحفظك من كل سوء، وحاول أن تغض بصرك عن النظر إلى الفتيات؛ فإنه أدب نفسي رفيع، ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الاطلاع على المحاسن والمفاتن، كما أن فيه إغلاقا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية، والحيلولة دون وصول السهم المسموم، وهو سهم إبليس عليه لعنة الله.

حاول أن تعتزل المحرمات، كالغناء والأفلام الهابطة الماجنة.

اجعل لنفسك منهاجاً وبرنامجاً تقرأ فيه القرآن، وتكثر من الأدعية والأذكار بأن يحفظك الله من كل سوء.

أما الخشوع في الصلاة، فيحتاج إلى قلب نقي صافي من شوائب الدنيا، وهذه كلها من مداخل الشيطان - أخي الفاضل - يريد أن يسوف لك الأعمال، ويقول لك صل في ما بعد سوف تلحق الصلاة، ولا تستعجل، وأن يشغلك بالأمور المباحة كالدراسة مثلاً عن الصلاة، فيقول لك: ادرس ثم اذهب إلى الصلاة، فلا تترك له المجال - أخي - فإذا حان وقت الصلاة، انتفض ولب نداء ربك في جماعة، ولا تترك وقتاً يفوتك؛ فتندم، وتخسر، واعلم أن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، فلا تضيعها، وحافظ عليها، وسترى الخير الكثير بإذن الله تعالى.

أما بالنسبة لعدم فهمك للكتب التي تقرؤها، فكل هذا ناتج عن نظرك إلى المحرمات، وتركك لصلاة الجماعة؛ فتراكمت المعاصي عليك، وأحاطت بفكرك وعقلك، وجعلتك لاتفهم شيئاً مما تقرأ، واسمع إلى قول الله تعالى: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين:14]، وقال بعضهم:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نـــور ونور الله لا يهدى لعاصي

مشكلتك -أخي الفاضل- هي النظر إلى المحرمات، ومصاحبة الفتيات، والتحدث معهن؛ لهذا لا تستطيع أن تركز في شيء، ولا تحفظ شيئاً، فابتعد عن المعاصي والمحرمات، وغض البصر عن أي شيء يغضب الله تعالى، وصاحب الأخيار، واجعل لسانك رطبا بذكر الله، بإذن الله تعالى ستسمو نفسك، وتنجح في حياتك العلمية والعملية.

وبالله التوفيق!

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً