الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية إعادة الفتاة لصداقتها مع أخرى بعد انقطاع وتوتر في العلاقة

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي هي أن لي صديقة عزيزة جداً على قلبي، حيث بدأت علاقتي معها منذ سنة تقريباً، ولقد كنا لا نفارق بعضنا إلا عند النوم، حيث نعيش في سكن الطالبات، وهذا ما أتاح لي الفرصة ولها لتقربنا من بعض أكثر، حيث ارتحنا لبعضنا كثيراً، وكنت أقول لها ما بنفسي، وهي تقريباً لا تقول ما بداخلها إلا في الظلام، سواء عندما نتمشى مع بعض ليلاً في السكن، أو في الغرفة حين تطفئ الأنوار.

وهي من النوع العنيد، وترتاح لأي أحد يتكلم معها، مع أنها تكون خجولة من الكلام معهم، وبدأت المشكلة حيث أني لم يحالفني الحظ لكي آخذ بعض المساقات في الصيف معها، فكانت دائمة الاتصال بي، وكانت تقول لي بأنها مشتاقة إلى الجلوس معي، والفضفضة، وأنا ليس بيدي شيء سوى أن أقول لها: تعرفي إلى البنات، وستجدين من تعوضك عني، وكانت ترفض هذا الشيء.

وكنت أكلمها قبل وبعد الدوام، ولكن وبعد فترة احتجت إليها كثيراً، واشتقت إليها، وأريد أن أكلمها، ولكن فوجئت بإنسانة أخرى لا أعرفها! لقد تغيرت كثيراً، ولكن استمرت مكالمتي لها، قلت في نفسي: ربما تكون متضايقة من شيء ما، وأنا أتكلم معها لا أحس بأنها معي: تكون مشغولة بمن معها، وتضحك معهم، ولا تعيرني اهتماماً، وأنا من كنت لا أنام الليل عندما أعرف أنها متضايقة من شيء ما! ومن شدة غضبي أغلقت السماعة في وجهها، وفي نفس اليوم اتصلت لأعتذر، ولكن لم تقبل الاعتذار، أو بالأصح لم تسمع الاعتذار، فكانت تتكلم مع من كانت معها! حزنت كثيراً؛ لأني أحسست بأني أهنت نفسي!

واتصلت بعد فترة لكي أطمئن عليها، وكانت تتكلم معي بجفاف لم أعهده من قبل، وقلت لها: إني أعتذر إليك للمرة الثانية؛ فأرجو قبول الاعتذار)! فردت وقالت: (أنت كلما فعلت شيئاً اعتذرت، وما هذه الكلمة البسيطة؟ أتحسبين أنها أنستني ما فعلته بي) قلت لها: (أنا مستعدة أن أعتذر إليك من الآن وحتى آخر يوم لي) ولم تتقبل الكلام!

وهي الآن لا تريد رؤيتي، ولا الكلام معي، وتقول: أنا كنت ألعب بمشاعرك، لقد صدمت من هذه الكلمة جداً! أنا لا أنكر أني كنت أغار مرات عليها، ولكن لا أريد أن تبتعد عني، فقد أحببتها كثيراً، وهي بصراحة عندما تغضب من أي طالبة من الطالبات كانت تأتيها حالة، وهي تفضل الجلوس في الظلام، وتضع رأسها على ركبتيها، وتخاف من أي أحد يجلس بجوارها، أو يكلمها عندما تأتيها الحالة!

وعندما تنام وتصحو صباحاً، وأكلمها عن ما حدث بالأمس تقول: لا أذكر أي شيء، وهذا الشيء الذي أتاح لي الفرصة لأقترب منها حيث نفرت منها الطالبات؛ خوفاً منها ومن الحالة التي كانت تأتيها، أما أنا فكنت أجلس معها حتى تنام، وأحياناً حتى الفجر أقرأ عليها بعض آيات القرآن الكريم، أو أضع لها قناة القرآن، ولكن كانت تستغرب الصوت، وتبحث عنه في أرجاء الغرفة المظلمة!

وأنا ما أطلبه هو أن تعود صديقتي كما كانت، تتقبل كلامي لها، أرجو أن تجدوا حلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أبرار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

اعلمي -أختي أبرار- أن المحبة والأخوة الصحيحة الصادقة إذا كانت مبنية على جسرٍ صحيح فلن تنكسر -بإذن الله تعالى- ولن تنقطع، أما إذا كانت مبنية على مصالح دنيوية، فهذه لا شك ستزول بزوال المصلحة، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، فأرجو من الله القدير أن تكون محبتك لصديقتك هذه لله تعالى وفيه، لا فائدة من ورائها ولا مصلحة، وإذا كان كذلك فأنا أبشرك بإذن الله تعالى أن المياه ستعود إلى مجاريها، وسترجع لك صديقتك بعد أن تعرف أن أخوّتك لها صادقة نابعة من القلب، وكل شيء نابعٌ من قلب لا شوب فيه، فإنه يصل إلى القلب مباشرة.

من خلال كلامك أرى أن صديقتك ضحية، فهي لا تعرف مقدار الأخوّة التي بينكما، وربما قد لا تحس بها، وقد يكون هناك طرف ثالث دخل بينكما يريد أن يفسد أخوتكما، فهذه الاحتمالات كلها واردة، ومثل هذه الشخصية تُشعرك دائماً بالإحباط، فهي دائمة الشكوى سلاحها الدموع والتباكي ولوم الناس، وهدفها الحصول على شفقتك وعطفك عليها، وقد تتمسك برأيها ولا يمكن أن تسمع لكِ، وتجديها مندفعة في سلوكياتها السلبية، وهي تنتظر من الآخرين أن يعتذروا لها، ولا ترى في الدنيا سوى سلبياتها، لذا فالعيش بالقرب من هذا النوع متعب وممل، وأنا في حقيقة الأمر أشكرك أختي أبرار على صبرك وتحملك على هذه الأخت، وأنا أريد أن لا تيأسي، بل حاولي أن تصبري، فهي محتاجة إلى العطف والشفقة من الآخرين، فلا تتركيها، والهاتف وحده لا يكفي إذا كنتِ تريدين أن تنقذيها حقاً، وعليك أن تزوريها في بيتها، وتبيني لها مدى صدق محبتك لها، ولك الأجر في ذلك -بإذن الله تعالى-، وهنا خطوات أرجو أن تتبعيها:

1-اطلبي من الله العون والسداد في سعيك هذا.

2- تعاملي معها بالصبر والحكمة والموعظة الحسنة.

3- لا تتصادمي معها وتخالفيها؛ فهذا يدفعها إلى المزيد من الشكوى.

4- تعاطفي معها، فهي في هذه الحالة لا تستطيع السيطرة على حياتها.

5- حاولي أن تزوريها في بيتها، وتقدمي لها هدية تُفرحها.

6- حاولي أن تقنعيها بالتركيز والانتباه للحلول المفيدة والنافعة.

7- ازرعي الأمل في مستقبلها المشرق، وأبعدي عنها اليأس والقنوط.

بهذه الخطوات أختي أبرار تستطيعين أن تُرجعي أخوتك ومحبتك لصديقتك، ولكن كل هذا يحتاج إلى صبر منك وتحمل، وسترين النتيجة الإيجابية بإذن الله تعالى.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً