الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من ضعف الثقة بنفسي والانطوائية.. فهل من حل؟

السؤال

بِسْم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية كنت إنسانًا عاديًا اجتماعيًا متفوقًا في الدراسة، محبًا للقراءة، مع أنه كانت عندي بعض الصفات التي ليست طيبة، مثل حب رضا الناس.

حصل لي موقف دمرني بالكامل، وبعّد عني الناس، وأبعدني عن الناس، وطبعا بالتدريج، وليس كل الناس لأنه بقي بعض الناس، وصرت مثل ما يقولون: (أبله) إن جلست مع الناس؛ أقول كلامًا غبيًا، وأشتم من هذا ومن ذاك، وصرت مهزلة للكل حتى من أهلي، وضعيف الثقة بنفسي، وأدمنت على العادة السرية، وصرت انطوائيًا إلا من أناس معينين.

مرت الأيام، ودخلت الثانوية وأنا على نفس الحالة، واتخذت خيارات كانت بعضها صائبة وبعضها خاطئة، ومشيت بها، وفي نفس الوقت صرت أفكر كثيرًا، وأصطنع مواقف في مخيلتي، وأجلس أتكلم فيها كأنها شيء حقيقي، وأشرد بذهني كثيرًا للمواقف هذه، وبعدها تخرجت من الثانوية، وكنت محافظًا على صلاتي، وأشمت على الذي لا يصلي، وأتكلم عن الناس كثيرًا، وفي نفس الوقت الثقة ما زالت ضعيفة، ومضت الأيام، وتخرجت من الثانوية، وأحببت أن أبدأ حياة جديدة كأن أرجع أتكلم مع الناس، وأبني روابط جديدة معهم، لكن تواجهني ردات فعل مغايرة على التي كنت متوقعها، فأرجع أضعف، وأحاول مرة ثانية وأضعف.

مع العلم أني ما زلت أعاني من شرود في الذهن والعادة السرية، وتأخير بعض الصلوات وتركها في بعض الأحيان، وأصبح همي الشاغل الناس، وأنا ما عندي أصحاب، وأنا مبغوض من الناس، وإذا مرّ عليّ أحد من الذين كنت أعرفهم وما سلم عليّ أغضب، وأجلس أفكر، وأنا إن مررت على الناس أحيانًا أسلم وأحيانًا ما أسلم، وأخاف أني إذا غيّرت بعض عاداتي السيئة أن يتكلم علي الناس، ويقولون: هذا له مصلحة! ولهذا تغيّر، وأيضا أعاني من العجب بصنيعي الحسن والحسد، مع أني أرفضهما في نفسي، لكن أجد في القلب غصة، وأحاول لكن لا فائدة، فأرجوكم أفيدوني.

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

ما تعاني منه -أخي الكريم- ربما يكون مرتبطا إلى حد كبير بموضوع الثقة بالنفس، وربما تكون شخصيتك من النوع الحساس، وأنك تفكر دائماً في رأي الآخرين عنك. كما أن مقياس أو معيار التقييم لشخصيتك وللآخرين يحتاج إلى تعديل؛ لكي تتصرف بصورة طبيعية، وإذا زادت ثقتك بنفسك -إن شاء الله- ستتفجر كل القدرات والإمكانيات والطاقات التي تمتلكها.

فلا بد أن تعلم -أخي الكريم- أن الله تبارك وتعالى خلقك في أحسن تقويم، واحمد الله على نعمة العقل، فهي أعظم النعم، لذلك لماذا الخوف؟ ولماذا الرهبة من الناس المخلوقين مثلك؟ فكل الناس لها محاسن ولها عيوب، والكمال لله وحده، فتقديرك غير الواقعي للآخرين ولنفسك هو سبب الخوف والتوتر؛ لأن هذا ناتج عن النظرة السلبية لنفسك، والتقييم المتضخم للآخرين. فحاول تعداد صفاتك الإيجابية، ولا تقارن نفسك بمن هم أعلى منك في الأمور الدنيوية، وغيّر المقياس أو المعيار الذي تقيّم به الناس، فأفضل المقاييس على الإطلاق هو المقياس المستمد من الكتاب والسنة، فتقوى الله عز وجلّ هي المحك الحقيقي لتقييم الشخصيات.

إليك بعض الإرشادات ربما تساعدك في حل المشكلة:
1- اسع في مرضاة الله، فإذا أحبك الله جعل لك القبول بين الناس.

2- كن نموذجاً في الأخلاق، واحترم قيم وآراء الآخرين.

3- أفش السلام على من تعرف ومن لا تعرف، وساعد من يطلب منك المساعدة، واعرض مساعدتك على من يحتاج للمساعدة.

4- قدم الهدايا لمن حولك حتى ولو كانت رمزية؛ فإنها تحبب فيك الناس، وازهد فيما عندهم.

5- بادر بصلة الآخرين في مناسباتهم الاجتماعية، وشاركهم في مناسباتهم السارة وغير السارة.

6- أحسن الظن دائماَ في الآخرين إلى أن يتبين لك العكس.

7- التمس العذر للآخرين، وسامح إذا تطلب الأمر ذلك.

وللتغلب على ممارسة العادة السرية نرشدك بالآتي:

- حدد يوماً معيناً للإقلاع عن هذه العادة، وليكن يوماً له أثر طيب على نفسك، ثم وقع مع نفسك عقداً ملزماً لإنهاء هذه العادة نهائياً، واستعن بالله، وأكثر من قول: (حسبي الله ونعم الوكيل).
- كما تعلم أن الصوم يكسر الشهوة الجنسية، فإذا استطعت إلى ذلك سبيلا فافعل.
- التفكير دوما في أضرارها، ويا حبذا إذا دونت ذلك في مذكرة، واطلعت عليها كل يوم.
- لا تجلس وحدك كثيراً، وحاول ملء الفراغ بما هو مثمر ومفيد.
- إذا أتتك الرغبة لممارسة ذلك حاول تجاهل الأمر، وفكر في ممارسة نشاط آخر، وتذكر أن الله تعالى يراقبك، ومطلع على ما تفعل.
- ابتعد عن كل ما يهيج الرغبة الجنسية (صور، أفلام، مناظر، قصص... الخ).

وأخيراً نقول لك: تذكر دائماً: من يستعفف يغنه الله من فضله.

وفقك الله تعالى لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً