الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحسن إلى الآخرين ثم أقول أنهم لا يستحقون إحساني، هل هذا من وأذى؟

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي هي أنني أحسن إلى الناس وأجتهد في الإحسان، ثم لا أجد منهم التقدير، وأحيانا لا يحترمونني، فتصيبني حالة غضب شديد، وأبدأ بالسب والتجريح، وأقول لهم: إنكم لا تستحقون كل الذي فعلته من أجلكم، بعدها أشعر بالندم وأعتذر لهم.

وصارت هذه الحالة تتكرر كثيرا، إلى أن أصبحت في دوامة الإحسان، ثم الغضب، ثم الندم، ثم الإحسان مجددا، فكيف أخرج من هذه الدوامة؟ وهل قولي بأنهم لا يستحقون، يعتبر منا وأذى؟ وهل أحاسب على قول عبارات جارحة لا أعنيها في الواقع، ولكن من شدة غضبي عليهم أقول ذلك؟ وأعلم أن هذا يؤذيهم كثيرا، وأنا لا أود ذلك، ولكنهم يجبرونني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونحيي فيك روح الإحسان، ونسأل الله أن يرزقنا جميعا الإخلاص، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

احرصي -يا ابنتي الفاضلة- على أن لا تنتظري من الناس جزاء ولا شكورا، وقدمي الخدمات والإحسان لوجه الله، وإذا قدرك الناس فقد أحسنوا لأنفسهم، وإن لم يقدروك فلن يضروك طالما كنت راغبة في ثواب الله، متطلعة لما عند الله.

ولا يخفى عليك أن في الإخلاص عون على الاستمرار في فعل الخير، وما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انفصل وانقطع، وقد عرف بعضهم المخلص بأنه من يستوي عنده مدح الناس وذمهم، والعاقلة مثلك تدرك أن الناس لن يرضيهم شيء،فتجعل همها إرضاء الله وحده، فإذا رضي عنها العظيم أرضى عنها الناس، وألقى لها القبول في الأرض.

ومن هنا فنحن ننصحك بما يلي: اللجوء إلى الله وسؤاله التوفيق والإخلاص، عدم التوقف عن فعل الخير لأجل ذم الناس، أو تقصيرهم أوعدم تقديرهم، عدم التلفظ بأية كلمات تجلب الأذى لأنها تنقص ثواب العمل، وقد تجعل الإنسان مفلسا، لأنه لم يحافظ على الحسنات التي تعب في تحصيلها، تجنب المن والأذى لمن تحسنين إليهم، الصبر على الأذى، الحلم على الجهال رغبة في ثواب الكريم المتعال، تدارك الخلل بالتوبة والاستغفار، تطييب خواطر الناس والاعتذار لهم.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وسعدنا بتواصلك وأسعدنا اهتمامك بفعل الخير والإحسان، ونبشرك بأن خير الناس أنفعهم للناس، فلا تتركي عادتك في فعل الخيرات مهما كانت المنغصات، وتذكري أن الجنة حفت بالأشواك، وأن سلعة الله غالية، فقابلي الإساءة بالإحسان، والقطيعة بالوصال، والجهل بالحلم، وليسلم الناس من لسانك ويدك فذلك مكمل لإحسانك لهم ولنفسك، ونسأل الله أن يغفر الذنوب، وأن يؤلف القلوب.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً