الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغيرة على غير المحارم هل هي مشكلة غريبة أم لا؟

السؤال

السلام عليكم.

عندي مشكلة أعتقد أنها غريبة، وهي الغيرة على غير المحارم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابننا الكريم- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويزيدك خيرا ويصلح الأحوال، وأن يحقق لنا في طاعته الآمال، وأن يجعلنا ممن يغار على الأعراض من عدوان الجهال.

ليس أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وعندما تعجب الصحابة من غيرة سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمهم ويوجهنا: (أتعجبون من غيرة سعد؟ فوالله لأنا أغير منه، والله أغير مني)، وفي حديث الكسوف خاطبهم، فكان مما قال: (لا أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته).

وبسبب الغيرة على مسلمة قتل مسلم يهوديا ربط أسفل ثوب امرأة مسلمة بأعلى ثوبها؛ فانكشف جزء منها فصاحت، وفقد اليهودي رأسه، وتجمع اليهود على المسلم فقتلوه، فقام من بعث بالغيرة والفضيلة يجر إزاره، وانطلق إلى اليهود وطردهم، ليعلمنا أهمية الغيرة على الأعراض.

وعاش الكرام من الصحابة فمن بعدهم على الغيرة على كل المسلمات، ولم يكن عجيبا أن يأمر ابن عفان بقص أجنحة الحمام التي يتابعها بعضهم، فيصعد إلى سطوح المنازل، فيطلع على الأعراض، حيث عذر من فعل ذلك، وأمر بقص أجنحة الحمام؛ حتى لا يصعد على أسطح المنازل صيانة لأعراض الناس كل الناس، وظل الناس يمتدحون في المعتصم استجابته لمن قالت: وامعتصماه!، فحرك لها جيشا، فمن لأعراض المسلمات اليوم، وما أجمل ما قاله الشاعر:

ربَّ وامعتصماه انطلقت**ملْء أصوات الصبايا اليتمِ
لامست أسماعهم لكنها**لم تلامس نخوة المعتصمِ

والمسلم يغار على محارمه، ويغار على كل الأعراض، ففضيلة الغيرة لا تتجزأ، وصيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين، وعلى هذا المعنى الكبير ينبغي أن نربي أنفسنا وأبناءنا؛ لأن في التربية على الغيرة صيانة للعفاف، وما زنى غيور قط.

ونحن إذ نشكر لك هذه المشاعر نؤكد أن شيوعها في المجتمعات تعتبر من أكبر الضمانات، ووتر الغيرة هو الذي لمسه النبي في حواره مع شاب جاء يستأذن في الزنا، فقربه النبي، وتقبله، وأمّنه، واحتواه، وحاوره قائلا: (أترضاه لأمك؟ لأختك؟ لعمتك؟) يعدد له المحارم، والفتى ينتفض قائلا: لا، يا رسول الله، وصاحب الرسالة يرسخ القناعات الإيجابية في نفس الشاب بقوله: (وكذلك الناس لا يرضونه لبناتهم، لأخواتهم...) فماذا كانت النتيجة؟ (فما فكر الفتى في مثلها، فلم يكن يلتفت بعد إلى شيء) فأعظم بالتربية النبوية! وأكرم بالغيرة من خلق! واحفظ اللهم أعراضنا وأعراض المسلمين، واهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ونكرر لك الشكر، ووفقك الله، وسدد خطاك، وحفظك، وأغناك، وتولاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً