الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أني ضعيف الشخصية وجبان، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا عمري 14 سنة، ومشكلتي هي أن الكل في المدرسة ينفر مني؛ لأني ممل، ولا أجيد المزاح، ولست خفيف الدم! خاصة الفتيات لا يتكلمن معي؛ لأني ضعيف الشخصية، كما أنني ضعيف في الرياضة، ولياقتي البدنية ضعيفة، وأنا ضحية للتنمر، لا أجيد الدفاع عن نفسي أو الرد عليهم!

حاولت أن أخبر المعلمين لكن لم يفعلوا لهم شيئا، لهذا لا يحب الناس الكلام معي؛ لأني ضعيف، وللعلم أنا جيد في الدراسة، والكل يكلمني من أجل مصلحتهم؛ كي أعلمهم في الدراسة، كما أنني جبان مع عائلتي؛ أخاف من الظلام، ومن الفئران، ومن البقاء وحيدا في المنزل.

عندما أكبر وأتزوج -إن شاء الله- كيف سأحمي عائلتي؟ أريد أن أكون قوي الشخصية، وخفيف الدم، وأجيد التحدث مع الآخرين، وأوقف المتنمرين، أريد أن أكون شعبيا في المدرسة، وماهرا في الرياضة، وأتخلص من خوفي وجبني، فهل من حل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ zahir حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا بما في نفسك وحياتك الأسرية والمدرسية...، وأعانك الله، ويسّر لك طريق التغيير المطلوب.

ربما الكثير مما ورد في سؤالك إنما هو نتيجة طبيعية لظاهرة سلوكية توجد -مع الأسف- في كثير من المدارس، وهي التنمرّ التي ذكرتها في سؤالك، حيث يمكن أن يقوم أحد الطلاب، أو مجموعة من الطلاب، بالإساءة لطالب آخر بشكل من الاستهزاء والسخرية أو التهديد أو الضرب والأذى، أو بأي عمل يزعج هذا الطالب. وربما ما تمرّ به قد يكون من نتائج هذا التنمر.

ويمكن لهذا التنمر أن يزعج الطالب كثيرا؛ مما قد يدفعه لضعف الثقة في نفسه، وربما يصل الأمر لحدّ الرغبة في عدم الذهاب إلى المدرسة، ومما قد يؤثر على كامل العملية التعليمية لهذا الطالب، مع أنك من المتفوقين دراسيا.

ونحن نقول –عادة-: إنه لا بد من تعاون عدة جهات للقضاء النهائي على ظاهرة التنمر هذه، وأنه لا بد من تعاون إدارة المدرسة مع أسرة الطالب والطالب نفسه في إيقاف هذه الإساءة، ليعود الطالب يتابع حضوره وتعلمه في جوّ آمن مريح.

وأنصحك بأن تكلم أحد والديك، ومن ثم يمكنه أن يتواصل مع المدرسة؛ لضبط الموضوع؛ لأن تأمين سلامة الطلاب إنما هو عادة من واجبات إدارة المدرسة للقيام على راحة وأمن الطلاب.

ويجب أن ننمي في مدارسنا ومجتمعاتنا أننا لا يمكن أن نتحمل أو نقبل أي درجة من درجات التنمر، وبالرغم من أنك كلمت المعلمين فلا مانع من الكلام معهم مجددا.

وأما جو البيت فأرجو أن تغيّر نظرتك لجو البيت، فيمكنك أن تعتبره بيئة مناسبة للتدريب على الجرأة وعلى القدرة على التكلم مع الناس والتعبير عن مشاعرك، فإذا لم تتكلم في البيت، فأين إذا؟!

على الأقل الأسرة في البيت سيتقبلون مساعيك للجرأة والحديث عن مشاعرك ونفسك، وإذا ما تعودت على هذا سيصبح التغيير خارج البيت أسهل وخاصة في المدرسة. تذكر أن تجنب مواجهة الناس والحديث معهم لا يحلّ المشكلة، وإنما يجعلها تتفاقم وتزداد، فالتراجع هنا وهناك سيجعلك تهرب وتخاف من مقابلة الناس، والموضوع أبسط مما تتصور.

أحيانا نحن نُربى على إعطاء أهمية كبيرة جدا لرأي الآخرين فينا، ويكون هذا على حساب آرائنا الخاصة!، تذكر بأن رأيك ليس بأقل أهمية من آراء الآخرين، فكما للآخرين آراؤهم الخاصة، كذلك أنت أيضا لك الحق في أن تكون لك آراؤك الخاصة، فلا تكبتها في نفسك، وإنما عبّر عنها بالكلام والحديث، وستجد بعد فترة من الممارسة والتطبيق أن الحديث الممتع والشيق مع الآخرين ليس بالأمر المستحيل، وستنمو قدراتك شيئا فشيئا.

وأما الانعزال وتجنب لقاء الناس والحديث معهم فلن يحل من الأمر شيئا، فهيا أقبل على مواجهة الناس والحديث، بالرغم من صعوبة الأمر، وكما يقال:
ومن يتهيب صُعودَ الجبالِ ** يَعِشْ أبدَ الدَهرِ بَينَ الحُفَر

وأما بشأن الرياضة والقوة البدنية، فالأمر في غاية السهولة، وما تحتاجه هو التدريب، ثم التدريب، والتدريب...، اشترك في ناد رياضي في رياضة تحبها، أو يمكن أن تحبها، ومنها –مثلا- تعلم رياضة الكاراتيه، فهي ستنمي ثقتك في نفسك، وتعطيك الجرأة والقوة للحديث مع الناس.

وفقك الله، وأعانك على التغيير الإيجابي المطلوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً