الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابنتي المراهقة ترفض ارتداء الحجاب أمام مدرسيها، فكيف أتصرف معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

ابنتي عمرها 14 سنة، تحجبت بأمر والدها -المتوفى- منذ سن البلوغ، رغماً عنها، ولا زالت ترفض الفكرة، حيث أنها أحياناً تخلع حجابها في المدرسة زعماً أنها بين صديقاتها، ولا وجود للأولاد في ساحة المدرسة، علما بأن هناك مدرسين، وتخبرني أن جميع البنات يخلعن حجابهن في الصف أو المدرسة.

ماذا أفعل؟ أرجو نصحي وإرشادي، كيف أتصرف بصورة واضحة وسريعة؟ نصحتها وتحدثت إليها كثيراً من الناحية الدينية والاجتماعية، لكنها تبكي وتعترض أنها لا زالت صغيرة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ rema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ردا على استشارتك أقول:
أولا: العبادات التي يقوم بها المكلف يجب أن يقوم بها إيمانا واحتسابا وباقتناع ورغبة وتعبد وتذلل لله تعالى، فمن أداها كذلك داوم عليها -بإذن الله- على فعلها، ومن أداها قسرا دون رغبة فقد يتذبذب في أدائها، وقد يأتي وقت يبدأ بالتكاسل ويصل الحال إلى الترك، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) وقال: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) وإن كان والدها قد ألزمها في تلك الفترة، فواجب عليك الآن أن تنمي الإيمان ومراقبة الله في قلب ابنتك.

ثانيا: عليك بمحاورتها برفق وهدوء وعقلانية، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، ومن الأسئلة التي ينبغي أن تطرح عليها:
أ ـ ما الفرق بين الرجال في الشارع الذين تحتجب عنهم، وبين المدرسين الذين في المدرسة؟ فكلهم أجانب بالنسبة لها.
ب ـ إن بلوغ الفتاة هو الفارق بين سن الصغر الذي لا تكون فيه مكلفة وبين سن التكليف، حيث تكلف بالصوم والصلاة والحجاب وغير ذلك، فمتى بلغت الفتاة صارت مكلفة شرعا ولم تعد صغيرة.
ج ـ من الذي فرض الحجاب على المرأة؟ أليس هو الله تعالى الذي فرض الصلاة والصوم؟ فهل يجوز للمرأة أن تصلي أحيانا وتترك أحيانا أو تصوم في رمضان أياما وتترك أياما؟ وكذلك الحجاب لا يجوز التعامل معه على مزاج المرأة، بل يجب المحافظة عليه بشروطه وضوابطه.

ثالثا: يجب أن تعاملي ابنتك على سبيل الدوام على أنها كبيرة وليست صغيرة، فإن حدث منها أي تصرف غير حسن فلا بد أن تنبهيها بأنها كبيرة، ولا يجوز أن يصدر منها مثل ذلك التصرف، وإن صدر منها تصرف حسن فعليك أن تشجعيها وتثني عليها.

رابعا: انظري في أقرب الناس لها من النساء كخالاتها وعماتها أو بنات عمها أو صديقاتها ممن تقبل توجيهاتهن ونصحهن، وكلفيهن بالتحدث معها ونصحها.

خامسا: اربطيها بصداقة مع البنات الملتزمات؛ فذلك مما سيعينها على الثبات -بإذن الله تعالى- ففي الحديث: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).

سادسا: حذريها من السماع لوساوس رفيقات السوء اللاتي يردن منها أن تخلع حجابها وتخدش حياءها تحت ذرائع واهية، منها أن المدرس مثل الأب، أو أنها لا تزال صغيرة، وذكريها بحديث رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة).

سابعا: اسمعوا معا المحاضرات المؤثرة التي تتحدث عن الحجاب، وكلفيها بقراءة الكتيبات التي تتحدث عن الحجاب، واطلبي منها تلخيصها مقابل جائزة مجزية ومغرية؛ فذلك مما سيثبت الحكم الشرعي في نفسها.

ثامنا: تضرعي إلى ربك الرؤوف الرحيم أن يصلح ابنتك ويهديها ويثبت قلبها، خاصة وأنت ساجدة وفي الثلث الأخير من الليل.

تاسعا: عليك بالصبر ولا تتعجلي، ولا تكثري من الضغط عليها؛ حتى لا تنفر، بل استخدمي أسلوب الترغيب والترهيب.

عاشرا: أتمنى لو فتحتم درسا في البيت تقرؤون من خلاله شيئاً من القرآن الكريم وتفسير السعدي -رحمه الله-، وأحاديث النبي الكريم من كتاب رياض الصالحين، وشرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

الحادي عشر: أخبريها بأنه لا بأس أن تفتح حجابها بين زميلاتها في المدرسة، ولكن إن ظهر مدرس أو كانت في أثناء الحصة أن تغطي شعرها؛ حتى تأخذ شيئاً من راحتها مع زميلاتها.

أسأل الله تعالى أن يصلح ابنتك، ويلهمها رشدها، ويأخذ بيدها إلى طاعته، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً