الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أخطأت في نصحي لخطيبي بعدم إظهار الشماتة؟

السؤال

السلام عليكم..

فضيلة الشيخ لدي استشاره لربما يطول شرحها، لذلك سأسردها بكاملها؛ لعل الأحداث التي فيها تفسر لك قصدي بصورة أوضح.

أنا طالبة جامعية، وفي سنة التخرج، أدرس في كلية الطب البشري، أعلنت الجامعة عن موعد الامتحانات يوم 12 من شهر 10، وكان الإعلان عن الامتحان في شهر رمضان، فلما قرب الامتحان اعترض الطلبة لأنه لم يسعفهم الوقت، وقاموا بالذهاب للقسم للضغط على رئيس قسم كلية الطب لكي يوافق، وفعلا وافق وتأجل الامتحان ليوم 1 من شهر 11، وأظهروا بيانا مختوما وفيه الجدول الجديد، وفي اليوم الثاني جاءت مجموعة أخرى معارضة لذلك الجدول يريدون الموعد الذي تم تحديده مسبقا، وعندما رفضت الكلية الانسياق لهم؛ ذهبوا إلى رئاسة الجامعة، وأصدرت رئاسة الجامعة قراراً بإلغاء التأجيل، وأن يبقى الامتحان في موعده، وهنا حدثت فتنة بين الطلبة، وسب، وشتم، وإهانات، ووصلت إلى درجة الضرب، وكل فئة متعارضة مع الفئة الأخرى، لدرجة أن بعضهم توعد البعض الآخر بالسلاح.

وهنا يأتي سؤالي:
عندما كنت أتحدت مع خطيبي عن الموضوع انحاز إلى فئة عدم التأجيل، وأصبح يدعو وكأنه متشمت، وألفاظه وعباراته تدل على ذلك، وتدل بأنه متشمت، فقلت له: "حرام عليك أن تدعو على طائفة، لربما عندهم الأحقية، ولربما أنهم ليسوا فاشلين، ولديهم ظروف" واستمررت في التخاصم معه ونصحه بألا يظهر الشماتة، من باب عدم إظهار الشماتة، واستمر النزاع بيننا، وأنا كل همي أن أنصحه، فأنا احترم رأيه، ولكني نصحته بألا يدعو الله بشيء نكاية في مجموعة، وألا يتشمت، فوصفني -يا شيخ- بأني صغيرة العقل، وقلل من شأني، فهل بالفعل أنا صغيرة العقل ولا أفقه شيئاً لأنني نصحته؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ GIRL حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يهدي النفوس، ويصلح الأحوال، وأن يذهب كيد الشيطان، ويحقق لنا ولكم الآمال.

لاشك أن مثل هذه المواقف تجلب المشاكل، والشيطان يئس أن يعبده المصلون، ولكن رضي بالتحريش بينهم، وذلك بإشعال نيران العداوات في أمور لا تستحق الخصام، وقد أحسنت بنصحك لخطيبك، ونسأل الله أن يهديه إلى الحق والصواب والخير.

وإذا كانت إدارة الجامعة قد حسمت الأمر؛ فلا معنى للجدال والخصام، ونتمنى أن تتفرغوا للمذاكرة والاجتهاد، ونتمنى أن تستمري في تذكيره بالله، مع ضرورة انتقاء الألفاظ عند مخاطبته، واختيار الأوقات المناسبة.

وإذا حاول الإساءة؛ فقابلي إساءته بالإحسان، ولا تتوقفي طويلاً عند كلامه الذي قاله في حالة الغضب، ونحن نشهد أن ما ذهبت إليه هو عين الوعي والعقل، وأنت أعرف بنفسك، ومواقفك تشهد لك، ولن يستطيع التقليل من شأنك، وسوف يأتي الوقت الذي يعرف فيه أنك كنت على الحق والنصح.

وعندما تصل المسألة إلى الدعاء على الزملاء؛ فهذا إشكال كبير، ونسأل الله أن يهدي الشباب إلى الحق، وأن يعينهم على فهم رسالة العلم، "فالعلم رحم بين أهله" كما قال معاذ بن جبل.

وهذه وصيتنا للجميع بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والصبر فإن العاقبة لأهله، ونتمنى أن تحرصوا جميعا على سلامة الصدر، وحب الخير للزملاء؛ لأن هذا مما يعين على النجاح ومما يجلب الراحة والسعادة

لقد أسعدنا تواصلك مع موقعك، ونتمنى أن تتعاملي مع كلامه بنفس الوعي الذي تعاملت فيه مع الخصام بين الطلاب، وعلى الجميع أن يدرك أن خصامهم في ميدان لا عدو فيه أصلاً، وأن التصعيد والفجور في الخصومة لا يفرح سوى عدونا الشيطان، والمسلم ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء.

نكرر لك الشكر، ونسأل الله أن يصلح القلوب، وأن يغفر الذنوب، وأن يستر العيوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً