الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما العلاقة بين الكتمة ومشاهدة النساء المتبرجات؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي موجه للدكتور أحمد الفرجابي حفظه الله.

سأحكي لكم واقعي في الحياة، وأتمنى من الله ثم منكم أن أجد الحل الأمثل لمشكلتي.

أنا شاب عمري 23 سنة، غير متزوج، وعندما أخرج من البيت إلى الأسواق أو المطاعم أصادف نساءً متبرجات في الشوارع أو الأسواق أو المطاعم، وعند مشاهدتي النساء عموما أشعر بكتمة غريبة، وفي نفس الوقت أحب أن أشاهد النساء.

بمعنى آخر: إذا شاهدت امرأة متبرجة لا أستطيع إنزال عيني عنها، وأريد أن أشاهدها، وفي نفس الوقت تأتيني كتمة لا أدري ما سبب ذلك؟ وخصوصا الكتمة، وأشعر بحياء شديد جداً عندما أكون بمجتمع فيه نساء.

أرجو من الله ثم منكم علاج حالتي التي بدأت منذ 3 أشهر، علماً أني في السابق فعلاً أحب النساء ولكن لا تأتيني كتمة.

وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا -ابننا الكريم- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يعينك على غض بصرك، وأن يهيئ لك سبل الحلال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

إن للمعصية ظلمة في الوجه، وضيق في الصدر، وبغضة عند الخلق، وتقتير في الرزق، بل إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.

ونشكر لك الشعور بالضيق من معصية القدير، ونتمنى أن يكون في ذلك دافع لك للتوقف عن النظر للنساء، فإنما لك الأولى وعليك الثانية، فلا تتابع النظر، ولكن اصرف بصرك، وقد أحسن من قال:

فإنك متى أرسلت طرفك رائدا لقلبك أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر

والعلاقة وثيقة بين إطلاق البصر وبين الضيق الذي تجده في نفسك والكتمة، ولا شك أن علاجك بيدك، وأرجو أن تستفيد من توجيهات دكتورنا ومستشارنا محمد عبد العليم حفظه الله وسدده.

ونحن في الحقيقة نحيي الدوافع الخيرة التي دفعتك للتواصل مع موقعك، ونبشرك بأن في سؤالك مبشرات إيجابية، والإحساس بالمرض هو أول وأهم خطوات البحث عن العلاج، كما أن الشعور بأثر المعصية أمر جيد، لأن الذي يغرق في الذنوب لا يشعر بمثل ما تشعر به. فتجد الواحد منهم ينتقل من النظر إلى ما بعده من الدركات، أما الخجل الذي يعتريك عند وجودك بين نساءٍ؛ فإنه حياء ممدوح.

وكم تمنينا لو أن النساء يشعرن بالحياء عندما يقتربن من الرجال، وعندما يدخلن إلى الأسواق، ولكن يبدو أننا في زمان تنتكس فيه الفطر، وعش يا عبد الله رجبا وسترى عجبا، والحياء مطلوب من الرجل لكنه من المرأة أجمل، والحياء خلق الإسلام، وإذا لم تستح فاصنع ما شئت.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وننصحك بالمحافظة على حيائك، ولا تتخلى عن أخلاقك إذا تخلى الناس عن أخلاقهم، واجتهد في استكمال خلق الحياء وذلك بأن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى، وأن تذكر الموت والبلى.

نسأل الله أن يحفظك ويسدد خطاك، ونسعد بالتواصل مع موقعك لتبشرنا بأنك توقفت عن النظر إلى النساء، ووجدت الحلاوة في قلبك، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا.

===============================
انتهت إجابة الدكتور/ أحمد الفرجابي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
===============================
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

أخِي: من خلال استشاراتك السابقة نلاحظ أن لديك شيئا من القلق الاكتئابي البسيط، والشخص حين يكون عُرضة للقلق تظهر لديه بعض المخاوف وبعض التوترات الداخلية، وأعتقد أن الذي يحدث لك الآن -إن شاهدت امرأة غير ملتزمة بلباسها تُصاب بشيء من الكتمة والضيق- ناتج من الخيْرية التي هي أصيلة في نفسك الكريمة، لديك حقيقةً المشاعر الإيجابية، وأنت -بكل أسف- تُشاهد المرأة وهي على هذه الشاكلة، وهذا خطأ كبير، والذي يزيد الضيق عليك في هذه المواقف هو نفسك اللوامة، لأن نفسك خيْريَّة -كما ذكرنا- شفرة الفضيلة لديك قوية وثابتة، فأنت تقوم بفعلٍ وتصرُّفٍ مخالف تمامًا على ما أنت عليه من شاكلةٍ حميدةٍ وجميلةٍ وسماتٍ وخصائلٍ جيدةٍ.

فيا أيها الفاضل الكريم: أنت تحاول أن تُمازج بين أمرين متناقضين، أمرٌ فيه الخير، وكما ذكرتٌ لك أمرٌ يتعلق بمكارم الأخلاق، وفي ذات الوقت تقوم بأمرٍ ليس مقبولاً لا شرعًا ولا حتى للنفوس الطيبة مثل نفسك.

فيا أيها الفاضل الكريم: عليك بغض البصر، غض البصر بكل ما هو معروف عنه في الشريعة، ويجب أن تجعل لنفسك كوابح، يجب أن تجلد نفسك في هذا الأمر، وأنا متأكد أن بعد ذلك أمورك سوف تسير على خير وتصير إلى خير.

ويا أخِي الكريم: عليك بالزواج، الزواج فيه استقرار وغضٌّ للبصر وأحصنُ للفرج، فيه سكينة، فيه رحمة، فيه مودة، وأنا أعتقد أنه سوف ينقلك إلى المزيد من الطُّهر والنقاء، لأن نفسك أصلاً هي نفسٌ طيبة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً