الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم السعي للتطور في العمل، هل يعني انعدام الطموح؟

السؤال

‎السلام عليكم.

أولا: آسفة إن كنت آخذ وقتكم باستشاراتي وأسئلتي العادية التي هي فضفضة وتعبير عما يجول في خاطري، فقد أصبح من النادر أن تجد شخصا يستمع لآرائك ويناقشك بها، وأشكر سعة صدركم وعدم الاستهانة بأفكارنا.

استشارتي هذه تتعلق بعمل المرأة، وتأثيره على دور الرجل في المجتمع، وموقفه من المرأة العاملة.

أريد أن تتفضلوا علي وتعطوني رأيكم في موقفي حول هذا الموضوع: فأنا أرى بأن النساء أصبحن مغرورات بعد أن دخلن مجالات العمل، وتفوقن على بعض الرجال، ونسين دورهن الأساسي في الحياة، وهو إدارة البيت، والذي أراه أهم وأكثر فائدة في بناء المجتمع، فالعمل إنجاز فردي، إنما الاهتمام بالبيت فهو إنجاز جماعي.

بالنسبة لي لقد درست، -والحمد لله- كنت من المتفوقات، ومن النوع النشط بين الطلاب، فأنا أحب جمع المعلومات، وأحب التطور في جميع المجالات، لكن لا أحب المنافسة، خاصة مع الرجال، والآن في عملي زميلاتي يعاتبنني بأنني مقصرة، وأستحق منصبا أفضل، وأنني لا أبذل جهدا في ذلك، وأنا لا أطمح في منصب أعلى.

هل أنا أعتبر غير طموحة وهل أظلم نفسي؟ هل علي أن أغير نمط تفكيري في الموضوع؟ أشعر دائماً بأنني مقصرة، ولا أفعل شيئا في الحياة، وأنني أضيع أيامي هباء، فأنا أقرأ وأطور نفسي، لكن لا أفيد أحدا، فهل هذا الشعور يأتي من عدم طموحي في العمل؟ أنا أحب مساعدة الناس جداً,
وخاصة الأطفال، أشعر بأنهم مهملون، لكن لا أخطو خطوة فعالة.

في الحقيقة أنا عالقة بين فكرة إعطاء الرجل القيادة، وما يجب علي أن أفعله خارج البيت، فلا أريد أن أكون جزء من حملة تقليل من شأن الرجل، لكنني حائرة، ولا أعرف إن كنت أتصرف بشكل صحيح، ولا أعرف ما سيكون رأي شريك حياتي في المستقبل، هل سيعتبرني امرأة غير طموحة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المحبة في الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا العاقلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، ويصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال، وأن يطيل في طاعته الآجال.

لقد أحسنت بطرح الفكرة، ونحن لا نمل من أسئلة أبنائنا وبناتنا، بل نرى الاهتمام بها جزء من واجباتنا، فلا تترددي في كتابة كل ما يتردد في نفسك، ونسأل الله أن يوفقك وينفع بك.

ونتمنى أن يدار مثل هذا الموضوع بين الفتيات، لأن دور الأمومة بدأ يتلاشى، وهذا مهدد كبير لنسيجنا الاجتماعي، وقد انخدعنا بكلام بعض الجهلاء: نصف المجتمع معطل، والمرأة في بيتها موظف يعمل طوال اليوم، وفات على أولئك أنهم جاءوا بمن تعمل في أكبر وأخطر المهام، ووضعوها في مكان الرجل، وأصبح كثير من الرجال بلا عمل، وانكشف ظهرنا وضاعت الطفولة، وتوسعت مشكلة الفاقد التربوي.

وقد انتبه الغرب لخطورة الأمر، فأصبحت بعض البلاد الغربية تكافئ الأم التي تنسحب من ساحات العمل؛ لتلعب دور الأمومة، لأنهم أيقنوا بعد تجارب مرة أن الأمجاد تصنع بين أيدي الأمهات، وقد زارت إحدى الغربيات الناشطات في مجال حقوق المرأة القاهرة ودمشق وبغداد، لتقف على أحوال المرأة المسلمة، ورجعت لتقول: إنها ملكة، لقد انبهرت عندما وجدت أن المرأة المسلمة مخدومة معززة مكرمة في بيتها، وكان مما قالته: يأتيها زوجها يحمل الخبز والحب، ثم قالت: أما نحن المغفلات فقد زاحمنا الرجل، وطالبنا بالمساواة، وساوينا الرجل في الكد والتعب والعرق، ولكن الرجل لم يساعدنا في الحمل ولا الإرضاع، لقد كان الرجل ذكيا عندما تركنا نتعب ونكدح، وهو يجلس على الرصيف.

وقد ركب بعض الدعاة مع فتاة إنجليزية تقود سيارة أجرة مع زوجته، فقال لها: لماذا تعملين؟ فقالت: إذن أموت جوعا؟ من أين آكل؟ كيف ألبس؟ فقال لها: لكن المرأة عندنا لا تعمل، قالت: فمن الذي ينفق عليها، فقال لها: الأب والزوج والأخ وبيت مال المسلمين، فقالت: والله أنها ملكة، ثم قالت: وهل هناك دين فيه هذا، فقال لها: إنه الإسلام، فدخلت في الإسلام، ثم علق الداعية قائلا: والأهم من ظن أن المرأة الغربية أبيح لها العمل، إنها أجبرت على العمل، وزاحمت الرجال، وفقدت رونقها ونعومتها.

وقد أسعدتني الطريقة التي تفكرين بها، وهي دليل على أنك على الفطرة، فالرجل ينبغي أن يقدم ليقوم بأدواره، وعلى المرأة أن تقوم أولا بدورها الكبير، ولا مانع بعد ذلك من أن تعمل، شريطة أن لا يؤثر العمل على دورها الكبير الذي نالت به شرف التقديم في الطاعة، أمك ثم أمك، فدور المرأة وواجباتها كزوجة وكأم مقدم وأساس في استقامة الحياة.

ونتمنى أن يكون لك طموحا، وأن تحولي أفكارك الرائعة إلى مشاريع وأعمال، ونتشرف نحن بمتابعة كل ما يرشح من أفكار رائعة، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً