الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا آنسة وأرى كثيراً من حياتي معطلة، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة آنسة وبعمر 37 سنة، وجامعية ومقبولة الشكل، أخذت بكل الأسباب من أجل الحصول على وظيفة وكذلك الزواج ودون جدوى، فما تقدم لي أي شخص، ومن ينوي التقدم لا يكمل.

كذلك أحلم كثيراً بقطط وكلاب تهجم علي، وأعاني من مرض في أسفل ظهري لا يفارقني، وكذلك صداع في رأسي عندما أخرج للشارع، وأحس دائماً بفشل ينتابني!

كذلك دائما يكون شجارا في بيتنا، مع أننا نستمع لسورة البقرة من وقت لآخر، وهذه الأعراض جعلتني أشك في أمري، فأنا -الحمد لله- أصلي وأقرأ على نفسي الرقية الشرعية، لكن توجد حالة تعطيل في كل أموري.

سألت إحدى البنات في منطقتي عن راقٍ فدلتني على امرأة ترقي بالخيط، وتفك العقد منه، وأنا من يأسي الشديد ذهبت لها، وفعلاً فكت لي الخيط ولم تجد فيه شيئاً، وأنا أريد رقية شرعية، لأنني أحس أن أموري معطلة، وما ارتحت لموضوع الخيط، وخائفة من أن أكون أغضبت الله، ولن تقبل صلاتي أربعين يوماً.

أنا عملت عمرة، وأريد رقية شرعية تحسن أموري، وتنجح حياتي، فمن فضلكم ماذا أفعل لكي يتحسن حالي؟ وهل علي ذنب بذهابي لهذه المرأة؟

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأرزاق بيد الله تعالى، ولا دخل لشكل الإنسان طولاً وعرضاً وجمالاً وقبحاً فيها، فقد يكون القبيح شكلاً أكثر رزقاً من الجميل، قال تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚنَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚوَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).

الزواج كذلك من جملة الرزق الذي يسير وفق قضاء الله وقدره، ولا يقدر أحد أن يقدم فيه أو يؤخر، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء).

لقد أخطأت خطأ كبيراً حين ذهبت لتلك المشعوذة، فالرقية لا تكون بالطريقة التي تفعلها، وعليك أن تستغفري الله تعالى وتتوبي إليه توبة نصوحاً، والتي من شروطها الإقلاع عن الذنب والندم على ما فعلت، والعزم على ألا تعودي مرة أخرى.

استمري برقية نفسك بنفسك، فليس للرقية شخص محدد، فإن أبيت فابحثي عن راق ثقة وأمين، وتذهبين إليه مع أحد محارمك، فالرقية من العمل بالأسباب المشروعة، فقد رُقي النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ورَقَى غيره، والرقية تنفع مما نزل ومما لم ينزل.

من باب محاسبة النفس وإلقاء اللوم عليها لا بد أن تجلسي مع نفسك جلسة مصارحة ومحاسبة، وأنا هنا لا أتهمك بشيء، فإن وجدت أنك أذنبت ذنباً وكلنا أصحاب ذنوب وأقلها الغيبة والنميمة فلا بد من التوبة من كل ذنب، فإن الذنوب من أسباب حرمان الرزق كما قال عليه الصلاة والسلام: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي الله تعالى أن يشفيك ويعافيك من كل بلاء، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة، واجتهدي في أن تتوفر فيك أسباب الاستجابة، وتنتفي الموانع، فإن حصل ذلك استجاب الله لك، قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ)، وقال: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖأُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖفَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).

أكثري من دعاء ذي النون إذ نادى ربه في الظلمات فقال: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، فاستجاب الله له وقال نبينا عليه الصلاة والسلام في هذا الدعاء: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدعُ بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له).

الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم، وكشف الضوائق، يقول عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها (إذاً تكفى همك ويغفر ذنبك).

احرصي على قراءة ورد يومي من القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

أسأل الله تعالى أن يعافيك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة، إنه سميع مجيب.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً