الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أن طولي لن يرضي زوجتي ولا أستطيع إشباعها جنسيًا.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب خاطب أبلغ من العمر 25 سنة، زواجي -بإذن الله- بعد سنة، بدأت معاناتي قبل سنتين ونصف، حيث أتتني نوبة ضيق في التنفس، وضيقة في الصدر فجأة، وشعرت بأنني سأموت، واستمرت هذه الحالة معي قرابة الشهرين، لم أذهب إلى أي طبيب، بل ذهبت إلى راقٍ، وبعد الرقية شعرت بتحسن خفيف، لكن الضيقة استمرت، ومنذ ذلك الوقت تغيرت حياتي، فانقطعت عن أصدقائي، وانطويت لفترة معينة، حتى أجبرت على الخروج معهم، ولم أستمتع بذلك.

بدأت أشك أنني مريض جنسيا، ولن أستطيع الجماع، عملت بعض الفحوصات، وكانت سليمة، عندها قررت الذهاب إلى طبيب نفسي، ولكنه لم يشخص حالتي، ولم يذكرها لي، ووصف لي دواءً، وقال لي: اتركه إذا شعرت بالتحسن، بحيث وصف لي: باروكسات ودوقماتيل، وبعدها بأسبوع زادت الضيقة، فعدت إلى الطبيب، وقال: اترك الدوقماتيل، واستمر على الباروكسات لمدة شهر، ثم شعرت بتحسن كبير، وعادت لي متعة الحياة، رغم أنني صاحب شخصية اجتماعية، وأحب المزاح والضحك والتمثيل.

عادت لي الحالة بعد مرور 6 أشهر، وبدأت أشعر أنني لن أكون جميلاً في عين زوجتي، وأشعر بأنني قصير القامة أمامها، مع أن طولي 169 سم، وأحاول التخلص من هذه الأفكار وطردها ولا أستطيع، مع أنني على قدر من الجمال -الحمد لله- ولكن تذهب هذه الأفكار وتعود، كما اشعر أنني لن أستطع إشباع زوجتي جنسياً لصغر عضوي الذكري.

بدأت أرى الأشخاص طوال القامة، وأقارن طولي بطولهم، وأتمنى أن أكون مثلهم لكي أعجب زوجتي في المستقبل، وأعلم بأنها تحبني وأحبها، ولكن هذه الأفكار تكرهني في نفسي، واقول في نفسي: سوف أتركها لكي تتزوج شخصاً أطول مني، وأتزوج بفتاة قصيرة، أريد أن أثق بنفسي، ولا أحتقرها، وأعود لطبيعتي، فسألت خطيبتي عن طولي، فقالت: طولك معقول، فقلت لها هل تتمنين أن أكون أطول؟ قالت نعم، بعدها أصبحت شارد الذهن، منشغلاً في التفكير كيف أزيد من طولي، وأزيد من قوتي الجنسية؟ وأشعر بضيقة خفيفة في صدري، تزداد عندما أكون بمفردي، هذه الأفكار لم تمنعني من الاختلاط بأصدقائي، ولم أظهر لأي أحد أنني أفقد الثقة في نفسي، وأحاول التخلص منها بالخروج مع أصدقائي، ونسيان هذه الأفكار، ولكنها لا تنفك عني.

ذهبت إلى عيادة النفسية، فوجدتها مقفلة، أتمنى أن تفهموا ما أقصده، وتصفوا لي الدواء المناسب؛ حيث حاولت استخدام سبرالكس، ولكنني رأيت من الأفضل شرح الحالة لكم.

أفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

نوبة الضيق التي أتتك بالفعل كانت نوبة قلق حادٍّ، والقلق الحادّ حين يكون مصحوبًا بشيء من المخاوف -خاصة الخوف من الموت-، يأخذ صورة الفزع أو الهرع، وهذا يؤدي إلى الكثير من الوسوسة المستقبلية حول الصحة، وحول ما يكون في المستقبل، وأنتَ أصبحتَ تطرح تساؤلات كبيرة جدًّا على نفسك، حتى فيما يتعلق بشكلك وطولك، ومستوى أناقتك، وعضوك التناسلي، هذه كلها وساوس -أخي الكريم- والإنسان يجب أن يكون كيِّسًا وفطنًا، وألَّا يستجيب لكل فكرة تأتيه، هنالك مقدرة على تصفية الأفكار وتنقيتها، وأن نستفيد مما هو طيب وما هو صحيح ومفيد وإيجابي، وأن نرفض تمامًا ما هو وسواسي، ولا داعي له، ونُحقِّره.

فأقول لك الآن: أنت يجب أن تقوم بحملة رفض كامل لهذا الفكر الوسواسي، تُحقِّره دون أن تُناقشه أو تحاول أن تُحلِّله، أو تضعه في قوالب منطقية، إذا قمت بذلك -أي أن تُحلل الفكرة وتحاول إخضاعها للمنطق-، هذا يُشعِّب عليك الأمور ويُعقِّدها أكثر، ويظلّ الوسواس متسلطًا عليك، أمَّا إذا حقَّرتها واستعذتَ بالله منها، وانطلقتَ في الحياة، والثقة بالنفس تأتي من خلال الأفعال وليس من خلال المشاعر، الأفعال الحصيفة، الأفعال الجيدة، الأفعال الإيجابية.

فأريدك أن تكون شخصًا فعّالاً، تُطوّر مهاراتك، صِلاتك الاجتماعية -الحمد لله- ممتازة، هذا أمرٌ جيد، ما الذي تريد أن تقوم به من أفعالٍ وأعمالٍ وإنجازاتٍ؟ ما هي الآليات التي سوف توصلك لذلك؟

هذه هي الطريقة التي تثق في مقدراتك من خلالها، ولا تدخل في مقارنات، وفي نهاية الأمر البشر هم البشر، سَوَاسِيَة كأسنان المشط، والتفكير على هذا النمط سوف يُساعدك، لكن تطبيق إنجازات العمل أعتقد أنه ضروري وضروري جدًّا، والرياضة والتواصل الاجتماعي -كما ذكرنا- وُجد أنها أمور مفيدة جدًّا، والتنظيم الغذائي والنوم الليلي المبكر، هذا كله -إن شاء الله- يُساعدك أيها الفاضل الكريم.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أرى أن السبرالكس دواء جيد، لكن يظهر أنه لم يُلائمك، وفي هذه الحالة أقول لك أن الفافرين -الذي يُعرف علميًا باسم فلوفكسمين-، قد يكون دواءً مناسبًا، لكن يجب أن تصبر عليه حيث إنه بطيء الفعالية نسبيًا، ابدأ بخمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، تناولها بعد الأكل، بعد ذلك اجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم اجعلها مائتي مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك وجزاك خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً