الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلة الفهم والتركيز.. فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أعاني من ضعف الفهم والتركيز، وأشعر بالغباء، وكثير من المواقف تثبت لي ذلك، لا علم إن كان ذلك وراثيا أم لا، فأنا متفوقة دراسياً، ولكنني أرتكب الحماقات في جل تصرفاتي.

سمعت بأن الغباء لا يمكن علاجه إن كان وراثيا، فهل يمكنني التخلص من المشكلة، وكيف أعرف إن كان الغباء وراثيا أم مكتسبا؟

يخالجني شعور باليأس والإحباط، ومقت عظيم لنفسي حيال ذلك، وما يزيد إحباطي كلام الآخرين الجارح لي، حتى أصبحت تحت قيد هذه الكلمة، ولا أدري كيف أتخلص من ذلك؟

فما العلاج لديكم، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأن تبني قناعات ليست سليمة، وليست دقيقة، وليست صحيحة حول ذاتك هذا أمرٌ خطأ جدًّا، أنا حزنتُ جدًّا حين وصفت نفسك بالغباء، والغبي لا يُدرك أنه غبي -أيتها الفاضلة الكريمة- فأحكامك على نفسك اسمحي لي أن أقول إنها ظالمة وجائرة، اسمحي لي تمامًا؛ لأنني أريدك فعلاً أن تتخلصي من هذا الفكر، لا تُقلِّلي من قيمة شأنك، ومن الأشياء السلبية جدًّا والمريعة جدًّا ألَّ يُقيِّم الإنسان نفسه بصورة صحيحة، وألَّا يفهم ذاته، وألَّا يقبل ذاته، هذه إشكالية كبيرة.

فأنا أريدك أن تُقيِّمي وضعك بصورة أفضل، ربما يكون لديك شيء من صعوبة التركيز، الناس تتفاوت في موضوع الفهم، ربما يكون لديك شيء من القلق، أو الإجهاد النفسي، أو شيء من الاكتئاب البسيط، أو عدم تنظيم الوقت، وهذا يُخِلُّ بالتركيز ولا شك في ذلك، الأمر قد لا يتعدَّى هذا أبدًا.

فلا تكوني حسَّاسة حول الأمر، وأرجو أن تعيدي تقييم ذاتك، أنا من خلال رسالتك -هذه الخمسة أو الست أسطر التي قرأتها، والكيفية التي تم صياغتها بها- أقول لك: لا يوجد أبدًا ما يُشير على أي نوع من التخلف المعرفي، فلا تظلمي نفسك أبدًا -أيتها الفاضلة الكريمة-وإن كان هنالك شيء من القلق أو الاكتئاب -أو شيء من هذا القبيل- هذا يُعالج، بأن تتفهمي ذاتك، بأن تكوني إنسانة مثابرة، وأعتقد أنك تحتاجين لبعض الترتيبات الاجتماعية، أهمها:

أن تنامي نومًا ليليًا مبكرًا، النوم الليلي المبكر يُجدد طاقات الإنسان، يجعل الدماغ -إن شاء الله تعالى- في حالة ترميم واستقرارٍ تام، وتكون الأوينات (polyionic) الإيجابية عند الإنسان أفعل في فترة الصباح، لذا الرسول -صلى الله عليه وسلم- نصحنا بأن نستفيد من البكور، وقد قال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، [رواه أبو داود، والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وأحمد]، هذا وقت الانطلاقة، وقت الحيوية والإشراقة، وقت الجمال، وقت الإدراك والاستدراك.

فأعتقد بشيء من التنظيم تستطيعي بالفعل أن تُحسِّني من تركيزك، وأهم خطوة -كما ذكرتُ لك- النوم الليلي المبكر، والاستيقاظ المبكر، وممارسة أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وتنظيم الوقت، يعني أن يبتعد الإنسان عن الفعل والتفكير النمطي، وأن يعطي كل شيءٍ حقَّه، وقتًا للترفيه، ووقتًا للاطلاع، ووقتا للعمل، ووقتًا للعبادة، ووقتًا للتواصل الاجتماعي، مع وضوح الأهداف، وأن تُوضع الآليات المعقولة التي توصلنا إلى الأهداف، وبهذه الكيفية -أيتها الفاضلة الكريمة- نعتقد أنك تستطيعين جدًّا أن تتحسَّني فيما يتعلق بمفاهيمك عن ذاتك، وكذلك مستوى التركيز لديك.

أنا لا أؤمن بمفهوم يُسمَّى الغباء، يُوجد تخلف عقلي، يُوجد ضعف في الذاكرة ذو نشأة عضوية في بعض الأحيان، تلعب العوامل الوراثية دورًا فيه، لكن مشاركة العوامل البيئية تكون أكثر، والإنسان سلوكيًا وفكريًا -وحتى من ناحية التركيز- هو نتاج للتفاعل بين موروثاته الجينية وبيئته.

أنا أعتقد أنه ربما يكون لديك شيء من الاكتئاب حقيقة، هو الذي جعلك تحسِّين بمشاعر اليأس والإحباط وضعف التركيز، ولذا أنصحك أن تذهبي إلى طبيب نفسي، وأن تقومي بإجراء فحوصات طبية، تتأكدي من مستوى الدم لديك، ومستوى وظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (د)، هذه كلها مهمَّة، لأنها في بعض الأحيان إذا كان فيها خلل هذا قد يؤدي إلى الشعور بالإحباط وافتقاد الفعالية الفكرية والجسدية.

وأنا متأكد أن أحد مُحسِّنات المزاج مثل (بروزاك) سوف يُساعدك كثيرًا جدًّا، في أن يتحسَّن تركيزك، وكذلك مشاعرك حيال ذاتك والآخرين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً