الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بعدم الأمان وبأنني لا قيمة لي، فكيف أغير حالي؟

السؤال

السلام عليكم..

أكتب لكم رسالتي الثانية عشرة، وآمل أن تصلكم هذه المرة.

كتبت عدة شكاوى ومشاكل، وأطلت الحديث والتعبير بها، وقبيل إرسالي أتساءل هل ذكر التفاصيل مهم؟ هل سيفهم إحساسي؟

هذه المرة سأكتب ولن أقرأ، سأكتب وأتمنى المساعدة بكلام واقعي بعيدا عن الإيجابية المحبطة.

تغيرت أوضاعنا كعائلة من حالٍ لأسوأ، تأخرت بالدراسة سنة بسبب هذا الوضع، عانيت ضغطًا نفسيًا لا أعلم أين أفرغه، عشت سنتين مخاصمة أبي بقلبي، وبوجهي أبتسم له، كنت أحمله نتيجة التغير، وأحمله نتيجة فشلي بالتأقلم حتى تخلي أصدقائي القدامى عني حملته إياه.

استرجعت الأحداث برأسي ليالي طوالًا، وأدركت أن فشلي خلقت أنا به، تخلى أصدقائي عني، ولو وجدوا بقربي الأنس ما رحلوا، تأخر دراستي غباء أحمله برأسي، حتى حزني أنا مصدره، وأنا من يتمسك به، حتى أني أجهل كيف أعيش بدونه؟ وأنا أنا!

حدث خلاف بيني وبين أختي، لم أستطع تحمل فرض سيطرتها علي، فانفجرت بوجهها، ظنًا أني أزيح شيئًا من حملي الثقيل، فجلبت لنفسي هموما أخرى.

انقسمت العائلة صفين؛ معي أو ضدي ومعها، واليوم وكعادتي فشلت حتى بالدفاع عن نفسي.

حقيقةً أنا غير مهتمة بدفاعي، ولم أتعب نفسي بإنكار كذبها حتى، هي الكبرى، وهي الأكثر خبرة بالكذب، والأكثر فجوراً بالخصام.

آلمني أن نصبح أعداء، وآلمني موقف أهلي وأمي خصوصًا، أصبر نفسي ليلًا قائلة ربما الله سبحانه أراد أن أترك وأهجر وحتى أن أرمى كقطعة بالية كي أعرف قيمة نفسي وأنهض بنفسي، فأفكر كيف علاقتي بالله؟ هل ما يصيبني هو من غضب الله؟

أنا غارقة بذنوبي، وأتمنى الهداية، لكن من أين أبدأ؟ كيف أخضع قلبي لله؟ قلبي الذي لم يعرف الحب، ولم يحب صاحبه، كيف يحب العبادة؟

باختصار: أنا لا أشعر أن لي قيمة بين الناس، أنا لا أشعر أني أعرف نفسي وأفهم ذاتي، أنا لا أشعر أن لي فائدة ولا أعرف ما لفائدة من حياتي حتى؟

أنا خائفة من تعب عضوي يتبع القولون العصبي وتقرحات المعدة، أخشى من علة جديدة سببها نفسي، أنا لا أشعر بالأمان، خائفة ومشغولة الفكر أغلب وقتي، أنا لا أعتقد أن ما أمر به قابل للتغيير، لكني أتمنى.

تعبت من التفاؤل الذي يرفعني شبرًا واحدا ويضرب بي لآخر قاع، أنا أشعر بقهرٍ بقلبي وبنار تحرقه، أبكي واضعةً يدي فوقه، أتحسس ألما بداخله، أنا أحتاج يد العون، أنا أحتاج مساعدة.

أنا أفقد الثقة بكل ما حولي، وأفقد الثقة بنفسي، ولا أستعيذ بالله من كلمة أنا، بل أعوذ بالله مني أنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بتول حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية، وإن شاء الله كلامنا لك واقعي جداً، ورسالتك حقيقة واضحة ومعبرة وتستحق الاهتمام.

عرضك لمشاعرك يدل بالفعل على شعورك بالضجر والكدر والإحباط والفكر التشاؤمي يهيمن عليك بصورة واضحة وجلية، وقطعاً تقديرك لذاتك أيضاً فيه سلبية كبيرة جداً، وأنا أقول لك أيتها -الفاضلة الكريمة-:
أن الإنسان من الناحية النفسية هو عبارة عن مشاعر وأفكار وأفعال، هذه الثلاثة يجب أن يراجعها الإنسان مع نفسه، الفكر حين يكون سلبياً يجب أن لا نقبله، ونستبدله بما هو إيجابي، والله تعالى أعطانا الإرادة التامة، والكاملة لأن نتخير ما هو أفضل، وكذلك فيما يتعلق بالمشاعر.

الإنسان يجب أن يغرس في نفسه مشاعر إيجابية، السعادة لا تأتي لوحدها أبداً، المشاعر الطيبة لا تأتي لوحدها أبداً، يبحث عنها الإنسان ويكون قوي الشكيمة، والأفعال هي الضلع الرئيسي؛ لأن الأفكار السلبية والمشاعر السلبية قد تجعل فاعلية الإنسان ضعيفة جداً، ولذا وجد علماء السلوك أن من يفعل ضلع أفعاله يستطيع أن يغير من فكره ومشاعره، بمعنى أن يحسن إدارة وقته، وأن يكون إنساناً نافعاً لنفسه ولغيره، ومنتجاً، وله رؤية إيجابية نحو الماضي والحاضر والمستقبل، وهذا ليس بالصعب أبداً.

أنا لا أريدك أبداً أن تنظري لنفسك بهذه السلبية، وأعتقد أنك محتاجة حقيقة لأن تتطلعي وبصورة مكثفة على ما ورد في علم الذكاء الوجداني أو الذكاء العاطفي، ومن رواد هذا العلم دانيال جولمان كتب كتابة متميزاً عام 1995 يسمى الذكاء العاطفي، أرجو أن تتحصلي على هذا الكتاب وتطلعي عليه بدقة وجدية، وتطبقي ما هو فيه، لأن الذكاء العاطفي هو الذي يجعلنا نقيم أنفسنا بصورة أفضل، ونفهم أنفسنا، ونتعامل مع أنفسنا بصورة إيجابية، ونسعى كذلك لتطوير ذواتنا، ونفس المستوى من الإيجابية يكون منطبقاً أيضاً فيما يتعلق بتعاملاتنا مع الآخرين، أي كيف نفهم الآخرين، وكيف نتعامل معهم إيجابياً.

أنا أريدك حقيقة أن تكثفي معارفك في هذا العلم، هذا قد يساعدك، والإنسان يتغير، والإنسان يتطور، وليس من الضروري أبداً أن تظل الأمور كما هي، هذا ليس صحيحا أبداً، والقلق التوقعي الاستباقي التشاؤمي يجب أن يحد الإنسان منه؛ لأن الخير هو الغالب ولا شك في ذلك، هذه مجرد لمحات أعرف أنها قد لا تكون هو ما تتوقعينه من إجابة، لكن هذا هو الذي نستطيع أن نقدمه، وأرجو أن تقبلينها منا كمساهمة بسيطة.

وللفائدة راجعي علاج الإحباط سلوكيا: (234086 - 259784 - 264411 - 267822).

وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب عبدالله

    السلام عليكم المشكلة توجد فيك أخي لا تتعب نفسك بي التفكير و حاول إصلاح علاقتك مع أختك ولا تهتم بي اي شيء آخر حتى لو ترا ان هذا خطأ
    و حاول قراءة القرآن و التعلم منه فكل ما تفكر به من أشياء سيئة كله من الشيطان و بدء بي إصلاح نفسك مع عائلتك
    و لا تنسى ان اللّ

  • أمريكا أسماء محمد

    حبيبتي الغالية ..انصحك بأن تبرأي من حولك وقوتك وتلجأي لحول الله وقوته وتسجدي لله سجدة تشكين له حالك وامرك وكل صغيرة وكبيرة في حياتك تقولين له وتخبريه سبحانه بكل شيء وهو تعالى أعلى وأعلم وصدقيني ستجدي ماتبحثي عنه وسيفتح الله لك ويبصرك ولكن لابد أن تبدأي ولو بركعه وربي يفرج عنك ويكشف همك.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً