الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدتي تعاني من سلس البول، هل السبب مشاكل نفسية؟

السؤال

السلام عليكم
جزاكم الله خيراً على موقعكم الأكثر من رائع.

عندي الوالدة بعمر 60 عاماً، وهي مصابة بالسكر، ومشكلتها حالياً التي أكتب لكم حولها هي سلس في البول، حيث أصبحت مؤخراً لا تستطيع التحكم فيه عند الحاجة للدخول للحمام، خاصة عند الاستيقاظ من النوم.

أعتقد أن مشاكلها نفسية قبل كل شيء، كانت في حياتها المبكرة، وما زالت بشكل أقل، وحالياً تعاني من وسواس قهري شديد في النظافة والتطهر، خاصة وأن الناس الآخرين غير نظيفين وغير طاهرين، ونوبات فزع وخوف مبالغ فيها، وتذكر للماضي بحسرة.

هي حالياً تجلس وحدها في البيت، ولا تحب الاختلاط، لأنه على الأرجح يرهقها، وصحتها بشكل عام وشهيتها للطعام سيئة، لديها مشاكل في القولون، فأعتقد أن مشكلة السلس تطورت من اعتلال عصبي نفسي، واكتئاب ربما.

هل يوجد دواء معين في حالتها؟ علماً أنها مصابة بالكبد في فيروس سي، لكنه كامن، ووظائف الكلى منخفضة قليلاً لديها، عندها أيضاً ضغط الدم، وتستخدم أدوية متعددة.

تحياتي، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى لوالدتك الصحة والعافية.

بالنسبة لعدم تحكُّم الوالدة في البول: هذا قد يرجع لأسبابٍ طبية، وإن كانت هناك أسباب نفسية، لكن السبب الأغلب دائمًا سبب عضوي أو طبي.

الوالدة – أخي الكريم - ربما تكون تعاني من التهاب في مجرى البول، وتعرف أن طول السبيل عند المرأة قصير جدًّا، وهو أربعة سنتيمتر، وعند الرجل يصل إلى خمسة وعشرين سنتيمتر، فدخول الجراثيم والالتهابات عند النساء كثيرة جدًّا، خاصة مع وجود مرض السكر.

أعتقد أن الوالدة تحتاج أن تذهب إلى طبيبة، حتى وإن كانت طبيب عام، لتقوم بتحليل البول، وتزريعه، والتأكد أنها لا تُعاني من جرثومة، وإن وُجدتْ الجرثومة يمكن أن تُعطى المضاد الحيوي الصحيح، وهذا قطعًا يُساعدها.

هذه هي الخطوة الأولى، وأنا أراها خطوة مهمَّة جدًّا، وبجانب فحص البول ربما تحتاج أيضًا لعمل موجات صوتية مثلاً للكلى وللكبد، وهذا أيضًا مهمٌّ.

الوالدةُ تعاني – كما تفضلتَ – من فيروس الكبد C، وهي تتناول أدوية متعدِّدة، ولديها ارتفاع في ضغط الدم، وهذا – يا أخي الكريم – في حدِّ ذاته بالفعل قد يؤدي إلى نوعٍ من الاضمحلال في الناحية المعنوية؛ ممَّا ينتج عنه شيء من الاكتئاب وعُسر المزاج، هذا مؤكد ولا شك في ذلك.

الوالدة – كما تفضلت – لديها تاريخ مرضي سابق، وأقصد بذلك وجود الوسواس القهري والمخاوف.

إذاً وجود اكتئاب نفسي خفي أمرٌ لا نستبعده أبدًا، بل أراه موجودًا بالفعل، ولكن هذا لا يعني أن نجهل الأمور العضوية، ففحصها عضويًّا على حسب الخطة التي ذكرتُها لك مهمٌّ وضروريٌّ، وبعدها يمكن أن تُعطى أحد الأدوية المُحسِّنة للمزاج، والذي سوف يُساعدها كثيرًا في عملية الوسوسة والقلق أيضًا، وعقار (استالوبرام) والذي يُعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) هو من أفضل الأدوية، لأنه سليم، لأنه لا يُؤثِّر على وظائف الكبد، ولا يُؤثِّر على وظائف الكلى، ولا يتفاعل سلبًا مع الأدوية الأخرى.

يمكن أن تذكر هذا الدواء للطبيب، والوالدة تحتاج لجرعة صغيرة، وهي أن تبدأ بنصف حبة - من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام؛ لأن السبرالكس يأتي في عشرة مليجرام وعشرين مليجرامًا للحبة -.

تبدأ في تناول السبرالكس بجرعة خمسة مليجرام، تتناولها يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها عشرة مليجرام يوميًا لمدة أربعة أشهر مثلاً، ثم تخفضها إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

لكن أرجو – وأُكرِّرُ – الوالدة يجب ألَّا تبدأ في تناول هذا الدواء – بالرغم من سلامته – إلَّا بعد أن تقوم بإجراء الفحوصات التي تحدثتُ عنها، ومن جانبكم قطعًا مساندتكم لها ستكون عاملاً علاجيًا اجتماعيًا ونفسيًّا مهمًّا جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسألُ الله لها العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً