الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحدث التغير في نفسي وأتخلص من القلق؟

السؤال

السلام عليكم..

ففي البداية أحب أن أشكركم على اهتمامكم في هذا الموضوع المهم من حياة الناس، وأود أن أبين لكم ثقتنا فيكم لما تقدمونه، فلكم الشكر الجزيل.

أنا شاب في 24 من العمر، وأعاني من قلق دائم وتفكير عميق في أمور حياتي، وأعاني من عدم الرضا عن نفسي، وأشعر أني دائماً في نقص وأني لا أملك أي مميزات تميزني عن غيري، وأني لا أجيد أي عمل أعمله.

ودائماً أحب الجلوس وحدي حيث إني أجد في الوحدة غاياتي، وعندما أكون وحدي أملك ثقة قوية في نفسي وأملك القوة للتغيير وأخطط للتغيير من نفسي وأحمس نفسي للتغيير ولكن ما إن أخرج للمجتمع حتى أجد نفسي وبلا شعور مني أني عدت كما أنا في السابق وذهب طموحي وقوتي أدراج الرياح، وهذا ما يجعلني أحس أن لي شخصيتين في هذه الحياة.

حقيقة أنا تعبت جداً من هذه الحالة، ودائماً ما أفكر في أشياء كثيرة، وأسرح فيها كثيراً حتى أحس أني مرهق ذهنيا وعقلياً إلى أبعد الحدود، وفي كل مرة أجلس مع أحد أو مع أناس أتمنى لو أرجع لذلك المجلس حتى أصحح من أفعالي، ومن بعض عباراتي لشعوري بأنها كانت غير مناسبة لذلك الموقف.

ولا أجيد التعامل مع أصدقائي ولا أجد الحماس في التفاعل معهم حقيقة، وأنا دائم الخمول والكسل وأشعر أني فقدت كل أنواع الحماسة والجهد والنشاط.

أتمنى منكم أن تردوا علي في أسرع وقت.
وشكراً لكم.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ سائر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

جزاك الله خيراً على سؤالك، وعلى ثقتك في الشبكة الإسلامية وما تقدمه.

لقد اشتملت رسالتك على جوانب مهمة، تتعلق بأبعاد الشخصية وسماتها وصفاتها، فمن الواضح أنك حساس بعض الشيء، كما أنك تفرض رقابة ذاتية شديدة على تصرفاتك، مما جعلك تقلل من تقييم النفس والذات عندك، وهذا كثيراً ما يؤدي إلى شعور بالدونية والنقصان وعدم الكفاءة الاجتماعية، وهذا هو الذي حدث لك، وقد أدخلتك هذه المشاعر السلبية في حالة اكتئابية بسيطة، كما أن استرسالك في التفكير حين تكون لوحدك يحمل سمات ما يُعرف بأحلام اليقظة.

أيها الابن الكريم، أنت شابٌ في مقتبل العمر، وأمامك الكثير والكثير للقيام به، وحتى تصل إلى غايتك في هذا السياق عليك أن لا تتردد مطلقاً، وأن لا تساوم نفسك فيما تريد إنجازه أو القيام به، وأنصحك دائماً أن تبدأ بفعل الأشياء البسيطة، وحين تنجزها سيكون ذلك دافعاً وحافزاً إيجابياً لتقوم بأعمال أكثر تعقيداً.

لابد أن تضع أهدافاً واضحة في الحياة وتسعى لتحقيقها، ولا مانع من أن تناقش هذه الأهداف مع من تثق فيهم، وتسترشد بآرائهم الإيجابية، وأرجو أن لا تراقب نفسك مطلقاً، ولا تُحاسبها حساباً عسيراً فيما تقوم به أو فيما تفشل في إنجازه، فالمحاسبة العسيرة للنفس دائماً تؤدي إلى مزيدٍ من الإحباط، هذا بالطبع لا يعني أن نُطلق لأنفسنا العنان بفعل ما نستهويه وتجاهل ما لا نرغب فيه.

يظهر لي أنك تتمتع بمهاراتٍ اجتماعية معقولة، ولكنك لست بمستشعر لذلك، فأرجو أن تتمعن في كل مقدراتك، وتسعى لتطوير المهارات الاجتماعية لديك، ويكون ذلك دائماً بالإقدام، وأن تكون سباقاً في الأمور الاجتماعية كالزيارات والمشاركات العامة، والقيام بنشاطات اجتماعية، كممارسة الرياضة الجماعية، والمداومة على حلقات تلاوة القرآن، فكل هذه الأشياء تطور من المهارات الاجتماعية وتقلل من القلق والتوتر.

هذه الإرشادات السابقة بالرغم من أنها تبدو بسيطة، إلا أنها مهمة، وتقوم على ثوابت علمية، وستجني إن شاء الله ثمارها إذا طبقتها وداومت عليها.

لن تكتمل الصورة العلاجية إلا إذا تناولت بعض الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب، والمحسنة للدافعية، وأفضلها هو الدواء الذي يُعرف باسم (بروزاك) أرجو أن تتناوله بمعدل كبسولة واحدة في اليوم ولمدة ستة أشهر، علماً بأنه من الأدوية الفعالة والسليمة وقليلة الآثار الجانبية.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وعليك أن تستعين بالله في كل أمورك، وأن تثق بنفسك، حيث أنه من الواضح أن لديك مقدرات كثيرة لم توظفها بالصورة الإيجابية المطلوبة.

وبالله التوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً