الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعاني ابنتي من تشتت وضعف الانتباه فهل يمكن أن تصبح طبيعية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي مع ابنتي التي تبلغ من العمر أربع سنوات ونصف: فمنذ أن كان عمرها عاما ونصف وأنا أشعر أنها مختلفة عن أختها الكبرى، لا تتفاعل معنا، ولا تلعب مع أختها، ولا ترد على اسمها، وشديدة التعلق بالتلفاز، وكثيرة البكاء والصراخ، ولم تتكلم حتى بلغت عمر عام ونصف، ثم عرضتها على أكثر من طبيب بعمر السنة وعشرة أشهر، وكانت صدمة عمري حين شخصوها بسمات التوحد، وأجمع أكثر من طبيب أن حالتها بسيطة، وستتحسن مع الوقت، وأعطوها أدوية، ولكني رفضت إعطائها لها، واكتفيت بالأوميجا 3، وبدأت رحلتي مع مراكز التخاطب، والحمد لله حمدا كثيرا تحسنت جدا بعد مجهود شديد.

هي الآن تتكلم جيدا، طبعا ليست مثل من هي في عمرها، ولكن يمكن أن تقول كطفل عمره 3 سنوات ونصف، وهي الآن في الرابعة والنصف تستطيع أن تعبر عن نفسها، وعن مشاعرها، وعن رغباتها، وتجيب عن أي شيء أسألها عنه أو حدث معها في الروضة بلغة وضمائر سليمة، وتلعب مع أختها طوال الوقت، ولكنها لا تعرف كيف تصاحب الأطفال رغم أنها تحبهم وتحب اللعب معهم.

وبفضل الله وكرمه اختفت كل سمات التوحد، وتم قبولها بمدرسة عادية، وهي مطيعة في المدرسة، وتتعلم بسرعة، ولله الحمد حيث أنها تمتلك ذاكرة سمعية وبصرية قوية، وتعرف كل شيء باللغة العربية والإنجليزية من أرقام وحروف وأشكال وألوان حتى أكثر من الأطفال الذين في نفس العمر.

ولكن هي تعاني من تشتت وضعف الانتباه، وهو يخف مع الوقت، ولكن لا يزال موجودا، وقد أخذت جلسات كثيرة لتحسين الانتباه والتركيز، ولكن لا أزال أحس أن هناك مشكلة، فهي كثيرة السرحان، ويشتكون منها في المدرسة أنها تسرح كثيرا وكأنها لا تسمعهم، وأحس أن تركيزها ليس ثابتا، فهو يذهب ويأتي.

أحيانا أجدها منتبهة جدا، وأحيانا حتى لا تريد أن تنظر إلي أو تعيرني انتباها، ولا تنتبه إلا إذا رفعت صوتي، وأعرف أني لو عدت لطبيبتها فستعطيني أدوية، وأنا أخاف كثيرا من تلك الأدوية.

المشكلة الثانية: أن لديها مشكلة في الاتزان رغم أنها مشت وجرت بعمر صغير جدا حوالي سنة، ولكن تأخرت في صعود السلم والقفز كثيرا، وحتى الآن أحس أن مشيتها خرقاء، وأعتقد أن هذا له علاقة بالسمات، حيث قالت الطبيبة إن التوحد مشكلة عضوية في المخ، وربما يؤثر على التحكم في الجسم، ولكن لا أعرف كيف أساعدها؟ وهل المستوى الذي وصلت إليه جيد؟ وهل هناك أمل في أن تصبح طفلة طبيعية بمرور الوقت؟

أرجو أن تدعو الله لكل أطفال التوحد بالشفاء؛ لأن هذا الأمر يدمي القلب والعقل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لابنتك العافية والشفاء، كما تعرفين أيتها الفاضلة الكريمة وأنت طبيبة أن طيف التوحد أو الذواتية هو طيف مكتسب، وهنالك بعض الحالات البسيطة وحالات أخرى وسطية وحالات أخرى شديدة.

هذه البنية حفظها الله إن كان بالفعل لديها شيء من أعراض التوحد فمن الواضح أنها في الطيف البسيط، ولذا ابتدأت تكتسب أمورا إيجابية فيما يتعلق بالتفاعل الوجداني والتفاعل الاجتماعي، واكتساب مهارات اللغة، فهذا شيء عظيم جداً.

ما تبقى لديها من أعراض خاصة التشتت الذهني وعدم الاتزان في مشيتها أعتقد أن المتابعة مع طبيب الأعصاب المختص بالأطفال سيكون أمراً جيداً؛ لأن المتابعة مع الطبيب قطعاً ستكون مفيدة بالنسبة لك حتى تطمئنين، وبالنسبة لهذه الطفلة ليتم التدخل الطبي المختص إذا كان هنالك حاجة لذلك.

من خلال رسالتك أنا مطمئن كثيراً لهذه الطفلة، وفقط هي محتاجة للمزيد من الجهد لتطوير مهاراتها وملكاتها وهذا أمر معلوم بالنسبة لك إن شاء الله تعالى.

كونها في مدرسة عادية هذا أمر عظيم جداً، وكثير من الأطفال الذين لديهم شيء من متلازمة التوحد حين تنطلق مقدراتهم تنطلق بصورة جميلة جداً ومضخمة جداً ومميزة قد تصل إلى درجة التفوق، كوني إيجابية حيال طفلتك، وأرجو أن لا تفرضي عليها حماية زائدة هذا قد يدخلنا في إشكالية تربوية.

بالنسبة لعلاج متلازمة تشتت التركيز إن كانت موجودة لديها بالفعل: لن تعالج دوائياً في هذه المرحلة، الأدوية لا تبدأ قبل عمر 7 سنوات هذا أمر متفق عليه، ولا أعتقد أن هنالك طبيباً سوف يقوم بإعطائها دواء، مجرد التوجيهات السلوكية السابقة يجب أن تطبق، تشجيع الطفلة؛ حاولي أن تلاعبيها أنت، وأن يكون هنالك المزيد من التمازج مع بقية الأطفال هذا هو الذي أراه، وأنا إن شاء الله تعالى متفائل ومستبشر حقيقة أن هذه الطفلة ستكون طبيعية، أو هي الآن في مرحلة طبيعية بالنسبة لما كانت تعاني منه.

نسأل الله لها العافية، وأن يجعلها قرة عين لكما، بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً