الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمر بحالة اكتئاب تأتي وتذهب، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة الآن في المرحلة الجامعية، عندما كنت في المرحلة المتوسطة أصبت بالوسواس القهري بسبب الخوف من الموت، كان يأتيني بشكل فظيع، ذهبت إلى طبيب نفسي وعالجني، وأتذكر أنه قبل سنتين بدأت أشعر بأعراض حزن ووسواس بسيط، استمر لفترة قصيرة جدا واختفى، حيث إننا سافرنا أنا وأهلي، فنسيت الحزن والخوف، ولكن منذ 10 أشهر تقريبا أصبت باكتئاب مصحوب بقلق، أوقف حياتي تماما، فلم أكن أنام إلا بصعوبة، وكان نومي لساعتين أو أربع بالكثير، ولم أكن آكل أبدا، وأجبروني على الطعام، ولم يكن يستقر في جوفي، كنت أصاب بكتم النفس.

ذهبت لأطباء باطنية وصدر، لكنهم كلهم نصحوني بالذهاب لطبيب نفسي، فوصف لي اللوسترال ومعه الزولام، واستمررت على اللستورال وأوقفت الزولام بعد فترة قصيرة بطلب منه، وفي النهاية طلب مني الاستمرار على اللوستورال وأخذ الإبليفاي إلى أن شعرت بتحسن كبير -الحمد لله-، لكني لم ألتزم بالدواء في نهاية فترة العلاج، فتوقفت منذ 5 أشهر تقريبا عن الدواء، وبعد فترة كنت أشعر بحزن يستمر فترة قصيرة جدا، وينتهي من فترة لأخرى دون أن يستمر لفترة طويلة، أو يصاحبه اضرابات في الأكل أو النوم بشكل ملحوظ.

الآن بدأت أشعر بعودة الاكتئاب لي، فمنذ شهر حذفت جميع مواقع التواصل الاجتماعي لأني شعرت بضغوط، ولم أعد أرغب في متابعة ماذا يفعل الناس، وأصبحت أرد على اتصالات أصدقائي الهاتفية لكي لا يتضايقون، ولكن أنا لا أريد أن أرد عليهم، وشهيتي ليست كالسابق، ومنذ أسبوعين أصبحت أنام 12 ساعة في اليوم، ومنذ أسبوع عاد نومي إلى 8 ساعات، ولكن أستيقظ خلال نومي 3 مرات تقريبا.

عندما أستيقظ صباحا لا أشعر أنني مرتاحة، وصرت أبكي، وليس عندي القابلية في كل الأوقات لسماع أصوات أخوتي في البيت، وصرت عصبية وقضيت أيامي الأخيرة مكتئبة، عدا يوم أو يومين.

عندما أستيقظ وأحاول أن أعطي لنفسي إحساسا بالسعادة، ولكن هذا لا ينفع معي دائما، وأصبحت لا أريد المذاكرة وأشعر بفراغ، وأحيانا أشعر أني أريد الموت، ولكن الحقيقة أني لا أشعر باكتئاب كبير مثل الذي أصابني من قبل، فأنا آكل رغم شهيتي القليلة، وأستطيع النوم، إلى حد ما لا زلت أقدر على مقابلة الناس حتى وإن لم أرد ذلك.

أشعر أن كل شيء سيتحسن -بإذن الله-، وعندي قابلية حتى وإن كانت قليلة جدا لفعل أشياء جديدة، لست فاقدة للأمل تماما، فهل ما أمر به الآن اكتئاب، أم إنها فترة حزن وستنتهي؟ واذا كان اكتئابا هل يمكن أن تنصحوني؟ لكن هذه المرة من الصعب علي الذهاب للطبيب إذا كان اكتئاب فإذا كان كذلك، هل أرجع إلى اللسوترال مرة أخرى؟ وهل آخذ معه دواء آخر يحسن النوم، ولكن ليس الزولام؛ لأنه لا يصرف إلا بوصفة طبية، أم أكتفي باللوسترال، أم آخذ غيره؟ وإذا أخذت أدوية، ما الجرعة التي أتناولها، وفي أي وقت؟ وكم أستمر عليها؟ وكيف أوقفها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وجود شيء من الوسوسة والقلق أو عُسر المزاج نعتبره أمرًا عاديًا في مرحلتك العمرية، لا أريدكِ أبدًا أن تكوني قلقة أو متوترة ولديك هشاشة نفسية، كوني إيجابية في تفكيرك، هذا من أفضل وسائل العلاج، واستفيدي من وقتك بصورة صحيحة، واجتهدي في دراستك، واسعي في برِّ والديك، ومارسي الرياضة، وتواصلي مع صديقاتك، الصلاة يجب أن تكون في وقتها.

العلاج بهذه الطريقة هو الأفضل، أمَّا أن يُوسوس الإنسان ويُضخِّم الأفكار الصغيرة ويشغل نفسه بها فهذا الأمر ليس جيدًا، لا أريدك أبدًا أن تربطي نفسك كثيرًا بالأمراض النفسية، لأنه حقيقة لا أرى أنه لديك مرض حقيقي، لديك مجرد ظواهر هنا وهناك، كالقلق وكالتوتر وكعسر المزاج، فيجب أن تُخرجي نفسك من هذا من خلال العزيمة والتصميم والإيجابيات في الأفكار والمشاعر والأفعال.

اعتمادك على هذه الكيفية العلاجية أفضل لك كثيرًا من تناول الأدوية، أنا لا أقول لك أن اللسترال - أو خلافه من الأدوية - مُضر أو خطر، لا، هذه الأدوية مفيدة جدًّا، لكن أرى أن حالتك في هذا العمر يمكن أن تُعالج من خلال إعادة التكيّف وترويض النفس والإيجابية في كل شيء.

فأرجو أن تنتهجي هذه المنهجية، وأنا أتصور أنك سوف تتحسَّنين كثيرًا، ما بك الآن هو مزاج اكتئابي، ولا أريد أن أسمّي مرض اكتئابي. اخرجي منه بأن تُصِرِّي على التحسُّن، تُصِرِّي على الفكر الإيجابي، وعلى المشاعر الإيجابية، وعلى الأفعال الإيجابية، شاركي أسرتك، شاركي صديقاتك، اقرئي، اطلعي، صلِّي، مارسي الرياضة، أشياء كثيرة سوف تُخرجك من هذا الذي أنت فيه، ولا أرى هنالك داعٍ لتناول أدوية على الأقل في هذه المرحلة.

نسأل الله لك العافية والشفاء، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً