الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قسوة وغفلة في قلبي وعدم مبالاة

السؤال

السلام عليكم

أنا متعجبة من نفسي، لماذا أنا كذا؟ أحس قلبي ميتا فعلاً، يعني الآن يقال لي: أختك أو أمك ماتت لن يكون عندي رد فعل! واحتمال أن آخذ الجوال وأكمل لعبي أو تصفحي عليه، أو حتى لو أرى أحداً مريضاً بجانبي لا أتأثر أو ممكن أظهر نفسي متأثرة فقط لأجل الناس!

ما كنت هكذا من قبل، بل كنت مجرد ما أفكر أني من الممكن أن أفقد أحداً من أخواتي أو أمي أبكي، أو إذا سافر أو سافرت واحدة منهن، بينما الآن أحس حتى الدمعة صعبة أن تنزل!

والله بجد شيء عجيب يحصل لي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا يخفى عليك أن الفضيلة وسط بين طرفين، وأن كلا طرفي قصد الأمور ذميم، وفي القرآن (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) وقوله تعالى: (لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) وقد جاء عن ابن عباس ما من إنسان إلا وهو يفرح ويحزن لكن المؤمن يجعل فرحه شكراً ويجعل حزنه صبراً.

الاعتدال هو منهج المسلمة فالجزع ولطم الخدود وشق الجيوب عن الأحزان مرفوض، كما أن التبلد في الأحاسيس والمشاعر والجفاف والجفاء مرفوض، والنبي صلى الله عليه وسلم حزن على موت ابنه إبراهيم، ولكنه مع ذلك أعلن رضاه بقضاء الله وقدره.

الإنسان ينبغي أن يسعي للوصول بنفسه إلى المرحلة التي فيها الاعتدال، ومما يساعدك في هذا ما يلي:
- كثرة اللجوء إلى الله وطلب الحكمة والاعتدال.
- تزكية النفس وتربيتها حتى نحب للناس ما نحبه لأنفسنا، ونكره لهم ما نكرهه لأنفسنا.
- فهم قضية القضاء والقدر.

- وضع النفس في مكان الآخرين في كل الأحوال، ثم فعل ما ننتظره ونتوقعه من إظهار للفرح عند الفرح، أو تعاطف وإظهار للحزن إذا كان المقام يقتضيه، علماً أن تكلف مثل هذا الوضع، وتقليد الفضلاء يوصل إلى المطلوب، فبالتباكي يمكن أن نصل إلى البكاء.

- عدم اصطحاب المواقف السالبة، فمثلاً من تعرضت للإهمال أو القسوة ما ينبغي أن تعامل غيرها بأمر ذاقت مرارته، ولكن ينبغي أن تسعى في تعويض من حولها ما فقدته لكونها أعلم الناس بالأضرار.

- الإيجابية ومدافعة الأقدار بالأقدار، فالمرض قدر علينا أن نسعى في دفعه بالوقاية والدواء والدعاء.

- البحث في أسباب التغير، لأن معرفة السبب أقصر طريق لعلاج الخلل والعطب.

- تذكر الأجر والثواب الذي تحصل عليه من تحتكم إلى قواعد الشرع في كل أحوالها.
- وزن العواطف والميول بميزان الشرع.
- بذل مشاعر الرحمة حتى نفوز برحمة الرحيم، والراحمون يرحمهم الرحمن.

- العلم بحاجة الإنسان إلى أن يرحم ويرحم، والإنسان مدنى بطبعه فهو لا يستطيع أن يعيش وحده، ولذلك شرعت الشريعة الجمع والجماعات، وشرعت التعزية والمواساة، وزيارة المرضى، وأداء الحقوق.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسال الله أن يوفقك ويسدد خطاك، قد أسعدتنا استشارتك، ونؤكد لك أن الشعور بالخلل هو أهم ما يدفع للتصحيح والبحث عن الحل.

أعانك الله على الخير ورفع قدرك وهيأ لك من أمرك رشداً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً