الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوبات هلع وخوف مستمر.. هل يوجد علاج لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم

د/ محمد عبد العليم أشكرك أولا على مجهودك الطيب لتوعية المرضى والاهتمام بتساؤلاتهم.

أنا أعاني كل فترة من حالة ذعر شديدة، وما يرافقها من ضربات قلب سريعة، وتنميل في يديّ، ثم يرافقها إحساس بالخوف من حدوث تلك الحالة مرة أخرى، وخوف على أهلي وأصدقائي، وخوف من مواجهة الناس، وأحيانا خوف من الموت.. إلخ.

هذه الحالة أشعر بها منذ سنوات كلما فكرت في شيء يقلقني، أو تخيلت أشياء تؤذيني نفسيا، أو كتمت داخلي مشاعر غضب أو حزن، وكلما أتت تلك الحالة حاولت أجاهدها وآخذ فترة طويلة حتى أتخلص منها فهي تؤثر علي نفسيا، وأشعر معها أحيانا أنني غير قادرة على العيش بهدوء وسلام كباقي الناس.

أنا شخصيتي مزاجية ودائما متقلبة، وتزيد تلك الحالة قبل الدورة الشهرية، أريد أن أتخلص من تلك الحالة نهائياً، فهل يمكن أن تذهب عني نهائيا دون عودة؟ وهل إذا تناولت الدواء لن يؤثر علي ويضرني؟ فأنا أخاف مما أسمعه عنه من آثار جانبية؟ وهل ستنتهي الحالة مني نهائياً؟

ملحوظة: أنا أتناول علاج للغدة الدرقية وعندي التهاب في المعدة؟ فهل يوجد حل لحالتي؟

وجزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أنت تصفين نوبات الهرع وصفًا واضحًا ودقيقًا، والحمد لله تعالى هذه النوبات تأتيك في فترات متباعدة، ونوبات الفزع والهرع فعلاً مُخيفة جدًّا لصاحبها، لكن الإنسان حين يتفهم طبيعتها ويعرف أنها حالة نفسية حميدة هذا في حدِّ ذاته أن يكون مطمئنًا جدًّا للإنسان.

انفعالاتك الداخلية تلعب دورًا كبيرًا في إصابتك بهذه النوبات، ويظهر أن ارتباطها بالقلق ارتباطًا وثيقًا، والقلق هو طاقة نفسية وجدانية، لابد للإنسان أن يقلق، لكن يحاول أن يوظّف القلق بصورة إيجابية، ولا يجعله قلقًا سلبيًا؛ ممَّا يجعله يحتقن ويتراكم ويؤدي إلى هذه الانفعالات السلبية مثل نوبات الهرع أو الفزع.

إذًا عبّري عن ذاتك ولا تكتمي، هذا شيء أساسي.

حين تأتيك نوبات القلق الأولى تحدّثي مع نفسك، خاطبي نفسك، بأن تجعلي من هذا القلق قلق إيجابي، قولي: (أنا سأستفيد من هذا القلق لأقوم بكذا وكذا، وسوف أنجح في مشاريعي الحياتية التي يجب أن أجتهد فيها أكثر، ولماذا أقلق أنا بهذه الصورة؟) وهكذا... وجّهي هذا القلق توجيهًا صحيحًا، وهذا في حدِّ ذاته سيفيدك فائدة كبيرة جدًّا.

نحن دائمًا ننصح بالتأهيل الجسدي لمن يُعاني من القلق النفسي أو نوبات الهرع، والتأهيل الجسدي يتمثّل في ممارسة الرياضة، وكذلك ممارسة التمارين الاسترخائية، تمارين الاسترخاء تلعب دورًا مهمًّا جدًّا، وما دامت النوبات وتقلُّب المزاج تكثر لديك قبل الدورة الشهرية فأنت هنا محتاجة للتمارين الاسترخائية بكثافة، خاصة أسبوعا قبل موعد الدورة الشهرية، عوّدي نفسك على ذلك، درّبي نفسك على ذلك.

لا تكوني أسيرة لهذه الأعراض أبدًا، حرّري نفسك، انطلقي في الحياة، اجعلي في حياتك بعض البرامج المهمّة، برامج من أجل المستقبل، وتضعي الآليات التي تُوصلك إلى أهدافك. هذا كله يمثِّلُ نوعًا من صرف الانتباه عن القلق وعن التوترات.

علاج الغدة الدرقية لا علاقة له بهذه النوبات، لكن إذا كان هنالك ارتفاع في إفراز الغدة الدرقية هذا ربما يكون له علاقة، أمَّا إذا كان الدواء الذي تتناولينه هو (الثيروكسين) من أجل تنشيط الغدة الدرقية فهذا لا علاقة له، وعمومًا راجعي مع طبيب الغدة وقومي بالفحوصات المطلوبة من وقتٍ لآخر.

التهاب المعدة كثيرًا ما يكون مرتبطًا بالقلق، فإن حاولت أن تؤهلي نفسك بعيدًا عن القلق هذا سوف يُقلِّلُ عنك هذا الالتهاب، وقطعًا الأدوية التي تتناولينها لا علاقة لها بهذه النوبات، أي نوبات الهرع أو الفزع.

الأدوية النفسية لا تخافي منها أبدًا، الدواء النفسي إذا تمَّ تناوله من خلال الطبيب المقتدر وكان التشخيص صحيحًا وكانت الجرعة صحيحة وكان الدواء غير إدماني ومدة العلاج معروفة، وأن يُطبّق الإنسان الآليات العلاجية الأخرى، ففي هذه الحالة يكون الدواء فاعلاً وجيدًا ومفيدًا.

هذا ما أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً