الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع القلق من ثعلبة اللحية؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 33 عاما، أعزب، لدي تاريخ سابق بالقلق، وتحديداً الخوف من الأمراض، كما أني دائماً أفترض السيناريو الأسوأ لأي موقف يحدث لي، فمثلاً: إذا طلبني مديري أعتقد أن هناك مشكلة وفي الأخير يكون الأمر خيراً، وهكذا الحال مع الأمراض في كل مرة، أجزم أني أعاني من مرض وخاصة السرطان.

انخرطت في الرياضة وتحسن جسدي كثيراً، وكذلك فكري، وخف القلق، وفي يوم من الأيام ظهرت بقعة صلعاء على لحيتي، تلتها بعد شهر بقعة صلعاء أخرى أسفل عظمة الفك، ذهبت لطبيب جلدية، ووصف لي كريم كورتيزون ومينوكسيديل -بخاخ-، لكني دخلت الإنترنت وقمت بالبحث عن الثعلبة، فوجدت أن الثعلبة مرتبطة بالبهاق، ثم وجدت أنها يمكن أن تنتشر لتشمل اللحية كاملة، وحتى الحاجبين والشعر، فأصبحت في قلق، في كل مرة أجلس مع نفسي أتخيل المستقبل وقد أُصبت بالبهاق وفقدت شعري، أخاف أن أفقد الكثير من وزني من التفكير الذي أغلق شهيتي، علماً أني أجريت الفحوصات المخبرية للدم، وكانت مطمئنة.

مر الآن على ظهور البقعة الأولى أشهر، والثانية كذلك، دون تغير في الحجم، وبدأ يظهر فيهما شعيرات بيضاء اللون، لكن قلقي من البهاق وانتشار الثعلبة وتكرار حدوثها لم يبارحني، وأصبت بالأرق الشديد، حتى أني استشرت طبيباً نفسياً، اكتفى بأن طلب مني التوقف عن البحث في الإنترنت، ووصف لي دواء، ولكني لا أرغب بالتداوي بقدر ما أريد علاجاً سلوكياً فعالاً، وتنويراً حول الثعلبة من قبلكم -حفظكم الله-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سليم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي: استشارتك واضحة جداً، أنت لديك خوف من الأمراض، والخوف من الأمراض مسلسل، إذا اتبعه الإنسان يصبح حبيساً للمخاوف المرضية، ويتنقل من مرض إلى آخر، بعد الثعلبة قد تفكر في شيء آخر، وهكذا.

فيا أيها الفاضل الكريم: الذي أطالبك به هو:
أولاً: أن تعيش حياةً صحيةً، والحياة الصحية تتطلب ممارسة الرياضة بانتظام، وأنت انتفعت كثيراً من ممارسة الرياضة.
ثانياً: تجنب القراءات الطبية المشبوهة، خاصة في الإنترنت.
ثالثاً: التغذية السليمة.
رابعاً: حسن إدارة الوقت، وأن تشغل نفسك بما هو مفيد، وأن تنام في الليل مبكراً.
خامساً: المحافظة على الصلوات والأذكار، والورد القرآني اليومي، هنالك أذكار ذات خصوصية في علاج الخوف والأمراض (اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ منَ البرصِ والجنونِ والجذامِ ومن سيِّئِ الأسقامِ) أخرجه أبو داود، وصححه الشيخ الألباني، وهذا دعاء عظيم، إذا تأملت ما سبق، سوف تراها مفيدة جداً لحالتك، لكن يجب أن يكون هنالك يقين وتيقن من أن هذه الأذكار نافعة.

هذا -يا أخي- هو العلاج السلوكي، الناس تتكلم عن العلاج السلوكي، والبعض يعتقد أن هنالك خصوصية شديدة، لا، العلاج السلوكي نحن ننزله إلى أرض الواقع، إلى واقع الحياة، أن يحسن الإنسان إدارة وقته، لا يكون هنالك فراغ ذهني أو زمني، أن يمارس الرياضة، أن يتغذى غذاء صحياً، أن يتواصل اجتماعياً، وأن يقوم بواجباته الاجتماعية، أن يطور نفسه وظيفياً، هذه -يا أخي- هي العلاجات التي تحتاجها.

أعتقد أنك تحتاج فعلاً لدواء، لا أعرف الدواء الذي وصفه لك الطبيب، لكن أفضل دواء لعلاج قلق المخاوف ذي الطابع الوسواسي هو عقار السيبرالكس، والذي يسمى الاستالبرام، يضاف إليه جرعة صغيرة من عقار آخر يسمى السلبرايد، هذه -يا أخي- مفيدة جداً، ومجربة، ونحن دائماً نقول للناس: يجب أن تكون الرزمة العلاجية مكتملة: الجانب النفسي، والجانب الديني، والجانب السلوكي، والجانب الدوائي، هذه الأربعة يجب أن يأخذ بها الإنسان أخذاً كاملاً.

تنويه حول الثعلبة: بالرغم من أن هذا ليس تخصصي، لكن أرى أن حالتك أصلاً هي حالة مرضية، حالة تخوف من الثعلبة أكثر من وجود الثعلبة، ومهما تكلمنا عن الثعلبة أو حولناك إلى أحد الإخوة في الأمراض الجلدية، فقد لا تستفيد كثيراً، من وجهة نظري تجاهل هذا الموضوع تماماً بعد أن تذهب وتقابل طبيباً مختصاً في الأمراض الجلدية مرة أخرى، ليقوم بفحصك، واسأله كل ما تريد أن تسأله عن الثعلبة، لكن لا تتنقل بين الأطباء، اقتنع بما قاله لك الطبيب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً