الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحقق التوازن في الحياة بين عملي وزوجتي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا طبيب وعقدت على طبيبة -والحمد لله- نحن الآن في فترة العقد، وأمامنا سنة لإتمام الزواج -إن شاء الله-.

كيف أجمع بين حياتي كطبيب والتفوق في مجالي والحياة الزوجية، وأكون زوجا ناجحا؛ لأنه بعد الارتباط زوجتي تريد الاقتراب مني، ولكن معظم الأوقات أكون مشغولا، فكيف أحقق توازنا بين عملي وبين حياتي الزوجية حتى أحافظ على الحب بيني وبين زوجي، ويكون دائما في نماء؟

ما هي الكتب التي ينصح بها في إدارة الحياة الزوجية من الناحية العاطفية والمالية وغيرها، وما هو الهدف الأسمى الذي أسعي لتحقيقه في الزواج؟ أقصد إن الطالب يذاكر ليحصل على مجموع عال ليؤهلة للالتحاق بكلية يريدها.

ما هو الهدف الأسمى لذلك؟ وكيف يطور الإنسان من نفسه؟ وما هي الجوانب التي يحقق بها؟ الإنسان شخصية متكاملة تقوده للنجاح في الدنيا والآخرة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك، ومرحبا بك، أسأل الله أن يرزقك التوفيق والسداد والحكمة والهدى والخير والرشاد والصواب والنجاح في حياتك الزوجية، وفي حياتك عامة.

- بصدد سؤالك عن كيفية تحقيق التوازن والنجاح في زواجك وعملك وحياتك الزوجية، والجمع بين الناحيتين العاطفية والمالية، فإليك هذه التوجيهات العامة:

- إدراك أن تحقيق هذا التوازن أمر ممكن وغير مستحيل، كما أنه واجب شرعي؛ كونه وسيلة لتحقيق الغايات والمقاصد الشرعية الواجبة في النواحي المختلفة، -وقد أحسنت وفقك الله- في إبداء حرصك ورغبتك بإنصاف زوجتك، بأن تحرص على أن تعطيها حقها بالمؤانسة والجلوس معها، والتحدث معها كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكما أوصى أمته -عليه الصلاة والسلام-، وقال: استوصوا بالنساء خيرًا، وقال لـعبد الله بن عمرو لما أعرض عن زوجته: إن لنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، ولضيفك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه).

- الهدف الأسمى من الزواج متلخص في قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَة إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فالنجاح في الحياة الشخصية من خلال النجاح في العلاقة الزوجية، هو السبيل اللازم والضروري للنجاح في حياتنا العملية عامة، وفي المقابل فالإخفاق فيها إخفاق في حياتنا العملية العامة.

- ويجب أن نعلم أن النجاح لا ينحصر في كسب المال والنجاح في الأعمال فحسب، ولكن في تحقيق التوازن في جميع الجوانب المختلفة، فكسب حياتك وأهلك وعائلتك هو الأهم ولا ينبغي أن تقدم العمل الإضافي والمصالح المالية على هذه الواجبات الشرعية المتعلقة بالجوانب الصحية والعائلية والاجتماعية والصحة العقلية والنفسية والبدنية.

- يمكن الجمع بين هذه المصالح بالتحلي بالإيجابيّة والفاعلية والجدية، بأن تضع برنامجاً واضحاً ممكن التطبيق محدداً في التوقيت والهدف والخطة.

- لتكن أهدافك حسب طاقتك مع ضرورة الالتزام بالجدول الزمني والنظام والانضباط وإدارة الوقت والبعد عن ضياع الأوقات فيما لا يعود عليك بالمنفعة والفائدة في دينك ودنياك، وذلك بالتركيز على مصالحك الحيوية، وتخصيص وقتا للراحة والرياضة والزيارات والعلاقات الاجتماعية والجلوس مع الزوجة والأهل.

- كما أن الهدف الأسمى من العمل والحياة يتمثل في تحقيق العبودية لله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاة ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)، والعبودية: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فيشمل كل مصالح الدين والدنيا في إسعاد النفس وتكميلها، وتحقيق نفع الناس والمجتمع والأمة، لا سيما في مثل تخصصك الشريف الكريم النبيل.

- بصدد تنمية الجوانب الشخصية والإيجابية لديك، فأوصيك بتنمية ذاتك وثقافتك ومواهبك ومهاراتك العلمية والعملية ولزوجتك أيضاً، مع التركيز على هذه الأهداف الشرعية الكريمة تحقيقاً لواجب العبودية والنصح والنفع للمجتمع ونيل السعادة في الدنيا والآخرة.

- أما بصدد الكتب التي أنصحك بها هي فلا أفضل من قراءة القرآن الكريم، والاطلاع على التفسيرات المختصر له، ومن أحسنها تفسير السعدي -رحمه الله- وقراءة السيرة النبوية، ومن أحسنها الرحيق المختوم د/المبارك فوري، وكذا الكتب المتعلقة بالتنمية البشرية ومن أحسنها كتب الدكتور إبراهيم الفقي -رحمه الله-.

- لا أجمل وأفضل من لزوم الدعاء والاستعانة بالله والتوكل عليه وحسن الظن به، والصلة والتعلق به تعالى وتعزيز الثقة بالذات، وقوة الإرادة والتحلي بالتفاءل والأمل والطموح، واستحضار ثواب الصبر والطاعة لله تعالى في كل ما نفعل أو نترك.

وفقك الله وزوجتك لكل خير والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً