الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب سوء الحظ الدائم؟

السؤال

السلام عليكم
شكرا على هذا الموقع المفيد والرائع.

نحن عائلة مكونة من خمسة أفراد، ولدين وبنت وأب وأمي، ملتزمون دينيّاً -والحمد لله-، لنا سمعة حسنة بين الناس، لا نظلم أحدا أبدا، ولكننا نعاني من سوء حظ كبير جدا في كل أمور الحياة، أختي تزوجت من شاب، ولكنه كان سيء الخلق، ومدمنا على المخدرات، وأنجبت طفلان، وأنا أصبت بتلعثم وأنا صغير، مما سبب لي مشاكل نفسية، والآن متخرج من الدراسة ولكنني لا أستطيع الحصول على عمل بسب التلعثم، ولكن -الحمد لله- يوجد عندنا قطعة أرض نزرعها، كل الأراضي التي بجوارنا ينجح فيها الزرع إلا أرضنا لا تثمر أبدا، ونخسر ما أنفقنا فيها، ولو باع أبي منها بعض المحاصيل يصيبه مرض، فيأخذ كل الأموال.

جميع العائلة حالهم ميسور إلا نحن، حتى أن أمي ورثت عن أبيها أرضا وشقة، ولكن أخاها أخذ حقها ولم يستطع أحد إرجاعها.

أنا الابن الأكبر بعد البنت، كل أصدقائي تزوجوا وأنا لا أستطيع الزواج بسب التلعثم، فهل هذا شيء طبيعي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/mohamed حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فمرحبا بك، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله سبحانه وتعالى:

عليك أن تدرك أن كل شيء في هذه الحياة يسير وفق قضاء الله وقدره، ولا يتخلف عن ذلك شيء، يقول تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، ولما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما أكتب قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس)، والكيس الفطنة.

يقول شَدَّاد بن أَوْس -رضي الله عنه-: (يَا أَيهَا النَّاس لَا تتهموا الله فِي قَضَائِهِ فَإِن الله لَا يَبْغِي على مُؤمن فَإِذا نزل بأحدكم شَيْء مِمَّا يحب فليحمد الله وَإِذا نزل بِهِ شَيْء يكره فليصبر وليحتسب فَإِن الله عِنْده حسن الثَّوَاب).

الله -جل وعلا- أعلم بما يصلح عباده فمنهم من يصلح له الغنا ولو أفقر لكفر ومنهم من يصلح له الفقر، ولو أغنى لطغى وبغى، فمن رحمة الله سبحانه أن يعطى كلا ما يصلحه، ومع هذا فذلك ابتلاء من الله لينظر الشاكر والصابر.

بعض الناس يصابون بدعوة من أحد الآباء أو الأجداد بسبب معصية أو عقوق، فتسري تلك الدعوة فيه وفي أبنائه.

قد يكون بعض الناس يرى نفسه متعبدا ومتقربا من الله سبحانه، ولا يدري أنه يتقرب إلى ربه بغير ما شرع كالبدع والضلالات، فمن كان كذلك فلا تنتظر أن يكون حظه سعيدا حتى يستقيم على الدين الذي شرعه الله سبحانه، بل إن هذا الصنف من الناس يقول الله فيهم: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)، وقال: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً) فانظر كيف أنها تأتي يوم القيامة خاشعة الوجوه وقد عملت ونصبت أي تعبت ومع هذا تصلى نارا حامية أي تدخل النار والسبب في ذلك أنها لم تعبد الله بما شرع سبحانه.

اعلم أن الحياة الطيبة لا توهب إلا لمن آمن وعمل صالحا، فعليكم أن تجتهدوا في كثرة العمل الصالح حتى يتقوى إيمانكم يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

أكثروا من التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنتم ساجدون، وتحينوا أوقات الإجابة وأهمها أثناء السجود، وما بين الأذان والإقامة والثلث الأخير من الليل والساعة الأخيرة من الجمعة، ويوم الأربعاء ما بين الظهر والعصر، وسلوا الله تعالى أن يصرف عنكم البلاء، وأن يرزقكم الحلال ويدفع عنكم المكاره.

أكثروا من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

الزموا الاستغفار، وأكثروا من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

هنالك قضايا قد تحصل ولا يكون لها دخل في قضية سوء الحظ فمثلا كون أخوالك أخذوا حق والدتك، قد لا يكون له تعلق بهذه المسألة؛ لأن ظلم النساء في قضية الميراث أمر شائع في بعض بلاد المسلمين -والله المستعان-.

بعض الأراضي قد تكون فيها علة معينة فتثمر ثمرة هزيلة، وهذا موجود على مستوى الأرض الواحدة، فتجد في بعض الأماكن منها لا ينبت فيه الزرع، أو تكون ثمرته رديئة، وهذه المسألة تحتاج استشارة مهندس زراعي فهم أخبر بهذه الأمور، وقد يوجد لكم علاجا، لذلك فإن قال إن الأرض ليس فيها شيء فانظروا في تاريخ هذه الأرض حين كان يملكها الآباء والأجداد والكبار أخبر بذلك، فيسألون هل كانت ثمرتها طيبة أم أن حالها كان كما هي اليوم فإن قالوا إنها كانت تثمر كغيرها من الأراضي التي بجوارها، فهذا يعني أن شخصا ما في العائلة قد أصيب بدعوة استجابها الله والله المستعان.

أكثروا من الصدقة ما استطعتم إلى ذلك سبيلا فإن الصدقات تطفئ غضب الرب -سبحانه وتعالى-.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً