الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب شابا لأنه يرتاد المسجد، فما أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أحب بيت الله كثيرًا، ودائمًا أحب الجلوس في المسجد، وفي يوم عند نزولي من المسجد رآني شاب دائمًا يصلي بنا العشاء في المسجد، وتكررت الصدف ورآني عند رجوعه من عمله عدة مرات، والتقينا عدة مرات على باب المسجد، ينظر إلي لكني لا أنظر إليه، وعرفت أنه حافظ لكتاب الله، ويحب المساجد مثلي كثيرًا، وأسمع صوته يؤذن في عدة مساجد.

لقد تعلق قلبي به، وقررت أن لا أذهب للمسجد، وكان صعبا جدًا على قلبي ترك المسجد الذي أحبه وأحب الصلاة فيه، وبقيت أصلي في البيت، وفي مرة وأنا أصلي في المنزل وأبكي حبا للصلاة في الجامع، شممت رائحة ورد في ملابسي، اختفت بعد انتهائي من الصلاة، وشممتها أيضا في صلاة الفجر، واكتشفت أني وحدي التي تشم الرائحة، فشعرت أن الله معي وسعدت جدًا.

مشكلتي أني أسمع صوته كل يوم يؤذن، وقلبي تعلق به، وأشعر بالندم لتعلق قلبي بأحد غير الله، لكن والله ما أحببته إلا لحبه للمسجد والآذان ولقراءة القرآن.

لا أعلم ماذا أفعل؟ لا أريد أن يتعلق قلبي بأحد غير الله، وفي ذات الوقت أشعر أني أحبه جدًا، وأتمناه زوجًا لي، وأشعر كذلك أنه يبادلني نفس الشعور، فهو عند تلاقينا صدفة يظل ينظر لي كثيرًا، فهل أدعو الله به؟ وهل الله لا يحب أن يتعلق قلبي بغيره؟ هل أذهب للصلاة بالمسجد؟ علما أنه المسجد الوحيد بجوار منزلي يفتح للنساء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rewan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك حُسن العرض للاستشارة، نسأل الله أن يزيدك حرصًا وخيرًا، وأن يُسعدنا بفتح المساجد والعودة إليها، وأن يُلهمنا رُشدنا، وأن يُعيذنا من شرور أنفسنا.

لا شك أن رغبتك في الخير خير، والفتاة التي تُحبّ الشاب لصلاته وخشوعه ومسجده فيها خير، وهذا مطلبٌ شرعي، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما بالحلال، وأن ييسّر لكما الأمور، وأن يُلهمنا جميعًا رُشدنا، وأن ييسر لك الخير ويُقدر لك الخير ثم يُرضيك به.

هذا التعلُّق الذي في نفسك عليك كتمانه، ثم عليك الاستمرار في الصلاة في المسجد، ولا مانع أيضًا من التوجّه إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء، وهذا لا يُعتبر تعلُّقًا بغير الله تبارك وتعالى، لأن هذا الجانب جانب فطري في الإنسان، لكن ينبغي أن تأخذ الأمور حجمها، فالحب الذي يرضاه الله تبارك وتعالى هو ما كان في الله ولله وبالله وعلى مرضاة الله، فأنت لم تُحبي في الشاب المذكور إلَّا صلاته وخشوعه وتردُّده على بيت الله تبارك وتعالى، ولعلَّه أيضًا أعجبه منك هذا الجانب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ييسّر عليك وعليه، وأن يُقدّر لكما الخير.

فلا تتركي الذهاب للمسجد، وحافظي على ما أنت عليه من الوقار وغض البصر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على إكمال نصف الدّين، وأن يُعينه أيضًا على أن يُفصح عن ما في نفسه إذا كان له ميلٌ أو رغبة فعلاً في أن يكوّن العلاقة على كتاب الله وعلى سُنّة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

واجعلي قلبك أيضًا متعلِّقًا بالله؛ لأن الله هو الذي يُوصلك إلى الخير، فكلُّ شيءٍ بأمره، وهذا الكون مِلْكٌ لله تبارك وتعالى، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله، فلا مانع من أن تسألي الله أن يُيسّر لك ما تريدين من المطالب ومن ضمنها هذا الطلب، وهو طلبٌ مشروع طالما صاحبه غضٌ للبصر وحرصٌ على طاعة الله تبارك وتعالى، وحبٌّ للمسجد أصلاً قبل وجود هذا الشعور، ونسأل الله أن يوفقك لما يُحبُّه ويرضاه.

وهذه وصيتنا لكم جميعًا بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونشرف بتواصلك مع الموقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً