الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي وزوجتي لا تتفقان أبدا وأنا حائر بينهما، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

زوجتي وأمي لا يحبان بعضهما، أفعل قصارى جهدي من صغير الأشياء لكبيرها لكي ترضى عني أمي، ولكنها صعبة الإرضاء، وإن رضت فهي سريعة الغضب وخاصة من تصرفات زوجتي، على الرغم من أن ذلك قد يكون كلاما عاديا أحيانا، ونفس الوقت زوجتي تشعرني بالتقصير، وأنا لا أجد الراحة، وهذا يتعبني ويجعلني مشتتا، حيث كنت قبل الزواج أغلى الأولاد على قلب أمي، والآن باتت حتى لا تريد مني تقبيل يدها، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ Osama حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونسأل الله أن يُعينك على الوفاء بحق الوالدة، والوفاء بحق الزوجة، ونسأله تبارك وتعالى أن يؤلِّف القلوب ويُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.

نحن دائمًا نوصي أبنائنا – خاصّة البررة بأمهاتهم – عند يدخل أحدهم في مشروع الزواج أن يحرص على ما يلي:

أولاً: عليه أن يسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقه.
الأمر الثاني: عليه أن يُضاعف من بِرِّه لأمّه، فإذا كنت تزور الأم قبل الزواج أو تجلس معها أو تُقبّل رأسها مرتين قبل الزواج ينبغي أن تكون أربع أو خمس مرات بعد الزواج، تُضاعف البر الذي كان.

الأمر الثالث: ينبغي أن تتفق مع زوجتك على إكرام الوالدة، وأنت تقوم بإكرام والدتها وأهلها، وتُبيِّن لها أن إكرامها للوالدة يرفع من قيمتها عندك، وعلى زوجتك أيضًا أن تعرف أن الوالدة امرأة كبيرة وفي مقام أُمِّها، وهي صاحبة الفضل، واحتمالها منها وصبرها عليها هو نوع من حُسن المعاشرة لك، ومن أجل عين تُكرم ألف عين – كما في المثل المصري - .

كذلك أيضًا من المهم جدًّا أن تتجنب إظهار أي احتفاء زائد بالزوجة أمام الوالدة، لأن ذلك يكسر من خاطرها، الوالدة في مثل هذه الأحوال قد تحدث غيرة بين الزوجة وبين أم الزوج، وهنا ينبغي للمرأة أن تعرف أن أم الزوج ليست ضرَّة لها، بل مكانها في القلب مختلف، وحب الابن لها يعود النفع به على زوجته وأولادها، لأن ذلك يُوفّر لها البررة من الأبناء، ويجلب لها السعادة والنجاح في حياتها.

عليك أيضًا أن تُصبّر زوجتك وتدعمها معنويًّا، الزوجة تحتاج إلى دعم معنوي عندما تشتدّ عليها الوالدة، أو تحكم على بعض الأشياء، أو تتدخّل في بعض الأمور، هذا يحصل من أمهاتنا ومن كل كبيرة في السن. فالزوجة عليها أن تتحمّل هذا، ويجب عليك أنت أيضًا أن تُشجعها وتشكر صبرها واحتمالها، وهذا ما تحتاجه الزوجة، أي زوجة تجد دعما معنويا من زوجها تستطيع أن تصبر مهما كانت الصِّعاب، ومهما كانت المواقف.

وما يحصل من كبار السنّ قد لا يرضاه معاشر الشباب، لكن عند التأمُّل فيه مصلحة، فقد الدافع فيه خير، لكن قد تكون طريقة الإخراج – أو كذا – فيها إشكال أو فيها ما يجرح.

المهم عليك أن تبالغ في إكرام الوالدة، وعلى زوجتك أن تُبالغ في الصبر عليها، والإحسان لها من أجلك، وعليك أن تُبادل وفاء زوجتك لأمك وفاءً، وتبالغ في دعمها معنويًّا، وتجتهد في هذه الموازنة، فالشرع الذي يأمرك ببر الأم ويُشدِّد على هذا هو الشرع الذي ينهاك على ظلم الزوجة، واجتنب دائمًا الأمور التي فيها احتكاك بينهم، مواطن النزاع تجنّبها، فرِّق بينهم، مثل ما قالوا: (خلوا قواعد الاشتباك بعيدة)، لا تضع الأمور فيها احتكاكات في تصرفاتكم وفي العطايا وفي كل ذلك ينبغي أن تجتهد، حتى تأخذ كل قضية مسارها، ونعتقد أنك ستوفق بإذن الله إلى الخير.

فاستعن بالله واهتمّ بالوالدة، وضاعف برّها، وادعم زوجتك معنويًّا، واستعن بالله وتوكل عليه، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً